الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

حكاية

حياة ابو فاضل
A+ A-

ما أعظم فرحنا الأسبوع الماضي قبل نهاية عام استبدت الكواكب بشهوره وأحالته خلطة قلق وضياع تفتقر الى التناغم والسلام. جمع أسبوع قبل نهاية السنة عيد ميلاد السيد المسيح وعيد المولد النبوي الشريف، وسيتبادل مَن تبقى من ملوك وحكام العرب التهاني في المناسبتين، كأن ما ولد المسيح ولا محمد الا ليكتمل هناء الطبقة العربية الحاكمة والفاسدة باستمرار. ونحن في لبنان كنا نتهيأ منذ شهر تقريباً للاحتفال بعيد الميلاد، تجارياً، فتمتلئ صفحات اعلاننا بأخبار اثمن العطور والمجوهرات والشوكولا والنبيذ والحلوى. واشجار الميلاد الباسقة المنسّقة بذوق رفيع، تمتشق الهواء في مدننا وقرانا و"نتعايش" في هذا البلد الصغير الجامع كل الدروب التي تأخذ في النهاية الى "السماء"، وهذا الأهم.


وتحت سحر زينة مضيئة إمتدت أكوام نفايات ايضا ملونة، منتشرة فوق كل مساحات الوطن منذ شهور، تنتظر مصيراً مجهولاً مغمساً بعرق الشعب. ورافقت بهجة الأعياد نكسات اقتصادية متتالية، وقانون انتخاب غائب عن نظام "التعايش" الذي نفاخر به لافتين نظر الخالق الى اننا نتحمل بصبر فروقات كثيرة روحية فرضت علينا من السماء. ولا ننسى عقدة انتخاب رئيس للجمهورية: موضوع خلاف دائم داخل المذهب الماروني الواحد جاذباً مداخلات خارجية تزيد بلة الطين وتؤدي الى اهمال مستدام لكل مصالح الشعب في سبيل مصالح خاصة شخصية تمتد جذورها الى كل مساحات اقطاع، عتيق، متحجر، حيث الوطن مزرعة ارباحها بلا حدود للحكام، والمواطن مستهلك من دون رصيد.
نحن في عين عيدين شرقيين: عيد تاريخه بحسب نظام شمسي زمني، وعيد تاريخه بحسب نظام زمني قمري. وبين الشمس والقمر اكتمال طاقتين كان لا بد أن تؤديا في لبنان الى "تعايش" لمّا يتكلم عنه اللبنانيون يبدو كأنه قسري، مفروض على ابناء طائفتين وعدت تعاليمهما بسلام يشمل كل الارض... وما تحقق الوعد بعد، بل تحقق عكسه على مر عصور حروب دينية وغير دينية. و اليوم نشهد على احدى مراحلها الاشدّ فتكاً وبشاعة في ظل كذب دول كبرى وهيئة أمم تساهم في انتشارها وتعود لتحارب ارهابها، هادمة الحضارات، قاتلة الاطفال وقابضة على مستقبل البشرية بعيداً من قلب الحياة.
يا معلم، أتيت على أجنحة صحوة وعي من ألفيتين حاملاً الرسالة. ثم "تمأسست" الصحوة وتجزأت، واستمر الصراع البشري خارج حرية الفهم، فلقد أسر "الانسان" الرسالة داخل طقس وحكاية خطيئة، وحكاية خلاص، ثم داخل شجرة وزينة وهدية، وما بلغ سرّها العظيم، ولا بلغ قلبه بعد.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم