كيري متفائل بوقف للنار في سوريا... وبوتين:تحتاج الى النوم!

في لقائهما ليل أمس في #موسكو، قال الرئيس الروسي فلاديمير #بوتين لوزير الخارجية جون كيري إنه يتابع الجهد الكبير الذي يبذله لحل عدد من القضايا الشائكة. وعلى ذمة وكالة أنباء"سبوتنيك" الروسية أضاف:" حتى أننا لا نتمكن من متابعة تنقلاتك...انت بحاجة الى النوم"!؟.
حقاً، سجل كيري رقما قياسيا لناحية الرحلات الخارجية له.ومع انتهاء جولته الاخيرة له في أوروبا مطلع هذا الشهر وقبل توجهه الى موسكو، كان قد قطع رسميا957,744 ميلا ، خلال 87 يوماً من السفر.

كيري تجاوز سلفه هيلاري كلينتون التي اشتهرت داخل الادارة الاميركية بزيارتها 112 دولة ومساعدتها في اعادة تحسين صورة أميركا بعد السنوات الكارثية التي أمضاها جورج بوش في البيت الابيض.خلال توليها وزارة الخارجية، رعت المرشحة الرئاسية اتفاقاً لوقف النار بين اسرائيل وحركة المقاومة الاسلامية "حماس" في غزة عام 2012 ، وصاغت العقوبات الاقتصادية على ايران.

في ما عدا مساهمته الرئيسية في الاتفاق النووي التاريخي مع ايران، تبدو انجازات كيري متواضعة مقارنة بالاميال التي قطعها الى المنطقة وغيرها.
ومع ذلك، يقول يقول رئيس تحرير مجلة "النيويوركر" الاميركية ديفيد ريمنيك في بورتريه طويل ، إنه إذا كان هناك اي نوع من تقدم ديبلوماسي في سوريا، فانه سيعتمد على نحو كبير على كيري وشركائه المفاوضين. ويصف كيري بأنه أكثر صلابة من كلينتون، الى درجة الخطأ أحياناً، وأن لا شيء يبدد حماسته لعقد صفقة.

منذ بدء الازمة السورية، اتسمت سياسة الرئيس الاميركي بارك أوباما حيال هذا الملف بالتردد.رفض التدخل عسكرياً الى جانب المعارضة.وسياسياً ،فوّض الامر مراراً لموسكو.

وثمة اعتقاد سائد بين بعض خبراء السياسية الخارجية الاميركيين من ليون بانيتا، المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية "سي اي اي" الى ريتشارد هاس ،رئيس مجلس العلاقات الخارجية أن النزاعات التي بدأت نتيجة الانتفاضات العربية تتحول حربا ستستمر "ثلاثين سنة" وحمام دم اقليميا شبيه بالحروب الدينية في اوروبا الوسطى والتي بدأت مع تفكك الامبراطورية الرومانية عام 1618.
وفي موازاة هذا التيار، ثمة من يحمل واشنطن مسؤولية رئيسية في ما آلت اليه الامور في المنطقة. وفي حزيران الماضي، لخّص فيليب غوردون ،المسؤول السابق في مجلس الامن القومي الاميركي واقع السياسة الخارجية الاميركية في القرن الحادي والعشرين، وكتب في مجلة "بوليتيكو" :"في العراق، تدخلت أميركا واحتلت البلاد، وكانت النتيجة كارثة باهظة الثمن.وفي ليبيا، تدخلت أميركا ولم تحتل، والنتيجة كارثة باهظة الثمن.وفي سوريا، لم تتدخل الولايات المتحدة ولم تحتل البلاد، والنتيجة كارثة باهظة الثمن".
وفي الملف السوري وتبعاته تحديدا،لا يتردد المساعدون الكبار لكيري في التأكيد أنه مذ كان رئيساً للعلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ اختلف وزير الخارجية بقوة مع أوباما .وينقل ريمنيك عن أحدهم أن "أوباما يحبّذ تجنّب اي تورط يشكك في امكان نجاحه"، بينما كيري الذي يرى أن الازمة هددت استقرار الاردن ولبنان ودول أخرى في المنطقة، ووفرت قاعدة ل"داعش" في الرقة والرمادي "يؤمن أكثر بقدرتنا على تجنب انزلاق حاد".

نتائج خجولة

الجهد الذي يبذله كيري في الملف السوري جلي، وإن كانت نتائجه خجولة حتى الان. الساعات الثلاث التي أمضاها مع بوتين في موسكو نجحت في انقاذ اجتماع لسوريا مقرر الجمعة في نيويورك على مستوى وزراء الخارجية، وأتاحت توفير "ارضية مشتركة" بحسب تعبيره يمكن جماعات المعارضة المشاركة على اساسها في محادثات السلام السورية.

وقبل هذه "الارضية"، نجح كيري في جمع السعوديين والايرانيين الى الطاولة نفسها في فيينا. ومن أجواء الاجتماعات أن وزيري الخارجية السعودي عادل الجبير والايراني محمد جواد ظريف تبادلا اتهامات لاذعة. الوزير الايراني ذكر بأن 15 من منفذي هجمات 11 ايلول 2001 في الولايات المتحدة كانوا سعوديين ،بينما لفت الوزير السعودي الى الدور الايراني في الارهاب في المنطقة.وعندما انتقل النقاش الى الملف السوري، تبادل الجانبان الاتهامات بتغذية التطرف واستغلال الفوضى في المنطقة.

التقارير التي وردت من العاصمة النمسوية عكست أجواء فيها الكثير من التوتر. وفي الاجتماع الذي استغرق سبع ساعات ، راهن الوفد الاميركي مراراً على أن الجبير أو ظريف سيغادر. وفي النهاية لم تكن النتائج كبيرة، الا أن الاجتماع اكتسب أهمية كونه جمع للمرة الاولى السعودية وايران في محادثات لسوريا، وحدد جدولا زمنيا للتحول السياسي في سوريا ،وإن يكن لم يأت على ذكر مصير الاسد.
ليست أفق "فيينا السوري" واضحة بعد.مثابرة كيري واقتناعه بقدرة بلاده على تجنب "انزلاق خطير" ليسا كافيين وحدهما لايجاد حل سياسي لحرب أوقعت أكثر من 200 الف قتيل وهجرت ملايين وحولت مساحات شاسعة من البلاد ركاما.

هواجس كثيرة يطرحها رئيس تحرير "النيويوركر" تثير تشاؤماً في شأن مصير الجهد الجديد لسوريا، ويتساءل: ما الادوار التي ستضطلع بها الافرقاء المتحاربة في سوريا؟ وكيف يمكن روسيا وتركيا السير في اتجاه هدف مشترك في ظل التوتر بينهما على خلفية اسقاط أنقرة مقاتلة روسية؟ ما دور المعارضة المسلحة المنقسمة في المحادثات؟ ومن يمثلها؟ وتحت اية ظروف يتنحى الاسد؟ وإذا استبدل بشخصية علوية أخرى لماذا يقبل بها السنة؟ واذا حصلت انتخابات ، ماذا لو فاز الاسد؟ ولماذا تلقي "جبهة النصرة" سلاحها؟.

وسط أجواء التشاؤم هذه، ينعقد الجمعة اجتماع نيويورك الذي يندرج في اطار عملية فيينا والتي وقعت فيها 17 دولة، بينها روسيا وايران والسعودية، في 14 تشرين الثاني "خريطة طريق" سياسية لسوريا تنص على لقاء بدءا من الاول من كانون الثاني لممثلين للمعارضة السورية والنظام السوري، وتأليف حكومة انتقالية في غضون ستة أشهر واجراء انتخابات خلال 18 شهرا.

كيري يأمل أيضاً في أن يؤدي اجتماع الجمعة الى اتفاق لوقف النار.فرئيس الديبلوماسية الاميركية قال أمام رمنيك في عشاء في منزله أخيرا إنه متفائل في هذا الشأن ،وانه لا يزال مؤمناً برحيل الاسد. وعندما سأله ماذا يحصل بعد ذلك في ظل عدم وجود توماس جيفرسون سوري لتسلم السلطة، أجاب:"لا أعرف...ربما هناك الكسندر هاميلتون (أحد الاباء المؤسسين للولايات المتحدة أيضاً ومساعد أول رؤساء الولايات المتحدة جورج واشنطن)...من يعرف؟".وضحك قبل أن يواصل أن لا سبب يمنع من بروز شخص من النخبة العلمانية المثقفة ، مضيفا:"أعتقد أن فكرة أن طيبيب العيون المتخرج من لندن هو الشخص الوحيد القادر على ادارة سوريا هي مهينة للسوريين".

[email protected]
Twitter:@monalisaf