عن الأسد العجوز تشرتشل

كان رئيس الوزراء البريطاني الراحل وينستون تشرتشل شخصية بارزة إلى حدّ ان المراحل المفصلية في حياته معروفة جدا وأن الصور التي يجري تداولها عن "الأسد العجوز" كما عرف، مألوفة جدا، لتصير أي محاولة لاستعادته بمثابة مهمة شاقة.
في "وينستون: كيف استطاع رجل واحد أن يكتب التاريخ" لبوريس جونسون المنقول إلى الفرنسية لدى "ستوك" تتبدى القواسم المشتركة بين جونسون النائب المحافظ ورئيس بلدية لندن وبين شخصيته الرئيسية، وينستون تشرتشل. يشكو الإثنان من الوزن الزائد ويتحدران من بيئة أرستقراطية ويبيّنان عن فكاهة طافقة. لا يدّعي جونسون أنه يأتي بسيرة جديدة تضاف إلى تلك المتأنية المنشورة سابقا والتي قرأها كلها وإنما يقدّم تمرينا في الإعجاب، من دون أن يكون كتابه سيرة تقديسية.
في كتابه يقدم جونسون ما يشبه البورتريه المتعلّق بـ "الرجل الذي كتب التاريخ" وبـ "أهم رجل في تاريخ العالم" ولكن من دون أن يخفي نقاط ضعفه وإدعاءه. والحال انه يختم نصه كاتبا "تمتّع تشرتشل بغرور هائل، غير ان ثمة جوانب عدة تمكّنت من التخفيف من وطأة هذا الغرور، أي فكاهته وتهكّمه وإنسانيته العميقة وتفهمه وتعاطفه مع الآخرين والتزامه بمصلحة الدولة وتمسكه بحق الشعب الديموقراطي في طرده من السلطة من طريق الإنتخابات، والحال ان الشعب لم يتردّد في فعل ذلك".
أما في كتاب فيليب الكسندر وبياتريكس دو لولنوا "كليمانتاين تشرتشل: زوجة الأسد" (لدى "تالاندييه") فتجري دعوتنا إلى شامبون بغية أن ندرك المكانة البارزة إن لم نقل المحورية، التي احتلتها كليمانتاين تشرتشل في حياة زوجها. أما المصدر الأساسي للكتاب فرسائل تبادلاها خلال نحو ستة عقود وجُمعت في كتاب "الرسائل الحميمة: 1908-1964" وصدرت في 2013 لدى "تالاندييه"، وأؤتمنت على اظهار ما ربطهما أي الحنان والجدية والسحر. على خلفية هذه النصوص يتقدّم السرد ليبرهن كيف استطاعت كليمانتاين أن تفتتن بزوجها من دون أن تتخلى عن شخصيتها. والحال انها عرفت كيف تخفف من غضبه وتضمد جروحه، وكيف تنصحه وتواسيه أيضا. أما الاحترام المتبادل بين الإثنين فقابله حبّ كبير أيضا.