الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"الذهب الأخضر" مهدّد في تونس

المصدر: (أ ف ب)
"الذهب الأخضر" مهدّد في تونس
"الذهب الأخضر" مهدّد في تونس
A+ A-

حين بدأ المزارع التونسي عمر سلامة عمله في الارض قبل ثلاثين عاما لم يكن يتصور ان يأتي يوم يضطر فيه لري الاشجار على نفقته الخاصة، لان الامطار "كانت منتظمة والمحاصيل جيدة، أما اليوم فالأمور مختلفة تماما"، كما يقول.
ويشكو هذا المزارع البالغ من العمر 65 عاما اثار التغيرات المناخية على 125 الف زيتونة في ضيعته التي تمتد على 230 هكتارا في مرتفعات برج السوقي في ولاية بن عروس شمال شرق #تونس.


ويقول: "بفعل التغيرات المناخية، صار محصول زيت الزيتون يتقلب من عام الى آخر كتقلبات الطقس تماما، وقد ينزل انتاجنا من 300 طن الى 30 طنا (من الزيت) خلال عام واحد".


ويعتبر تصدير "الذهب الاخضر" أحد أعمدة الاقتصاد في تونس التي تنتج زيت الزيتون منذ ثلاثة الاف عام.
وفي 2015، أنتجت تونس 340 ألف طن من زيت الزيتون صدرت منها 312 ألف طن، ما وفر لاقتصاد البلاد العليل إيرادات مالية بقيمة الف و995 مليار دينار (919 مليون أورو).


وتمكن الاقتصاد التونسي بفضل هذه الايرادات "القياسية" من "تجنب الأسوأ" في 2015، على حد تعبير وزير المالية سليم شاكر.
وبهذه النتائج "غير المسبوقة" أصبحت تونس أول مصدر لزيت الزيتون في العالم وفق وزارة الفلاحة التي توقعت في المقابل ان ينخفض الانتاج في 2016 الى 150 ألف طن.


ويقول شكري بيوض المسؤول في الوزارة إن عدم انتظام محصول زيت الزيتون من سنة الى أخرى هو أبرز تحد تواجهه الفلاحة التونسية، مذكرا انه حصل في السابق ان نزل الانتاج من 300 الف الى 30 الف طن في عام واحد.
ويرجع المسؤول هذا الامر الى التغيرات المناخية وارتفاع درجات الحرارة وتتالي سنوات الجفاف.


ويقول "في السابق كنا نشهد جفافا بمعدل عام على خمسة أعوام، أما اليوم فأصبح المعدل عامين على خمسة، وهذا نتيجة التغيرات المناخية".
ولأجل توفير الماء للاشجار، ينفق عمر سلامة "اموالا طائلة لحفر بئر عميقة وبناء أحواض لخزن مياه الامطار، لكن تتالي سنوات الجفاف أدى الى ارتفاع ملوحة مياه البئر ثم نضوبها"، كما يقول.


ويشير بيده الى بحيرة جبلية نضب ماؤها بسبب الجفاف بعدما كانت وزارة الفلاحة اقامتها لخزن مياه المطر بهدف استعماله في ري اشجار القرى المجاورة.


ويضيف: "في المقابل قد تنزل امطار طوفانية في عز الصيف فتجرف التربة وتضر بالاشجار ما يجعلنا ننفق مزيدا من المال لمقاومة الانجراف".


تعد تونس اليوم أكثر من 80 مليون شجرة زيتون تقع 80 % منها وسط البلاد حيث المناخ شبه الجاف وفي الجنوب حيث المناخ الجاف، وفق شكري بيوض.
وبحلول سنة 2030 قد يتراجع انتاج حقول الزيتون في هذه المناطق بنسبة 52 في المئة بسبب ارتفاع درجات الحرارة المتوقع، وارتفاع حدة تتالي السنوات الجافة، بحسب دراسة حديثة اعدتها وزارة الفلاحة التونسية والوكالة الالمانية للتعاون الدولي.
ويعتبر خبراء هذا السيناريو "كارثيا" من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية لان فلاحة الزيتون مورد أساسي لنحو 390 ألف فلاح من أصل 560 الفا في تونس.
ويقول شكري بيوض ان زراعة الزيتون تمثل مورد رزق لنحو مليون تونسي (حوالى عشر سكان البلاد) من فلاحين وعمال واصحاب معاصر وشركات تعليب الزيت (وضعه في قوارير او اسطوانات معدنية) وتصديره.


يشدد بيوض على ضرورة التحرك لمواجهة هذه التحديات قائلا "لن نبقى مكتوفي الايدي، علينا التأقلم مع التغيرات المناخية، وقد شرعنا في تنفيذ خطة لتحقيق استقرار في إنتاج الزيتون والزيت خلال السنوات المقبلة".


وتشتمل الخطة على التوسع في غرس اشجار الزيتون المروي في سبع ولايات شمال البلاد الممطر.
ومطلع تشرين الثاني الحالي شرعت وزارة الفلاحة في غرس خمسة ملايين شجرة زيتون على مساحة 50 ألف هكتار في ولايات بن عروس ونابل وزغوان وبنزرت (شمال شرق) والكاف وسليانة (شمال غرب) بكلفة 39,5 مليون دينار (نحو 18 مليون أورو).
وسيكتمل هذا المشروع سنة 2020 بحسب شكري بيوض.


وتشتمل الخطة ايضا على "ري اشجار الزيتون في المناطق الجافة ثلاث مرات في السنة اي ما يعادل كمية 150 ميليمترا من الامطار وهو الحد الادنى من الماء الذي تحتاجه الزيتونة للانتاج".


كذلك، تنص الخطة على "تشجيع غراسة الاصناف المحلية (من اشجار الزيتون) المقاومة للجفاف، اي التي بإمكانها الانتاج حتى في ظروف مناخية قاسية".


ويرى عمر سلامة ان "تونس ليست دولة ملوثة للمناخ، ومع ذلك فهي تدفع فاتورة التغيرات المناخية التي تسببت فيها الدول الصناعية الكبرى".
ويقول "على هذه الدول ان تتحمل، على الاقل، تكلفة البحوث العلمية اللازمة لتطوير شتلات وبذور زراعية قادرة على التأقلم مع التغيرات المناخية وخاصة تتالي سنوات الجفاف".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم