الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

انتشار المواقع العسكرية لـ"حزب الله" في قضاء جزين يحرم أصحاب الأراضي حق دخولها واستثمارها

جزين – رلى خالد
انتشار المواقع العسكرية لـ"حزب الله" في قضاء جزين يحرم أصحاب الأراضي حق دخولها واستثمارها
انتشار المواقع العسكرية لـ"حزب الله" في قضاء جزين يحرم أصحاب الأراضي حق دخولها واستثمارها
A+ A-

عرفت منطقة جزين أشكالاً متنوعة من السيطرة على ممتلكات عامة وخاصة، فرضتها ظروف أمنية عدة، وتعاقب "المسيطرون" على بعض الأماكن المحدّدة انطلاقاً من كونها مواقع أو مراكز استراتيجية.
فمنذ العام 1976، تاريخ دخول الجيش السوري الى قضاء جزين في اطار "قوات الردع العربية" بذريعة وقف الحرب الأهلية، تمركزت هذه القوات في أملاك عامة وخاصة، حولتها مراكز وثكنات عسكرية نظراً الى موقعها العسكري الاستراتيجي، ومن هذه المواقع آنذاك مستشفى جزين الحكومي الذي تحوّل نقطة مهمّة للقوات السورية.
تعاقبت الاحتلالات وتوالت على المنطقة، ليخرج السوري العام 1982 إثر الاجتياح الاسرائيلي للجنوب. وبعد تهجير قرى وبلدات شرق صيدا العام 1985، تحوّلت مباني المدينة الجامعية، التي شيّدها الرئيس رفيق الحريري في كفرفالوس بعدما نهبت وقصفت، خط التماس الأول للمحتل الاسرائيلي، إضافة الى أملاك خاصة وأحراج وتلال أصبحت مواقع عسكرية في صيدون وشقاديف وأنان وبسري والتومات وكروم الأرز، وغيرها من المواقع على طول الخطين الغربي والشرقي لمنطقة جزين.
وتمركزت قيادة "جيش لبنان الجنوبي" آنذاك في مبنى تابع لوقف البطريرك بولس المعوشي في جزين، وبقي ثكنة عسكرية حتى الانسحاب من منطقة جزين العام 1999.
بعد تحرير الجنوب العام 2000، فتحت الطرق وأعيد وصل ما قطعته سنوات الاحتلال، وعاد الجنوب الى حضن الوطن، لكن ما لبث أن برزت معضلة جديدة، تمثلت بمصادرة بعض المواقع والأراضي الخاصة في المنطقة باعتبارها مواقع أمنية للمقاومة لا يسمح للمواطنين بالاقتراب منها، ويُمنع على أصحابها الدخول اليها. ومع الوقت، تنامت المشكلة وبدأ أهالي المنطقة يتململون من هذا الوجود غير المفهوم بالنسبة اليهم.
ووفق معلومات خاصة لـ"النهار"، تنتشر هذه المواقع الأمنية في أماكن عدة، من جبل طورا جنوب شرق مدينة جزين على مسافة مباشرة تقدر بكيلومترين، الى خراج بلدة مليخ، مروراً بمحلة الرمّانة على مسافة ثلاثة كيلومترات جنوب جزين، فمزرعة الرهبان على مسافة خمسة كيلومترات جنوب المدينة، وصولاً الى جبل صافي وسجد، فمحيط دير المزيرعة شرقاً على مسافة ستة كيلومترات، وتومات جزين ومحلة عين الخوخ والمرامل المشرفة شرقاً على مدينة جزين والمطلة على البقاع الغربي إلخ... وكلها أملاك خاصة تعود الى ملّاكين من جزين وبكاسين وغيرهما من البلدات، الى املاك عائدة الى رهبانيات، تخضع جميعها لقرار واحد من "حزب الله"، يُمنع بموجبه المدنيون من الاقتراب منها.
ويؤكد أصحاب الأراضي المصادرة "أن عناصر الحزب لم يتعرضوا لهم يوماً بأي إساءة وعاملوهم بكل احترام ولا يزالون، لكنهم من اللحظة الأولى رسموا لهم الخطوط التي لا يستطيعون الاقتراب منها، مؤكدين لهم أنهم لن يعترضوا طريقهم ولن يظهروا أمامهم اطلاقاً في حال التزموا من جهتم هذه الخطوط، لكن ذلك لا يكفي لأننا في الاساس محرومون الدخول الى أراضينا لاستثمارها"، وفق ما قالوا.
وقد سجلت في الاعوام الأخيرة حوادث عدة مع مجموعات الصيادين والاهالي، الذين كانوا يقتربون بلا قصد من المواقع العسكرية التابعة للحزب.
من جهة أخرى، لا يقتصر انتشار المواقع الأمنية على المناطق الجنوبية والشرقية الجبلية من منطقة جزين، بل يتوسّع منذ أعوام ليشمل المناطق الوسطى والساحلية. ويُسجل في هذا الاطار وجود مواقع أمنية في أملاك خاصة تمتد من خراج بلدات سنيّا وبصليا وزحلتا في اتجاه بلدة جباع في إقليم التفاح، وفي محيط صيدون وريمات وشقاديف في اتجاه كفرفالوس شمالاً.
ووفق مواطنين، لم يحدث منذ مدة بعيدة اي تصادم بين أبناء هذه المناطق وعناصر الحزب الذي تبعد مواقعه من 200 الى 250 متراً عن آخر منزل مأهول في بلدة سنيّا، علماً أن المواقع الأمنية من سنيّا الى بصليا تنتشر في أراض خاصة مملوكة، بعضها يتعذر الدخول اليه بسبب وجود ألغام من مخلفات الحرب والقسم المتبقي لا يمكن الاقتراب منه بسبب وجود عناصر الحزب.
مخاوف وهواجس تشغل أهالي تلك البلدات، خصوصاً أنهم يسمعون بشكل شبه يومي وعند الغروب دويّ انفجارات، يعتقدون انها تنفذ في هذا الوقت لكي لا يجري تحديد موقعها، ويتحدثون عن حفر خنادق ومراكز تحت الارض، أقل ما يمكن ان يقال عنها أنها محصّنة بشكل لافت، نظراً الى شحنات الأتربة والرمول والحصر والاسمنت التي تستقدم يومياً الى هذه الأماكن.
في المقابل، ليست كل الأحكام سلبية حيال هذا الوجود، إذ يجد الأهالي فيه ناحية ايجابية لجهة الاطمئنان والراحة اللذين يوفرانه لتنقلاتهم الليلية على هذه الطريق، فيسلكونها واثقين من عدم تعرّضهم لأي سرقة أو اعتداء محتمل!
وتشير معلومات خاصة الى أن الحزب حاول مراراً إقناع أصحاب الاراضي، باستئجارها، فلا يكون وجوده مثيراً للامتعاض أو غير شرعي، لكن الأهالي رفضوا هذا الاقتراح.
ولكن هل من الجائز أن يُحرم أصحاب هذه الأراضي في زمن السلم والتحرير، حقهم القانوني في دخول أراضيهم واستثمارها؟ وما هي مبررات هذا الوجود وفق الحزب على رغم المسافة الكبيرة التي تفصل هذه المناطق عن الحدود اللبنانية – الاسرائيلية؟

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم