الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

هدوء... اتركوا الثورة تنام

سميرة المسالمة - كاتبة واعلامية سورية
هدوء... اتركوا الثورة تنام
هدوء... اتركوا الثورة تنام
A+ A-

فيينا التي تقع على الجزء الغربي من حرستا -حسب رأي مواطن سوري في الغوطة -تساوي فيينا التي تقع وسط أوروبا بكل ضيوفها من وزراء خارجية المجتمع الدولي.


فكلاهما محاصر بالعجز عن احداث تغيير حقيقي في مسارات الحل السياسي، الذي يبحث عنه مناصرو الثورة السورية من جهة، وفي الوقت عينه من يرون أن سوريا الأسد لن تكون إلا كما هي عليه سوريا قبل ١٨ آذار ٢٠١١ من جهة أخرى ، وبين المعارضة "اللايت "التي تريد حلاً سياسياً تدّعي هي امتلاكها مفاتيح أبوابه المغلقة بين الطرفين السابقين .


لم تقدم ورقة فيينا٣ المتفاهم عليها شيئاً جديداً عما قدمه الأسد سابقاً عندما قال أنه يقبل بحكومة موسعة يتولى بعض حقائبها معارضون ، (مبادرة الأسد التي جاءت بعد ٢١شهرا من الثورة ) فالمبادرة الروسية لم تأت إلا بصياغة جديدة وربما اعادة ترتيب الأوليات لما قاله آنذاك رئيس النظام من على منبر دار الأسد للثقافة والفنون ، حيث أعلن عن مراحل ثلاث تنتهي إلى تشكيل حكومة جديدة وفق دستور جديد ، شرط أن تبدأ العملية السياسية بالتزام الدول المعنية "ويقصد العربية "والاقليمية والدولية بوقف تمويل وتسليح وايواء المسلحين وتوقيف عملياتهم، التي تليها بعد ذلك التزام قوات الأسد بوقف العمليات العسكرية، ثم تدعو الحكومة القائمة إلى حوار وطني ينتج ميثاقا يتم طرحه على الاستفتاء الشعبي، يتمسك بسيادة سوريا ووحدة أراضيها ورفض التدخل في شؤونها ونبذ الارهاب والعنف .


وبعد ذلك تشكيل حكومة موسعة تتمثل فيها مكونات المجتمع السوري، وتشرف على صياغة دستور تقوم على اساسه انتخابات برلمانية وتشكيل الحكومة الجديدة التي ستعقد مؤتمراً للمصالحة والشروع بتأهيل البنى التحتية واعادة الاعمار .


من يستعيد ذاكرته إلى تلك المبادرة ويقارن بما تم التوافق عليه خلال اجتماعات ثلاثة في فيينا يعرف حجم التغيرات في المواقف الدولية التي رفضت تلك المبادرة وكنا آنذاك نتحدث عن ستين ألف شهيد، ودمار ربع ماهو عليه واقع الحال اليوم .


"فيننا ٣" التي لم تقارب مايتعلق بمستقبل الأسد وحجم مشاركته بالمرحلة الانتقالية ومابعدها، تساوي فعلياً مبادرة الاسد الذي اعتبر نفسه منذ اليوم الأول وحتى الآن فوق التسويات وخارج المطالبات التي ترغب باسقاط نظامه وليس هو.


ضجيج الثورة بات يزعج المجتمع الدولي الذي قرر خلال اجتماعاته أن يوهم بايجاد حلول ممكنة قريبة، شرط أن تخمد الأصوات العالية، فدفعهم إلى استراحة اجبارية لشهر آتٍ تأخذ فيها الرياض زمام المبادرة بالدعوة لمؤتمر يصعب تسميته للمعارضة السورية، فحسب الأسماء المسربة حتى اليوم هو مؤتمر لأشخاص يحسب كل منهم على دولة بما فيهم من يحسب على النظام نفسه كالنائب السابق لرئيس الجمهورية فاروق الشرع ورئيس وزرائه السابق عادل سفر وكذلك قدري جميل الذي يتقاسم تبعيته بين النظام وروسيا ، وأسماء يعتبرها الشارع السوري أقرب إلى تجار الأزمة منهم إلى معارضين . هذا اضافة إلى أسماء كثيرة لاتعرف عن سوريا أكثر مما تذيعه عنها الأخبار المتداولة .
لكن رغم ذلك، فالأمل معقود من خلال المؤتمر على شخصيات كانت جزءا من الثورة رغم ضعف تمثيلها الحقيقي كنسبة وتناسب مع الآخرين .


ما ينتجه مؤتمر الرياض من أسماء مهمتها التفاوض مع النظام وهي ما ستكون لاحقاً واحدة من العثرات التي ينشغل بها المجتمع السوري داخلاً وخارجاً . وهي فرصة اضافية لتمدد النظام على حساب معارضيه المسلحين الذين لن يقبلوا بما تنتجه قاعات المؤتمر ، مما سيعني ضمنياً تنفيذ البند الأول للنظام بوقف تمويل معارضيه ودعمهم.


ترحيل مناقشة الحل الحقيقي أو البت فيه لما بعد عامين تقريباً مع توهمات العمل السياسي هو المطلوب حالياً ليتفرغ هذا المجتمع الدولي بحربه على المسمى " تنظيم الدولة " مما يستوجب من الجميع الهدوء والاستسلام لوهم الحلول القادمة والانقضاض على ما يمنح للمدعوين من فرصة أن يكونوا شركاء في حكومة مشتركة تقرر لاحقاً مصير الأسد عبر الرجوع إلى طاولة مفاوضات جديدة ربما لن تكون جنيف أو فيينا بعد أن تعرف عليها المجتمعون بكل جمالياتهما .
إلى اعلان جديد عن مدينة جديدة تستقبل الوفود المطلوب : هدوء لتنام الثورة ...

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم