السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

في بيت أحمد عمّار الذي قتل في المعاملتين: " لم يكن يريد الذهاب ولكنّهم ألحّوا عليه\r\nليحتفلوا بعيده"

المصدر: "النهار"
فيفيان عقيقي
في بيت أحمد عمّار الذي قتل في المعاملتين: " لم يكن يريد الذهاب ولكنّهم ألحّوا عليه\r\nليحتفلوا بعيده"
في بيت أحمد عمّار الذي قتل في المعاملتين: " لم يكن يريد الذهاب ولكنّهم ألحّوا عليه\r\nليحتفلوا بعيده"
A+ A-

فيما كان المسؤولون، عشية أمس، مهمومين باجتماعاتهم الشكليّة للاتفاق على آلية لدفع رواتب العسكر المستحقة، كان هناك ضباط وعناصر في الجيش يستبسلون في الدفاع عن الحدود، وآخرون يسهرون على أمن المواطن، وكان كلّ من مارون خوري وميشال الرحباوي ورفاق لهما من مديريّة مخابرات الجيش يدهمون أحد الملاهي الليليّة، للقبض على مطلوبين بتهم متعلّقة بتجارة المخدّرات.


فجر اليوم، خرج الدخان الأبيض وحُوِّلت رواتب العسكر، فرحة لم يتلقفها خوري والرحباوي، ولا أهلهما الذين وصلهم خبر استشهادهما، وكأن أبطال الجيش لا يكفيهم الإرهابيون على الحدود ولا تجّار الدين والسياسة في الداخل، بل أضيف إليهم تجّار المخدّرات ليتحوّلوا فرائس سهلة لهم. انضمّ الرحباوي إلى والده شهيد نهر البارد، وأضيف اسم خوري إلى لائحة شهداء الشرف والتضحية والوفاء، في زمن باتت فيه واجبات العسكري الاستشهاد فحسب وحقوقه ضائعة ومهضومة.


كيف وقعت الحادثة؟
في الرواية الأمنيّة: "فجر اليوم وأثناء قيام دوريّة تابعة لمديريّة المخابرات بالتقصّي عن بعض المخلّين بالأمن في ملهى (Wet Club) الليلي في المعاملتين – جونية، بادر المطلوب مهدي حسين زعيتر ومرافقوه إلى إطلاق النار في اتجاه الدوريّة، ما أدّى إلى استشهاد كلّ من الرقيب أول مارون خوري والجندي ميشال الرحباوي. ردّ عناصر الدوريّة على النار بالمثل، فنتج من الاشتباك مقتل زعيتر والمطلوب أحمد علي عمّار وأربعة مواطنين كانوا برفقتهما. والمطلوبان المذكوران بحقّهما 11 بلاغ بحث وتحرٍّ و6 مذكّرات توقيف، لارتكابهما جرائم منظّمة مختلفة. وعلى الأثر كلّف مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكريّة القاضي صقر صقر الشرطة العسكريّة إجراء التحقيقات الأوليّة، وكلّف الطبيب الشرعي والأدلّة الجنائيّة بالكشف على الجثث ووضع التقارير الفنيّة بنتيجة المعاينات.


يُعتبر مهدي زعيتر (المعروف باسم جعفر) والبالغ من العمر 18 سنة، من تجّار المخدّرات الصغار الذين يتنقلون بين الملاهي الليليّة، تربطه صداقة بأحمد عمّار (المطلوب الثاني بحسب بيان مديرية التوجيه في الجيش)، وعمران المصري وهو من سكّان حارة حريك في الضاحية الجنوبيّة، وحمزة عزيز. أمّا عمّار فهو على علاقة عاطفيّة بميرنا أبو زيد التي تقطن في حي السلم وهي من بلدة علي النهر البقاعيّة، وقد أُّلغي حسابها على الفايسبوك بعد ساعات من وقوع الحادثة، وبرفقتهم فتاة من آل أبو رجيلي.


أجواء عائلة عمّار
في سوق الجمّال في الشياح حيث يقطن عمّار وعائلته، اتشحت المنطقة بالأسود، وتجمّع أصدقاء الشاب وعائلته، حيث طغى عويل النساء وبكاء أمه وشقيقته على كلّ الأصوات. تقول الوالدة لـ"النهار": "ذهب ابني للاحتفال بعيد ميلاده، وكانت هديته رصاصة في الرقبة. الله لا يسامحهم، أتمنى لمن قتل ابني مصيراً مماثلاً، فيحترق قلب والدته عليه. لقد ظلمونا كثيراً، لماذا يقتلون خمسة أشخاص وهم يلاحقون مطلوباً واحداً؟".


تطرح الأم الكثير من الأسئلة؟ تطالب بفتح تحقيق وبأن تستردّ حقّ ابنها، الذي تعتبره شهيد الغدر، وتقول: "اتصلوا بنا صباحاً ليبلغونا عن الحادثة، لم يكن خبر وفاته مؤكّداً حتى الظهر. لقد أصيب ابني في رقبته، لماذا لم يرموا الرصاص على القدمين؟ لماذا قتلوا شباباً يسهرون فقط؟ مهما كان السبب لماذا قتلوهم؟ لماذا يقولون أن في حقّه مذكّرات توقيف وهم لم يطلبوه يوماً ولم يوقفوه على أي حاجز أمني؟ في أي دولة نعيش؟ نحن في دولة لا تستقوي إلّا على الضعيف".


بين زعيتر وعمّار
السبت المنصرم، تزامن مع ذكرى ميلاد عمّار الثانية والعشرين، فأعدّت له أبو زيد مفاجأة في منزله، دعت إليها شلّة من الأصدقاء والأقارب من ضمنهم قتلى الحادثة، ثمّ اتفقوا على إكمال الاحتفالات في اليوم التالي في الملهى الليلي في المعاملتين، وفق ما تؤكّد عمّته دينا لـ"النهار" وتضيف: "لم يكن يريد أحمد الذهاب، ولكنّهم ألحّوا عليه فرضخ لرغبتهم. وهناك وقعت الحادثة".


تؤكّد العمّة أن كلّ الأخبار التي انتشرت هي كذب محض، نافية كلّ ما تردّد عن كون ابن شقيقها مطلوباً وفي حقّه مذكّرات توقيف أو بلاغات بحث وتحرٍّ: "أحمد لم يكمل دراسته الجامعيّة ولا يعمل، ولو كان مطلوباً ما كان ليتجوّل بطريقة طبيعيّة من منطقة إلى أخرى، وما كان ليسكن في منزله الذي لم يدهمه أحد يوماً. من المعيب كيل الأكاذيب وانتهاك أعراض الناس وتشويه سمعتهم. لقد اتهم أحمد وخطيبته بتجارة المخدّرات والدعارة من دون دليل، وهذا كلّه كذب".


وتتابع: "مهدي زعيتر الذي نعرفه باسم جعفر مطلوب، ولكن ذلك لا يعني أن ابننا مثله، حتى لو كان على صداقة معه. لو كان تاجر مخدّرات لما كان ليسكن في بيت متواضع، وما كان نام ليالي مع أخوته وأمّه من دون طعام. شقيقي يموت في السجن على ابنه. غير مسموح أن يموت أربعة شباب وفتاتان بهذه الطريقة وأن نغطّي الأمر بكيل الأكاذيب".


في سوق الجمّال!
من حق الدولة أن تدهم أي مكان بحثاً عن مطلوبين ولكن أحمد مات غدراً، على ما يقول سكّان وأصدقاء له في الحيّ، ويضيف أحدهم: "أحمد من أنظف الشباب في المنطقة، ولم يخطئ يوماً بحق أحد، كلّ ما قيل في الإعلام مغلوط. نسأل الله أن يرحم شهداء الجيش وقتلانا، ونطالب بفتح تحقيق في الحادثة لمعرفة كلّ ملابساتها".


وعن صور الأسلحة التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي يقول: "لم يحمل أحمد سلاحاً في حياته، أمّا تلك الصور التي انتشرت له وهو يحمل السلاح مع الشباب، فقد التقطت بمناسبة عاشوراء. نحن نسكن في الضاحية والكلّ يعلم أننا مهدّدون. كما أن السلاح تنظيمي ووزّع علينا لحماية أهلنا خلال المسيرة، وليس سلاحاً شخصياً. نحن لسنا مافيات".


التحقيقات ما زالت جارية، وكلّ رواية تقابلها رواية أخرى، لكن الأكيد أن العسكر والشباب هم ضحايا دولة متفكّكة، وأمن سائب وفق المحسوبيّات.


[email protected]


Twitter: @VIVIANEAKIKI


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم