الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

فكري بإيجابية لتحدِّي المرض!

سلوى أبو شقرا
فكري بإيجابية لتحدِّي المرض!
فكري بإيجابية لتحدِّي المرض!
A+ A-

للعائلة دور كبير في دعم المريضة المصابة بسرطان الثدي ومساندتها خلال مراحل التشخيص والعلاج. وللزوج مسؤولية معنوية أولها تقبل التغيرات الجسدية التي تمرُّ بها زوجته لجهة تساقط الشعر أو استئصال الثدي. أما المرحلة النفسية فيجب أن يكون ملؤها الحنان والعاطفة والمودة التي تساهم في استمرار الأجواء العائلية المُريحة نفسياً والمُشجعة.


الخوف من الموت


"يشكل خبر الإصابة بمرض سرطان الثدي صدمة كبيرة للمرأة وخوفاً من الموت ومن عدم عيش حياة طبيعية، فتحتاج إلى متابعة من قبل الطبيب والممرضات والعاملين في المستشفى، إلاَّ أنَّ حال الصدمة الكبرى يمنعُها من سماع النصائح من المختصين"، بحسب ما تشير إليه المعالجة النفسية رنا حداد في حديث لـ"النهار"، "وتعتبر المرحلة الأولى صعبة تؤثر في نظرتها إلى جسدها. وعندما تعود إلى المنزل بعد تلقي العلاج يبحث المحيط العائلي عن كيفية مساندتها ومساعدتها فتشعُر بأنَّ عليها مواجهة الناس. من ثمَّ تبدأ بالشك في قدرتها على استكمال المسؤوليات التي كانت مُلقاة على عاتقها سابقاً. فتشعر بأن ما من أحد يفهمها وتكون بحاجة إلى معالج نفسي لتفسير وتخفيف وطأة القلق الذي تشعر به. ويطرأ سؤال في بالها حول حياتها الزوجية والعائلية، فيبرز شعور بعدم الاستقرار إذا ما تواجدت خلافات بين الشريكين قبل المرض، ما يزيد حكماً من الشرخ بينهما، أما إذا كان الثنائي متماسكاً يقوي المرض علاقتهما، ولكن ذلك ليس بالأمر السهل".


قوَّة الكلمات


في هذا السياق، يؤكد ميلاد حدشيتي، الاختصاصي بعلم الصورة الشخصية والماركة الاجتماعية والبرمجة اللغوية العصبية أنَّ عبارة "محاربة السرطان" هي سلبية بحدِّ ذاتها، خصوصاً عندما تجتمع عبارة الحرب مع عبارة السرطان فترتبط الاثنتان بمفهوم الموت. من هنا، جاءت الحملة التي أطلقتها بعنوان: "الحرب فيها ربح وخسارة، ما تحاربي #السرطان... تحديه لتتغلبي عليه". قوة الكلمات هي الأساس، والابتعاد عن السلبي منها ضروري، عبر استبدالها بأخرى إيجابية ومُحفزة. هناك معتقدات خاطئة عن المرض تفوق الخيال، فيبدأ المحيط العائلي للمريضة بتذكيرها بالمرض بشكل دائم، عوض أن يخفف عنها، يزيد البعض من أسئلتهم، أو على العكس يحاولون تجاهل المرض، وفي كلتا الحالين لا يساعدانها. فالمرض الذي يُصيب المريضة في جسدها، يصيب بدوره كيان العائلة ككل التي تتصارع مع ضرورة تقبُّل الفكرة. من ثمَّ يصبح السرطان مرادفاً للمريضة، أي يتم تحويل الشخص إلى مرض، ولا نرى فيه سوى السرطان، وكلما أردنا ذكره، رددنا تالياً أنه مصاب بالسرطان. من البديهي، أن نجعل العائلة تتعاطى بمفهوم إيجابي مع المرض، عبر تفادي تذكير المرأة بأنَّها مريضة وأنَّ الأخير سيقوى عليها. كذلك، لا يمكن لهم تجاهل إصابتها، عبر القول إنَّ الحياة جميلة والأمور تسير بشكل طبيعي، لأنها ستعتبر نفسها موضع استهزاء وتهكُم. لذا، يجب أن تتعامل العائلة مع المريضة المصابة بالسرطان بطريقة طبيعية عبر تفهُّم الفكرة الكامنة بأنَّ المرض جزء من حياتها وليس كل حياتها".


التصالح مع مشاعرنا


يضيف حدشيتي "المشكلة تكمن في أن الناس تربط بين السرطان والموت، فبات الأمر وكأنه حتمي. كما أنَّ الإعلام يؤدي أحياناً دوراً سلبياً في هذا الصدد، خصوصاً أنه يُبرز قصص مشوهة عن المرضى المصابين بالسرطان، ولا يسلط الضوء على حالات شُفيت وتحدَّت المرض ونجت. إضافةً إلى ذلك، نحن نولد مبرمجين على التفكير بسلبية وبأن السرطان = الموت، عليكِ تحدي السرطان للتغلب عليه، ليس عليكِ محاربته لأنَّ في الحرب ربحاً وخسارة. إلى ذلك، أقول للمرأة المصابة بسرطان الثدي أنَّ عليها الاستيقاظ كل يوم بامتنان، مفكرةً بأنَّ يوماً جديداً قد بزغ، لا يجب أن تنسى قوة اللحظة. عليها أن تكون ممتنة على كل يوم إضافي تعيشه، مبتعدةً عن فكرة الموت، حُكماً جميعاً سنموت يوماً ما، لذا، لا يجب أن تبقى مهمومة. ثمَّ لتفكِّر، ما تسعى الحياة إلى تعليمها إياه؟ من الممكن أن تبدأ بالإفصاح عن مشاعرها للناس، أن تحب جسمها أكثر، أن تأكل بطريقة صحية، وتمارس #الرياضة، وتتنفس بشكل سليم، وتسمع #الموسيقى، فهذه الخطوات بحسب الدراسات تقي من انتشار السرطان بسرعة. كذلك، أدعو أفراد أسرتها إلى التصالح مع مشاعرهم، قد يتخبطون بين الخوف، والحزن، والقلق خصوصاً أنَّنا في مجتمعاتنا لا نعرف كيفية التعامل مع مشاعرنا، نتربى بطريقة لا تُمكننا من تسمية مشاعرنا. من هنا، يمكن أهل المريضة ترجمة أحاسيسهم بطريقة صحيحة، حقيقية، إيجابية وواضحة كالقول "أنا حزين لمروركِ بهذه التجربة الصعبة، ولكنَّ إيماني قوي بتحسُّن حالك".


تفادي نظرية المؤامرة


أما في حال كانت المرأة المصابة بسرطان الثدي والدة، كيف سيتفهَّم صغارُها #المرض؟ يجيب حدشيتي أنَّ "الطفل منذ ولادته يملك مشاعر ويشعر بحقيقة ما يجري من حوله، لذا، لا يجب أن نتبع نظرية المؤامرة في التعامل معه، والتغاضي عن مسألة المرض. يمكن اللجوء إلى اختصاصيين لإخبار الأولاد عن مرض والدتهم بطريقة مناسبة لعمرهم، كي لا يتفاجأوا بتساقط شعرها، أو بالتغييرات الجسدية التي ستظهر عليها جراء المرض والعلاج. كما يمكن الوالدة أن تجلس وأطفالها وتخبرهم بـأنَّها مريضة، وهذا المرض يسبب لها ألماً، وأنَّها ستمر ببعض العوارض لكنها ستخضع للعلاج لتشفى. فالأساس هو الصدق والصراحة".


من جهتها، تشير حداد إلى أنَّ "الأولاد قد يطرحون أسئلة عدَّة، ما يفرض على الأهل إخبارهم عما يجري، ونقل الواقع بجمل سهلة وبسيطة تفادياً لشعورهم بالقلق، والسماح لهم باستكمال حياتهم بشكل طبيعي. خصوصاً وأنَّ الأطفال يدركون حقيقة التغيرات الطارئة على العائلة، فإما يُعبِّرون عما يخالجهم أو يرفضون التعبير فيتجلى توترهم في مشاكل سلوكية عندما يشعرون بأنَّ علاقتهم بوالدتهم في خطر".


 


[email protected]


Twitter: @Salwabouchacra

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم