الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

يمضون في لبنان 13 دقيقة في هذه الغرفة المغلقة...ما الذي سيتغير فعلا؟

مجد بو مجاهد
مجد بو مجاهد
يمضون في لبنان 13 دقيقة في هذه الغرفة المغلقة...ما الذي سيتغير فعلا؟
يمضون في لبنان 13 دقيقة في هذه الغرفة المغلقة...ما الذي سيتغير فعلا؟
A+ A-

تعود الحكاية الى مربّعها الأوّل. الكلّ يريد ان يعزّز الأنا الشكليّة في مرآته. وتحار أنماط التعبير عن الذات، لتنتهي جميعا في زاويةٍ واحدة: استقطاب عيونٍ ملّت نماذج التشابه والتماثل. الا ان المفارقة الخطيرة، تكمن في ان ضريبة ابتكارات عالم الضوضاء ستُدفع حتماً. ليس من الجيب، بل من الباب المرجوّ: الجمال. السولاريوم كان آخر مفترقٍ عصريٍّ في زمن "السوشيل ميديا" الافتراضي. الفكرة جميلة للوهلة الأولى. الجميع قد يحبّذها ولا مشكلة في ذلك، فمراكز السولاريوم في غالبيتها صادقة والذنب ليس عليها، لأنها لا تخدع زبائنها، بل تصارحهم بعدم تحبيذ اجراء الجلسات دورياً بسبب احتمال إصابتهم بأعراض جانبيّة. الا ان لطبّ الجلد وجهة نظر أخرى : الأشعة ما فوق البنفسجيّة ممنوع استخدامها على البشرة لأنها خطوةٌ أولى في درب خطر صحياً وجمالياً. وتبقى المسؤولية أساساً على المتقدم إلى هذه العملية. ماذا عن دوافعه الدفينة؟


13 دقيقة في غرفة مغلقة
"الاهتمام بلون الجلد الخارجي بدون تطلع الى ايجابيات السولاريوم وسلبياته ، هو السبب الرئيسي الذي يدفع الناس الى جلسات مستمرّة"، بهذه العبارة تختصر كارلا، مالكة إحدى مراكز السولاريوم في لبنان، واقع انتشار ظاهرة السولاريوم في المجتمع اللبناني. تقول: "العمليّة تتم في غرفة مقفلة لمدّة 13 دقيقة، بكلفة دولار واحد للدقيقة، ما يعادل الـ13 دولاراً للجلسة ، تتفعّل خلالها الأشعة ما فوق البنفسجيّة على حرارة عالية معيّنة، بما قد يضمن النتيجة بفاعلية من خلال لون لافت من الجلسة الأولى إذا لم تكن البشرة بيضاء ناصعة". وتوضح ان "الزبون يقرّر عدد الجلسات التي يريد الخضوع اليها بحسب النتيجة المرجوّة، وهي تصل الى معدّل جلستين في الأسبوع لا أكثر، بمعدّل يصل الى 10 جلسات حداً أقصى". وتقول عن تأثير هذه التقنيّة ان "الفتيات هم أكثر تأثراً، الا ان الشباب يقدمون على هذه الخطوة بوتيرة كبيرة".
وتشدّد على "ضرورة ألا يكون الزبون مصاباً بضغط الدم والامراض الجلديّة، نظراً إلى تأثير سلبي ا قد ينتج من عوارض جانبيّة. في هذه الحالة يتحمّل الزبون مسؤوليّة قراره ويوقّع على أوراق تسقط المسؤولية عن المركز".


مراهقو لبنان والسولاريوم
رغم توافر تقنيّة السولاريوم في لبنان منذ أكثر من 20 عاماً، لم تشتهر إلا في السنوات الخمس الأخيرة. وتشرح الباحثة في شؤون الاعلام والتواصل، الدكتورة ميرنا بو زيد، دور الوسائل الاعلامية في ترويج هذه الجلسات بين الشباب والمراهقين: "لا شكّ أن جزءاً كبيراً من البرامج التلفزيونيّة ووسائل التواصل الاجتماعي في لبنان تتبنى اليوم التسويق لمفاهيم تجارية أكثر منها تربوية، وذلك بفعل تأثير الموضة والمشاهير في سلوكيات هؤلاء الشباب والمراهقين خصوصاً،الذين لا يمتلكون حصانة فكريّة كافية، مما يؤدّي الى تكوين شخصيّة الجيل الجديد على اساس مفاهيم غير واقعيّة تروّج لصورة الشباب الدائم، في ظلّ تراجع الروابط العائليّة والمعتقدات الأخلاقيّة".
وعن أولويّة المظهر الخارجي في حياة اللبناني، ارتباطاً بعصر الصورة، تلفت الى ان "الانسان بطبعه يسعى دائماً الى تحقيق الذات. المستوى الأول في أهدافه، يتمثّل بتأمين سبل الحياة الاقتصاديّة والاجتماعيّة. تحقيق فائض مالي يتيح له الانتقال الى المستوى الثاني من طموحاته التي تتبلور بإجراء عمليّات تجميل والممارسات المرتبطة بالموضة كالسولاريوم للهرب من واقع معيّن".


تجاعيد وكلف وشيخوخة مبكرة
تحذّر الاستاذة المحاضرة في طب الجلد البروفيسورة ريتا سمّوّر مدوّر "من الانعكاسات السلبيّة للتعرّض للأشعة ما فوق البنفسجيّة المعروفة بالسولاريوم، وذلك لحرارتها التي تفوق أشعّة الشمس العاديّة بـ 5 مرّات. يعتقد الشباب ان اللون الأسمر الذي يلي هذه الجلسات ، دليل صحّة وجمال وجاذبيّة، بيد أنه في الواقع ردّ فعل منتفض للجلد الذي تتعرّض خلاياه لأشعة مؤذية تدفعه الى افراز مادّة الميلانين الملوّنة بكثرة كردّ فعل عكسيّ ومقاومة، الأمر الذي يؤدّي الى اسمرار البشرة". وفي المضاعفات السلبيّة تشير الى ان "الخضوع لهذه الجلسات يؤدي الى جفاف الجلد وينتج تجاعيد وكلف بما ينذر بشيخوخة مبكرة للبشرة".


خطر الاصابة بسرطان الجلد
تشبّه البروفيسورة سمّور "العلاقة بين التعرّض الكثيف لأشعة الشمس ما فوق البنفسجيّة وسرطان الجلد، بالعلاقة بين التدخين وسرطان الرئة". وتلفت الى ان "السنوات الـ10 الأخيرة شهدت عالمياً ارتفاعاً ملحوظاً في أعداد المصابين بسرطان الجلد، وأظهرت الاحصاءات ارتفاعاً كبيراً في نسبة الشباب الذين فارقوا الحياة نتيجة اصابتهم تحديداً بهذا المرض. والجدير ذكره، أن منظّمة الصحّة العالميّة أكّدت وجود علاقة مباشرة بين التعرّض الكثيف لأشعة الشمس، أطبيعيّة كانت أم اصطناعيّة، واصابة الشباب بسرطان الجلد". وتشير الى ان "العديد من الدول الاوروبية المتطورة والمقاطعات الاميركيّة اتخذت اجراءات صارمة تقضي بمنع استخدام القُصر للسولاريوم، لا بل بادر بعضها باقفال تلك الأفران نهائياً".


نصائح وقائيّة
تشدّد البروفيسورة سمّور على أهمية أشعة الشمس الطبيعيّة للجسم، وتحبذ اللجوءء اليها بدل تقنيّة السولاريوم، انما وفقاً لجدول نصائح تخفف الأخطار الناتجة من المبالغة.
* يستحسن التعرّض لأشعة الشمس الطبيعيذة مدّة 15 دقيقة، من 3 الى 5 مرّات في الأسبوع، لما في ذلك من نتائج ايجابيّة على الجلد وإغنائه بالفيتامين ب.
* الجوّ المشمس يساعد الانسان في تحسين مزاجه والتخلّص من الترسّبات النفسيّة.
* يمكن الخضوع لجلسات طبيّة متوافرة بكثرة، مفيدة للجلد ومخصّصة للتخلّص من مشكلات جلديّة كالصدفية والحساسيّة الجلديّة، وهي تختلف في مضمونها عن جلسات السولاريوم.
* عدم إجراء جلسات سولاريوم على الاطلاق، لما لها من نتائج سلبيّة، سبق ذكرها.
يقال ان الجمال الداخلي هو العنصر الأهم. قد يشكّك البعض في هذه المقولة، لأن الجمال الخارجي نعمة. لا شكّ ان الخارج كالداخل عنصري تكامل، ويبقى الجمال الهيئة نسبياً، يختلف باختلاف الأذواق. لكن مهلاً، ما علاقة السولاريوم بهذين المصطلحين؟ لا شيء. موضة ونزوع إلى الاقتداء لا أكثر. غداً تزول ممارساتٌ كهذه، لتحلّ أفكارٌ جديدة مكانها. والمهمّ ان لا تتغلّب القشور على الثقافة. ثقافة، في حال وجدت، ستغيّر وجهات نظرٍ كثيرة، وقد تكشف ان كثيراً من اولوياتنا هباء... ومجرّد قشور.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم