الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

تصويب البوصلة المطلبية في الحراك

بول مرقص-رئيس مؤسسة JUSTICIA
تصويب البوصلة المطلبية في الحراك
تصويب البوصلة المطلبية في الحراك
A+ A-

كم يصعب التحدث في الشأن العام في لبنان في ظلّ حالتين متناقضتين لدى اللبنانيين من القنوط والحركة في آن معاً. وهكذا أيضاً، ربما أصبح يصعب على أهل الخير العمل في الشأن العام. لكن هؤلاء – عدد من الأحزاب والجمعيات والنقابات ومراكز التأثير في الرأي العام – عليهم المضي قدماً في سعيهم، لكن سعيهم الحميد المطلوب كي يستمر ويثمر، يجدر أن يُقسم الى مستويين:



مستوى أول استراتيجي يكمن في ضرورة الدفع في اتجاه الخطوات الآتية:



1 – انتخاب رئيس الجمهورية لأن إعادة تشكيل السلطة تمرّ به.
2 – تشكيل حكومة مهمتها الأساسية التحضير في مهلة محددة لمشروع قانون للانتخابات النيابية يعدل في تمثيل الناس.
3 – انتخابات نيابية مبكرة على أساس القانون المذكور.
4 – دفع عجلة التشريع.



ولحين تحقيق ما تقدم، لا يكفي الانتظار. ولا يكفي الصراخ. المطلوب عمل أمور لا تتطلب سياسات عامة ولا تشريع، بل خطوات بسيطة، ولكن مهمة للمواطن (وهذا هو المستوى الثاني). أمثلة على ذلك: قمنا في منظمة جوستيسيا الحقوقية في سنين التعطيل القليلة الماضية بمعاونة الاتحاد النسائي التقدمي في التوصل الى تخويل الأمهات فتح حسابات مصرفية لأولادهن القصر من مالهن الخاص دون حاجة لإذن الأب بصفته الولي الجبري ودون حاجة الى تعديل أحكام الولاية الجبرية، وذلك ارتكازاً على قانون مدني وقعنا عليه هو قانون العقود الائتمانية رقم 520 لعام 1996، ونلنا في ذلك توصية جمعية المصارف. ومثل ذلك فعلنا في مبادرة للاتحاد النسائي المذكور بأن تعاونا مع المديرية العامة للأمن العام لتعديل تعليماتها للعام 2005 حول سفر الأولاد القصّر واستبدالها بتعليمات جديدة تنص على ضرورة موافقة كل من الأب والأم معاً - وليس الأب بمفرده – على اصطحاب الأولاد القصّر أياً كانت أعمارهم في السفر.



هي مبادرات صغيرة في الظاهر. لكنها كبيرة في تأثيرها على حياة المواطن.
لماذا لا يُصار اليوم الى تفعيل خدمة البريد (ليبان بوست) – نعم مجرد تفعيل خدمة البريد – بغية تسهيل خدمات المواطن دون حاجة به الى النزول من مدينته وقريته او الانتقال في بيروت الى الدوائر الرسمية المركزية في محاولة لفك التماس بينه وبين الموظف non face to face transactions وتالياً الحد من الرشوة؟ تماماً كما هي الافادة العقارية يستحصل عليها المواطن بالبريد، وكذلك هي بيانات القيد، فلماذا لا تتطور وتعمم هذه التجربة في العديد من الخدمات الادارية؟
المطالب الكبيرة والاستراتيجية مهمة. لكنها غير ممكنة التحقيق حالاً.



تقول مناضلة حقوق المرأة المرحومة لور مغيزل في كتابها "اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المرأة" (ص 42، 1996):
"نكتفي بالاشارة الى المسار الطويل الذي سرنا به لتنزيه التشريع اللبناني من كل نص مجحف في حق المرأة، ويعود ذلك الى سنوات غابرة بل عقود، إذ وضعنا عام 1949 خطة عمل تكمل جهود الرائدات، انطلقنا بها من جردة لأحكام التشريع اللبناني في ضوء المواثيق الدولية وبمقارنة مع التشريعات العربية، وجزّأنا المطالب الى مراحل، اعتمدنا في كل منها مطلباً معيناً، إخترناه بالنسبة الى أهميته من جهة والى قربه من المنال من جهة أخرى، وضعنا به اقتراحاً محدداً معللاً، وأنشأنا في كل مرحلة لجنة خاصة نظمت النشاطات والاتصالات".
وبالعودة الى لبنان اليوم، المطلوب من الحراك اليوم تركيز مطالبه، والفصل بين ما هو استراتيجي، وما هو غير استراتيجي، بين ما يتطلب تشريعاً وبين ما يحتاج الى مجرد تدابير ادارية.



المطلوب في اختصار، على مستوى منهجية المطالبة:
1 – البعد عن العبثية وتوخي الواقعية في المطالب.
2 – عدم تشريع التعطيل (حتى لا يتحول المسؤولون الى تصريف أعمال يعتدون به لعدم الاجتماع وعدم التقرير)، بل المطلوب تحفيز المسؤولين.
3 – التدرج في المطالب (بالأولوية بدءاً بما هو قريب المنال لتحقيق مكسب معين أو ما يسمى win) وهذا النوع من التخطيط أصبح بمثابة علم قائم بذاته ويعرف اليوم بـadvocacy planning.
4 – والمطلوب، بين هذا وذاك، عدم تجاوز حدود حرية التعبير (كالخطوات غير المشروعة: قطع الطرق واحتلال المباني العامة ورمي الزبالة أمام المقار العامة/ بخلاف ما هو مشروع من اعتصام وتظاهر سلميين وإضراب عن الطعام...).



فلنهدف في تحرّكاتنا. ولا نهتف فحسب.
اللهم إلا إذا أريد منها أمر آخر.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم