الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

ماذا عن العلامة حيدر الحسني؟ 3 ثوان... ووقع المشؤوم

المصدر: "النهار"
هالة حمصي
هالة حمصي
ماذا عن العلامة حيدر الحسني؟ 3 ثوان... ووقع المشؤوم
ماذا عن العلامة حيدر الحسني؟ 3 ثوان... ووقع المشؤوم
A+ A-

حتى الساعة، لا جواب، لا معلومات، لا نتيجة، لا شيء. 14 يوما مرّت، ولا يزال مصير العلامة السيّد حيدر الحسني مجهولا كليا، بعدما فُقد في التدافع في حج الاضحى... كأنه اختفى عن وجه الارض! ويلح السؤال: "اين هو؟ اذا كان توفي، فذلك قدر الله ونرضى به. لكن نريد رؤية جثمانه اذا كان توفي، او ان نعرف مكانه اذا كان لا يزال حيا"، يقول لـ"النهار" نجله السيّد علي الحسني الذي كان الى جانبه لحظة وقوع التدافع، ونجا باعجوبة من الموت. بعد مرور اسبوعين، تكوّنت لدى العائلة "ارجحية ان يكون توفي. لذلك نطالب بجثمانه. ولا نرضى بدفنه في غير بلده. كانت وصيته بان يدفن في لبنان".


بحث صعب عقيم. من اليوم الاول على اختفاء السيّد الحسني، بدأت الملاحقة. "ما ان خرجت من المستشفى في #السعودية، حتى بدأت ابحث عن والدي في مختلف المستشفيات هناك"، يروي السيّد علي (36 عاما). بحث اياما عدة، الى ان ساء وضعه الصحي، من جراء تمزق في عضل الرجل واربطتها، مع ضغط على الاوتار والاعصاب، وارتفاع في "الكرياتينين". عاد الى بيروت مضطرا، بينما توجه شقيقه السيّد محمد الى السعودية، لمتابعة المهمة. و"لا يزال هناك، ولا نتيجة حتى اليوم".


بحث عقيم!
في حالة السيّد الحسني، هناك احتمالان: اما يكون بين الجرحى، اما بين المتوفين. والبحث طاول الفئتين. "جلنا على كل مستشفيات جدة ومكة تقريبا. اعطينا صورا لجثث وجرحى لنراها. لكن لم نجد والدنا بينها. بالطبع، لو كان واعيا، لكان تكلم وطلبنا. خشيتنا ان يكون اما توفي، اما في غيبوبة"، يقول السيد علي. وتتابع التفتيش، وأُعطي الشقيق السيّد محمد صورا لمن هم في غيبوبة. "قالوا له انها كل ما لديهم. فاذا صدق كلامهم، هذا يعني ان والدي بين المتوفين. لكن من المحتمل ان تكون هناك صور اخرى لاشخاص في غيبوبة ولم نرها".


كذلك، شاهد الشقيق 1217 صورة لجثث، ولم يكن الوالد بينها. "طُلب منه المجيء مجددا ليطلع على صور اخرى. رأى منها 200 فقط، اذ طلب منه المغادرة في ذلك اليوم، لحلول ساعة الصلاة. وعندما عاد في اليوم التالي في الساعة التي حددت له، قيل له بان لا صور اخرى". واستمر البحث المضني. "البارحة، قصد مجددا القنصلية اللبنانية، ورافقه منها شخص مع تفويض، كي يتابع معه البحث. لكن السعوديين لم يتعاونوا معه، وما امكن الوصول الى اي مسؤول رئيسي. المتابعة لم تكن فاعلة".


في النتيجة، ما امكن السيّد محمد مشاهدة بقية صور الجثث، لان "السعوديين اوقفوا الامر". ايا يكن، يبقى مصرا على الحصول على اجوبة. "كل يوم، يقصد مركز المفقودين، فيقال له: لدينا اليوم 20-30 جثة مجهولة الهوية، ومعها هذا الغرض او ذاك. المعلومة التي يقدمونها عن اي جثة عامة. على سبيل المثال، يقولون ان تلفون "سامسونغ" وجد معها. كأن شخصا واحدا لديه هذا النوع من الهواتف. لا يذكرون حتى "موديله"، وممنوع رؤية مزيد من صور الجثث، والمعلومات عنها عامة. البحث بات عقيما"، يقول السيّد علي.


تحت الاجساد المتراكمة
حرقة في القلب. وكل يوم، تتأجج اكثر فأكثر مع غياب اي جواب جدي. حتى "الدولة اللبنانية لم تتحرك في الشكل المطلوب"، يشكو السيّد علي. "القنصل اللبناني لم تكن له فاعلية عند السعوديين. تعاون معنا، لكن ذلك لم يؤد الى نتيجة". السلوك السعودي ليس مفهوما، ولا يمكن تفسيره. "لذلك من الضروري ان يكون التعامل في هذه المسألة بين دولتين. الدولة اللبنانية تتحمل المسؤولية، وعليها ان تتحرك على مستويات عالية لمعرفة مصيره".


السيد حيدر الحسني يبلغ 72 عاما (مواليد 1-1-1944)، وهو عالم كبير من علماء الشيعة، إمام مركبا وعدد من القرى المجاورة، عضو الهيئة العامة للمجلس الاسلامي الشيعي الاعلى، وعضو مرجع بعثة آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم. "انه اللبناني الوحيد الذي فُقد، على حد علمي. ولا علم لدي بلبنانيين آخرين مفقودين"، يقول السيّد علي. في لائحة تفصيلية اصدرتها السلطات السعودية الاحد 5 تشرين الاول، ذُكِرت 25 جنسية للحجاج القتلى، ولم تكن اللبنانية بينها!


كانت ثانيتان او 3 ثوان، لا اكثر. في ذلك اليوم المشؤوم، "كنت اسير مع والدي جنبا الى جنب، "الكتف ع الكتف"، والخط امامنا مستقيم"، يروي. فجأة شاهدوا مئات الحجاج "يأتون بالعرض، عابرين من الشمال الى اليمين. كانوا يريدون شرب الماء من شخص هناك". وحصل ما حصل. كانت الـ8,30 صباح العيد في 24 ايلول 2015. "بمرورهم بيننا، أُبعدت عن والدي تلقائيا. فتشت عنه بعيني، ووقعت. وكان اختفى".


وشاءت الظروف ان يقع السيّد علي على شخص عاجز قربه كان يتنقل على كرسي نقال. "وقوعي على الكرسي ابقى رأسي عاليا، فوق الاجساد التي تراكمت عليّ. بقيت ساعة ونصف الساعة عالقا تحتها. وبعدما تحررت من تحتها، بقيت نحو 3 ساعات فوقها، في انتظار نقلي الى المستشفى". وكان الانتظار طويلا وصعبا جدا، شاهد خلاله السيد علي بعض الحجاج ينازعون امامه. "الله انقذني، والحمد له".


وخرج من التدافع المميت بمشاهد قاسية جدا لن ينساها طوال حياته، وبتمزق في عضل الرجل واربطتها، مع ضغط على الاوتار والاعصاب. "والشفاء يتطلب شهرا ونصف الشهر على الاقل"، وفقا لاطباء عاينوه في بيروت. التعرض للدعس تسبب له ايضا بارتفاع "الكرياتينين". لكن لا شيء من ذلك يهمه. "اكثر ما يهمني اليوم هو والدي. ونريد رؤيته...". ولن يرتاح القلب قبل عودة الوالد العلامة الى الوطن.


[email protected]


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم