السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

الفدائي الفلسطيني الجديد

رندة حيدر
A+ A-

جيل جديد من المقاومين الفلسطينيين برز في الهبّة الشعبية التي تشهدها مدن الضفة الغربية والقدس الشرقية والتي امتدت خلال الايام الاخيرة لتصل الى المدن العربية داخل الخط الأخضر مثل مدينة حيفا.
الفدائي الفلسطيني الجديد هو شاب فلسطيني لا ينتمي الى حركة سياسية محددة أو تنظيم عسكري معين، ولا يتبع أوامر أو تعليمات جهة سياسية، بل يصغي فقط الى صوت في داخله يحثه على الانتفاض على القهر. انه فدائي لم يسبق له ان تدرب على حمل السلاح ولا أجرى دورات عسكرية، وهو ببساطة لا يملك سلاحاً، أدوات نضاله سكين او حجارة او زجاجة حارقة أو سيارة للدهس.
الفدائي الفلسطيني الجديد هو الذي يخرج في الصباح من منزله وهو مصمم على المضي الى النهاية حتى الشهادة، فليس لديه الكثير ليخسره. قد يكون طالباً يعرف سلفاً ان لا مستقبل له تحت الاحتلال، أوعاطلاً عن العمل يئس من الانتظار، أو من ابناء المخيمات في الضفة اومن القرى الفلسطينية ابناء الطبقة التي ترزح تحت وطأة الفقر وتعاني الحرمان والتهميش. وعلى رغم كونه يختار هدفه عشوائياً فانه يختلف جذريا عن الفدائي الانتحاري الذي مر بمرحلة غسل دماغ وتحضير ايديولوجي جعلته سلاحاً للقتل الجماعي.
الفدائي الجديد لم يكن بطلاً ولن يتحول الى بطل، وهو لم يسبق له ان سجل شريطاً يشرح فيه أهدافه قبل هجومه، انه شاب فلسطيني عادي قرر ان ينتفض ويتحدى ويقول "كفى" للاحتلال وان يدفع حياته ثمناً. وهو لم يخطط لاشعال هبّة شعبية لكن هذا ما حصل.
وفقاً للتعريفات الإسرائيلية هو من نوع "الذئاب الوحيدة" التي يحركها غضب فردي ورغبة في الثأر، وهو في رأي الإسرائيليين ضحية البروباغندا الجهادية المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي. وهذا النوع الجديد من الخطر لا يمكن الاستخبارات الإسرائيلية ان تتوقعه سلفاً وان تحبطه، فمن أين لها ان تدخل عقول الفلسطينيين وان تشعر بما في نفوسهم، من هنا التحدي الذي تمثله هذه الظاهرة.
ان الهجمات الفلسطينية الفردية هي النمط الجديد للمقاومة الذي شهد في الفترة الاخيرة ارتفاعاً ملحوظاً. ووفقاً لاحصاءات إسرائيلية، فقد زاد عدد الهجمات من 683 هجوماً عام 2012 الى 1271 عام 2013، والى 1834 عام 2014، وخلال شهر آب الاخير وحده سُجل 168 هجوماً. والمدهش انه على رغم النهاية المأسوية لمنفذي الهجمات الذين هناك اوامر بقتلهم حتى لو فشل الهجوم، فقد تحولوا الى ظاهرة حقيقية مقلقة بالنسبة الى الإسرائيليين، والى صرخة مدوية يحاول الفلسطينيون من خلالها التعبير عن وجعهم واحباطهم وغضبهم.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم