الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

احذروا التجوّل في حال أمطرت بغزارة...وهذا هو السبب

المصدر: "النهار"
مجد بو مجاهد
مجد بو مجاهد
احذروا التجوّل في حال أمطرت بغزارة...وهذا هو السبب
احذروا التجوّل في حال أمطرت بغزارة...وهذا هو السبب
A+ A-

أيامٌ قليلة تفصلنا عن دخول موسم الشتاء اللبناني حيّز التنفيذ، ولا تزال مشهديّة النفايات المشرّدة تراوح مكانها. أرشيف التلفزيونات المحليّ غنيٌّ بما تحمله "الشتوة" الأولى في كلّ عام، من أزمات فيضانات واقفال طرق وجسور. هذا دون انضمام القمامة كعنصر اثارةٍ الى القصّة. هذه السنة، المؤثّرات أكثر صخباً والنتائج قد تكون أشدّ شراسة في حال استمرار الوضع على ما هو عليه. الا ان البعض لا يذهب في الانعاكاسات بعيداً، وفقاً لنظريّتين: احداها تنفي امكانية فوات أوان الحلّ، والأخرى تؤكّد ان الكلفة البيئية المتوقّعة مدفوعةٌ منذ زمن، والحديث عنها اليوم أشبه بتجاهلٍ لما انتجته السياسات الخاطئة في معالجة موضوع القمامة من قبل المواطنين والدولة على حدٍّ سواء، حتى قبل وجود ما يسمى بسوكلين. فأين الحقيقة في ظلّ هذا التباين في وجهات النظر؟


بين الثروة السمكيّة والمياه الجوفيّة
في مقاربةٍ حول ما تحمله الأيام المقبلة من انعكاساتٍ بيئية، يلخّص الخبير البيئي الأستاذ بول ابي راشد المخلّفات السلبية الناتجة عن أزمة النفايات جرّاء هطول الأمطار الغزيرة بمشكلتين أساسيّتين: "الأولى تتسم ملامحها بالقضاء على الثروة السمكيّة البحريّة نتيجة انتقال الكميّات الهائلة من المهملات المشرّدة على الطرقات من خلال مجاري الأنهر وصولاً الى البحر. هذا إضافة إلى فيضانات قد تشهدها الطرق مع متوقّع وصولها الى داخل المنازل بسبب حتميّة انسداد ستشهدها تلك المجاري في صورةٍ مشابهة لما حصل مع نهر الغدير". استعراض النتائج ساحليًّا ينذر بمآزق كبيرة مرتقبة. الا ان لملمح الأزمة في جبل لبنان منحًى أكثر خطورة. فيؤكّد ان "المشكلة الثانية المتافقة التي ستشهدها المناطق الجبليّة هي امكانيّة تلوّث المياه الجوفيّة كنتيجةٍ حتميّة لاستحداث المطامر العشوائيّة التي قد تطال مخلّفاتها الثروة المائية المخزّنة، وهذا يطرح علامات استفهام حول دور البلديّات ومسؤوليتها الى جانب الدولة فيما يحصل". ويضيف: "طالبنا الحكومة بضرورة التحرّك قبل 15 عشر يومًا من تفعيل قرار اقفال مطمر الناعمة، الا اننا لم نحفل في تلقي آذانٍ صاغية آنذاك، ما يؤكّد أحقيّة مطالب الحراك المدني".


خطر بعيد المدى
قد لا يكون لصراع النفايات والامطار الغزيرة تكاليف باهظة تحسب في سجل الفاتورة البيئيّة في الجزء الأول من شتاء العام الحالي بحسب بعض الخبراء. الا ان استمرارها حتى انقضاء موسم المطر ينذر بتراجيديا. فيستعرض رئيس فرع احدى دوائر المناخ في لبنان الدكتور علي الشعار أبعاد مشكلة النفايات في حال لم يتم تداركها في الوقت الحالي: "المشكلة لا تتمثّل بمسألة تساقط الأمطار في الأسابيع الراهنة، لأن المقاربة المنطقيّة للموضوع لا تحمل في مضامينها خطراً مرتقباً في المرحلة الحاليّة، بل على المدى الزمني البعيد. ذلك لأن الازمة تتخّذ بعداً آخر يتمثّل بطول أمدها. ففي حال استحال ايجاد حلّ جذري في الفترة الزمنيّة المرتقبة، قد نشهد تأثيراً على المياه الجوفيّة وتلوّثاً بحرياً، إضافةً الى مضار في التربة التي قد تفقد خصوبتها نتيجة عدم امكانيّة تنفّسها، ما يلقي بثقله السلبي على الأراضي الزراعيّة والمحاصيل". ويؤكّد ان "الفرصة لا زالت متوفّرة امام المسؤولين لبلورة صيغة حقيقيّة للحلّ في الأسابيع المقبلة، الا ان المماطلة في اقرارها سيضعنا امام أزمة بيئيّة مستقبليّة متعدّدة المحاور". وعن امكانية التوقّع بالحدّة المناخيّة لما يمكن ان يحمله فصل الشتاء هذا العام من سيول وامطار يعتبر ان "الحرص على الدقّة في نقل معلومات الأرصاد الجويّة يحتّم عدم الاستطراد في ترجيح درجات الحرارة المتوقّعة على أمد بعيد يزيد عن ثلاثة أيام، لذلك يستحيل توقّع الاحداث المناخيّة البعيدة زمنياً بشكلٍ دقيق" وفي الحلول المتوجّب العمل بها يشير الى "ضرورة استدراك موضوع الطرقات من قبل وزارة الأشغال وايجاد خطّة فعالة لعدم الوقوع في مأزق الفيضانات، ومن جهةٍ مقابلة يتوجّب الحدّ من المطامر العشوائيّة لما لها من تهديد على المياه الجوفيّة".



الخطّة جاهزة ولكن؟
في اطار مقابل للمشاكل المرتقبة لأزمة النفايات شتاء هذا العام، ما الذي يحدّ من امكانيّة بلورة خطّة وزير الزراعة أكرم شهيّب؟ يؤكّد مصدر في وزارة الزراعة للنهار ان "الوزير شهيّب كان قد حذّر من تداعيات تساقط 15 ملم من الأمطار مع تراكم النفايات، فالمهلة الزمنية قصيرة ويجب العمل على ايجاد حلول في وقت سريع"، لافتاً الى "التنسيق المستمرّ على مستوى وزارتي الزراعة والداخلية والبلديّات، لضمان سلامة وحسن بلورة الخطّة عند أخذ الضوء الأخضر من الحكومة للسير في عمليّة التنفيذ". ويشير المصدر عينه الى ان "اجتماعات عديدة جمعت الوزارة بممثلين عن الحراك الشعبي وجرى خلالها التوصّل الى صيغة تفاهم مشتركة" مؤكّداً "امكانية العمل في مكب سرار حالاً رغم وجود بعض الأصوات المعترضة، كما يمكن تفعيل العمل في مطمر الناعمة لمدّة سبعة أيام بدءاً من اليوم، الا ان عقدة الخلاف تكمن في البقاع مع رفض الأهالي استحداث مطمر في ارضٍ لبنانيّة على الحدود الفاصلة بين لبنان وسوريا".


مشكلة متجذّرة منذ زمن
"قد لا يكون لملامح المأزق البيئي الحالي على مشارف فصل الشتاء من أهميّةٍ أكثر خطورة من سجلّ الأزمات البيئيّة المتعاقبة التي أنتجتها سياسات معالجة موضوع النفايات في لبنان منذ زمن". هذا ما يؤكّده الخبير البيئي الأستاذ قاسم شيّا للنهار، ويضيف: "المشكلة متجذّرة قبل تواجد سوكلين حتى، حيث كان اللبنانيون يعمدون تبني سياسات المطامر العشوائية على اختلاف المحافظات ما يعني امكانيّة وجود تلوّث في المياه الجوفيّة، هذا اضافةً الى مساهمة ترسّبات مطمر الناعمة في تلويث مياه البحر، عن طريق المياه والانبعاثات الملوّثة الصادرة منه والتي كانت تتّخذ البحر مصرفاً لها". وفي مقاربته الحاليّة لخطّة وزارة الزراعة يعتبر انه "لا يجب استغلال موضوع السيول والأمطار لترجيح العمل بالحل الأسرع الذي تبنّته الحكومة، لأنه ليس بخطّةٍ مستدامة، بل هي لعب على الوقت قبل تمرير مشاريع مناقصات جديدة شبيهة بالمناقصات القديمة، الا ان ذاكرة اللبنانيين ضعيفة في شتى المجالات". وهذا يحمّل اللبنانيين "مسؤولية التقاعس في المساهمة ببلورة حلول فعّالة لموضوع النفايات، نتيجة عدم الحدّ من إنتاج القمامة طيلة الفترة السابقة اضافةً الى غياب اي ارشاد وزاري تتحمّل مسؤوليته وزارتا الاعلام والتربية نتيجة عدم حضّ المواطنين على استخدام حلول شخصيّة مؤقّتة كالفرز من المصدر". ويضيف: "على القطاع التربوي اللبناني المساهمة في تنشأة الجيل الجديد على احترام المعايير الصحيحة لفرز النفايات والحدّ من انتاجها عن طريق حملات توعية مكثّفة على عاتق الوزارة بدءاً من مراحل التعليم الابتدائية، ووصولاً الى مرحلة الدراسات العليا".




حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم