الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

روسيا في الوحول السورية... نحو أفغانستان ثانية؟

المصدر: النهار
جورج عيسى
روسيا في الوحول السورية... نحو أفغانستان ثانية؟
روسيا في الوحول السورية... نحو أفغانستان ثانية؟
A+ A-

"تورّطنا في مستنقع أفغانستان قبل 36 عاماً. وتورّطنا في #دونباس العام الماضي، والآن سنتورّط في #سوريا؟ ... شخصيّاً ليس لديّ أدنى شكّ في أنّ التدخّل العسكري في سوريا هو مغامرة – ومميتة بالنسبة لروسيا".


الاصوات داخل #روسيا التي تعارض التدخّل العسكري داخل الحدود السوريّة لا تحتلّ صدارة الأخبار في وسائل الاعلام العالميّة، لكنّها حاضرة. الصحافي الروسي يفغيني كيسليف صاحب هذه الكتابة في صحيفة "إيكو موسكوفي" الروسيّة بحسب "معهد واشنطن"، ليس الصوت الوحيد المتخوّف من نتائج غرق #موسكو في الوحول السوريّة.


فالانتشار الروسي على الاراضي السوريّة بات واقعاً تحدّى معظم التحليلات السابقة التي استبعدت تورّطاً مباشراً للكرملين في الصراع الدائر هناك منذ أكثر من أربع سنوات. لذلك ستشهد التوازنات التي خلّعت المشهد السوري إعادة خلط مرجّحة، للقوى التي تشكّلت منها مؤخّراً. لكنّ البعض سارع، وبطريقة غير مفاجئة ربّما، الى الاستعانة بذاكرة التاريخ، من أجل استحضار المآسي التي واجهت #الاتحاد_السوفياتي في ثمانينات القرن الماضي داخل #أفغانستان والتي رسمت سبباً مهمّاً من أسباب سقوطه لاحقاً. لكن هل يمكن لسوريا أن تتحوّل بالفعل الى مستنقع أفغانيّ ثانٍ بالنسبة للاتحاد الروسي؟ أم أنّ المسألة مجرّد استعراض إعلاميّ وأداة تخويف استباقي لردع الروس عن الذهاب بعيداً في خطوتهم المستجدّة؟


آنّا بورشفسكايا من "معهد واشنطن لسياسات الشرق الادنى" ذكرت أنّ أصواتاً مناهضة للكرملين شقّت طريقها "بسبب القلق من أن تصبح #سوريا أفغانستان جديدة لروسيا". وذكرت أنّ النائب في مجلس الدوما غينادي غودكوف سأل عبر صفحته على "الفايسبوك" عن السبب الذي يدفع الجنود الروس الى الدفاع عن نظام الرئيس السوري #بشّار_الاسد بدون موافقة البرلمان. وفيما أشارت بورشفسكايا الى أنّ الرئيس الروسي #فلاديمير_بوتين وضع الخسائر العسكريّة الروسيّة على قائمة "أسرار الدولة"، حتى في أوقات السلم "خلال العمليّات الخاصّة"، كتب غودكوف عن هذا التدبير معتبراً أنّ النوّاب ظنّوا هذا الاجراء يتمحور حول #دونباس في شرق #اوكرانيا لكنّه اتّضح أنّه بشأن #سوريا أيضاً.


بورشفسكايا، الخبيرة في السياسات الروسيّة تجاه #الشرق_الاوسط، تلفت النظر الى أنّه "قد يختلف التدخّل العسكري الروسي في #سوريا في بعض النواحي عن التدخل السوفياتي في أفغانستان"، لكنّ "اوجه الشبه لافتة للنظر" أكان بالنسبة للازمة الاقتصاديّة العميقة أو النفقات العسكريّة الضخمة أو الانخفاض الديموغرافي الحاد. وتستصعب الباحثة نفسها خوض الروس لحربين في الوقت نفسه.


صحيفة "برافدا" الروسيّة التي يصدرها الحزب الشيوعي الروسي تشير الى أنّ الرئيس الاميركي #باراك_أوباما لا يريد التعاون مع #روسيا لأنّ "تدمير تنظيم #الدولة_الاسلاميّة ليس من بين أهداف #واشنطن". بل هي على العكس من ذلك تحضّر "لأفغانستان روسيا الثانية" عبر إفهام الغرب أنّ أزمة اللاجئين مسؤول عنها بوتين وحده، وعبر منع جيش الاسد من القضاء على "#داعش"، للضغط على إيران وتقوية الاكراد وخفض أسعار النفط. وتشير الصحيفة الى أنّ الخبراء يتوقّعون حاجة #روسيا الى ما بين 50 و100 ألف رجل (عدا وسائل المواصلات والوقود) من أجل قدرة التأثير على الاحداث في سوريا. وتختم متسائلة:"هل تحتاج روسيا الى أفغانستان أخرى في سوريا؟ طبعاً لا. بالنسبة الى واشنطن، سيكون مستحسناً جدّاً إذا استطاع دم الجنود الروس تصحيح أخطاء #الولايات_المتّحدة حين أفسدت العلاقات الجيّدة مع العالم الاسلامي".


موقع "ساينس كريستشان مونيتور" تطرّق بدوره الى مصطلح "أفغانستان سيندروم" أو "متلازمة أفغانستان" التي تتحكّم بالعقل الروسي. تأثير هذه المتلازمة شبّهه الكاتب فريد وير بتأثير حرب #فيتنام على الجمهور الاميركي. فالاتحاد السوفياتي بحسب الكاتب نفسه خسر 15000 قتيل من قوّاته مما ترك "جرحاً عميقاً لدى جيل من الروس". وينقل عن مساعد مدير وكالة "مركز ليفادا" أليكسي غرازدانكين أنّ استطلاعات الرأي تظهر أنّ الشعب الروسي لا يريد تدخّلاً عسكريّاً في #أوكرانيا. "والموقف سيكون سلبيّاً من إرسال جنود الى سوريا". الخبير العسكري ألكسندر غولتس يرى أنّ إرسال 500 جنديّ الى #روسيا هو للدفاع عن القاعدة الجوّيّة الجديدة للروس قرب #اللاذقيّة ولاستباق كلمة بوتين المتوقّعة في الجمعيّة العموميّة للامم المتّحدة حيث يُتوقّع له أن يدعو الى تحالف كبير لمحاربة "#داعش" يضمّ #روسيا. وكلّ هذا التدعيم العسكري هدفه التأكيد على أنّ موسكو جادّة في طرحها. ويشدّد غولتس على "أنّ هناك تصعيداً، لا شكّ في ذلك، لكن لن يكون هناك تدخّل كبير لأنّ بوتين يعلم أنّ شعبه لن يفهم ذلك".


ألكسي ماكاركين نائب مدير مركز التكنولوجيّات السياسيّة في #موسكو، يرى احتمالَ الانزلاق وارداً، فما حصل للاميركيّين في فيتنام، يمكن له أن يتكرّر مع الروس. فالفرق العسكريّة التي تؤدّي عملاً إستشاريّاً في يوم، قد تؤدّي عملاً عسكريّاُ في اليوم الثاني. ومع عدم توقّعه لعمليّة عسكريّة روسيّة على نطاق واسع، إلّا أنّه أكّد كون "متلازمة أفغانستان" لم تعد حادّة لأنّ الاميركيّين تخطّوا "متلازمة فيتنام" وذهبوا لاحتلال #العراق و#أفغانستان.
أمّا نائب فرع سفردلوفسك الاقليمي لمصابي الحرب الافغانيّة أوليغ تيخونوف أوضح أنّ الدرس من الخسارة في #أفغانستان ضربت عميقاً في الوعي الوطني الروسي. وقال:"الرأي العام لن يدعم أبداً تدخّلاً عسكريّاً روسيّاً في سوريا. أبداً".


وكالة الانباء الاميركيّة "رويترز" أجرت مقابلات مع عدد من الثوّار الذين اعترفوا أنّه حتى قبل الحديث عن التدخّل الروسي، لاحظوا قوّة أكبر لدى جيش النظام في الدفاع عن مناطقه في الساحل حيث اعتبر أحدهم أنّ مقاتليه أصبحوا "اكثر شراسة ومهنيّة"، فيما اعترف آخرون للوكالة نفسها بأنّ هناك استخداماً لأسلحة جديدة وسيّارات جديدة بالاضافة الى غارات جوّيّة أكثر دقّة من قبل. علماً أنّ هناك شريط فيديو نشره "جيش الاسلام" يبيّن فيه (على ما جاء في الشريط) استهدافه بالصواريخ لقاعدة جوّيّة روسيّة.


بحسب المختصّين من الروس في الشؤون العسكريّة لموسكو، من المستبعد أن تتدخّل روسيا على نطاق واسع في الحرب السوريّة، وبالتالي يبقى "شبح" تحوّل سوريا الى مستنقع أفغانيّ آخر "صعب الظهور" طالما أنّ الانغماس الروسي لن يتحقّق، أو أقلّه سيكون مضبوطاً. وبما أنّ أكثر المتفائلين يرون أنّ عدد الجنود الروس الموجودين في سوريا سيصل الى 3000 بحسب صحيفة "التايمس" البريطانيّة (500 بحسب المتداول)، فإنّ العدد الأوّل على رغم أهميّته (إن صحّت التقديرات) لن يكون محوّلاً في الحرب السوريّة، بل سيشكّل فقط دعماً لمنطقة الساحل، مركز القاعدة الشعبيّة للرئيس الاسد.


مقال سابق في النهار تحت عنوان:"هل تقلق واشنطن التقارير عن تدخّل عسكريّ لموسكو في سوريا؟" بيّن محدوديّة قدرة الروس على إرسال قوّات عسكريّة كبيرة الى #سوريا أقلّه من دون موقف أميركيّ قابل بالفكرة أو متردّد بالحدّ الادنى. وازداد الامر صعوبة مؤخّراً لأنّ الاجواء البلغاريّة مقفلة امام الطائرات الروسيّة التي تحمل معدّات عسكريّة أو حتى إنسانيّة باتجاه سوريا. يعني أنّ ما يبنى عليه حتى الان هو مجرّد ضخّ روسيّ لآليّات وعتاد وخبراء (ومعنويّات طبعاً) من أجل حماية منطقة الساحل. ومن هنا لا يُعتبر الحديث عن "متلازمة أفغانيّة" لبوتين كلاماً جدّيّاً. أمّا بالنسبة الى التدخّل البرّي في ما وراء تلك منطقة فذلك حساب مختلف ...


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم