الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

"أعتقد أن رجلي مكسورة"... كلمات سيمون سعادة الأخيرة قبل وقوع المصيبة

سلوى أبو شقرا
"أعتقد أن رجلي مكسورة"... كلمات سيمون سعادة الأخيرة قبل وقوع المصيبة
"أعتقد أن رجلي مكسورة"... كلمات سيمون سعادة الأخيرة قبل وقوع المصيبة
A+ A-

تطبيق #قانون_السير الجديد لم يُسهم في خفض نسبِ الحوادث المرورية على الطرق اللبنانية، إذ يكاد عدّاد الموت لا يتوقف عن احتساب أعداد الضحايا الذين يقضون بشكل يومي جراء الحوادث المتكرّرة. في كل أسبوعٍ، تواجه عوائل لبنانية مصيرًا تراجيدياً فتنعي شباناً في مقتبل العمر، يصبحون صورة معلَّقة على زجاج السيارات أو في الشوارع، في وقتٍ، يتمُّ غضُّ النظر أو تجاهل العوامل الأساسية المسببة للحادث المروري، المرتبطة إما بهندسة الطرق أو بالخطأ البشري، أو بالسرعة الزائدة أو بغياب الإنارة.


 


"أعتقد أن رجلي مكسورة"


سيمون سعادة اسم جديد يضاف الى لائحة ضحايا حوادث السير، "صغير البيت" ابن الـ 22 عاماً خسر حياته تاركاً شقيقين وشقيقة وأهلاً يبكونه. يخبر شقيق سيمون، سركيس سعادة "النهار" أنَّ "الحادث وقع على أوتوستراد ميشال سليمان، ولكنَّ تفاصيله غير معروفة لأن كل شخص يخبر قصة مختلفة. اتصل بي أحدهم من هاتف سيمون ليخبرني بأنَّ شقيقي تعرض لحادث سير، وصلنا بعد 10 دقائق إلى المكان تكلمنا معه وكان لا يزال في السيارة، تحدَّث معنا بصورة طبيعية، ومن ثمَّ وصل الصليب الأحمر ونقله إلى المستشفى، وفي سيارة الإسعاف كان يتواصل وإيانا. بعد دخولنا المستشفى بقيت إلى جانبه في الغرفة وكان يتكلم بشكل عادي، حتى إنَّه قال لعمِّي: "لا تقلق يا عمّي، أعتقد أن رجلي مكسورة فقط".الإصابة التي أدت إلى وفاة سيمون هي النزيف الداخلي الذي تعرض له، "خيي راح هيك"، لا أعرف بمَ تلهّوا في المستشفى، لست طبيباً، ولكنهم قالوا بعد توقف قلبه إنهم كانوا ينتظرون عودة نبضات قلبه لإدخاله إلى غرفة العمليات، في حين كان يتكلم ويتواصل معنا بشكل عادي طوال ساعة قبل الوفاة، ولم يحرّكوا ساكناً، نشعر بتقصير ما من الطاقم الطبي في المستشفى".


خسرتُ أخاً وصديقاً


من جهته، يخبر مارك صديق سيمون "النهار" تفاصيل الحادثة: "تواصلت مع سيمون قبل دقائق من مغادرته منزله، في الرابعة عصراً حصل حادث السير بين سيارة سيمون و"بيك آب"، لا نعلم المعطيات الدقيقة، قد يكون البيك آب حاول تجاوز سيارة أمامه فاصطدمت المركبتان في منطقة غرفين – قضاء جبيل. فتوفّي سيمون، أما الشخص الآخر، سائق الـ "بيك آب" فإصابته طفيفة وهو في المستشفى ويخضع لحراسة مشددة. سيمون مواليد العام 1993 يعمل مصفف شعر نسائي، كان ومارك الذي يعمل كمصفف شعر رجالي، صديقين مقربين، "غالباً ما كان يرقد في منزلي كي لا يعود ليلاً في وقتٍ متأخر إلى منزله، بالأمس خسرت أخاً كتير آدمي".



تنفيذ القانون يتطلب قراراً جدّياً


"منذ صدور قانون السير الجديد لم نرَ حلاً لمشكلة السلامة المرورية لأنَّ القانون لوحده لا يمكن أن يحدَّ من الحوادث، بل هو أداة ضمن منظومة متكاملة"، بحسب ما يؤكّده أمين سر اليازا والمتخصِّص في إدارة السلامة المرورية كامل ابرهيم لـ"النهار". ويضيف: "تنفيذ القانون يتطلب قراراً جدياً من الحكومة اللبنانية لمعالجة المشكلة، في مرحلة معينة كانت الوزارات المختصّة مهتمّة بالموضوع، ومن ثم في شهر حزيران مع بدء الأزمة السياسية في البلد توقف التطبيق الجدي لقانون السير. الانطلاقة كانت جيدة لناحية التشدّد في المتابعة القانونية مترافقةً والدعم الاعلامي وخوف المواطنين من الغرامات ما ساهم في انخفاض عدد الحوادث بنسبة كبرى في منطقة بيروت وجبل لبنان. أما في الشمال والجنوب كانت لا تزال مرتفعة. فمعالجة هذه المشكلة بحاجة إلى إدارة السلامة المرورية، المرتبطة بثلاثة أمور أساسية هي القرار السياسي، والتمويل، ووجود فريق متخصّص لمعالجة هذه المشكلة. ولكن في ظل غياب العناصر الثلاثة المذكورة، ستبقى حوادث السير متزايدة. اضافةً الى غياب قرارات جدية من الحكومة، وجهة مسؤولة تعالج هذه المشكلة بمساعدة متخصّصين، سيبقى تطبيق القانون عشوائياً غير مبني على تحليل بيانات، خصوصاً وأن التحقيقات في حوادث السير لا تتم بطريقة جدية لمعرفة العوامل والأسباب المؤدية لذلك".


الجهات المعنية تتلهى بمواضيع أخرى


يلفت ابرهيم إلى أنَّ "الجهات المعنية تتلهى بمواضيع أخرى وتنسى السابقة، حالياً تناست قانون السير ووضعت جلَّ اهتمامها في معالجة أزمة النفايات. وحتى لو وُجِد حلٌّ لمسألة السلامة المرورية سيبقى عشوائياً غير مبني على خطة استراتيجية".


نلقي اللوم دوماً على الدولة، أليس المواطن مهملاً أيضاً تجاه حياته وحياة الآخرين؟ يجيب ابرهيم "طبعاً المواطن جزء من هذه المنظومة، هو مستهتر ومتضرّر في الوقت نفسه، ولكن لا يمكن تغيير سلوك وثقافة المواطن فجأة، بل يحتاج الأمر إلى ترسيخ الثقافة المرورية في المنزل والمدرسة أولاً، ومن ثمَّ في كيفية حصوله على رخصة سوق. وعلى الرغم من وجود جمعيات تعنى بنشر ثقافة السلامة المرورية، إلاَّ أنَّ عملها غير كافٍ لتغطية كل الأراضي اللبنانية. من هنا، يجب الانتباه إلى أنَّ القانون لا يحل هذه الأزمة، فضبط السير وحزام الأمان غير كافيين، بل المسألة متعلقة بالبدء بنظام النقاط، وإنشاء مجلس وطني لإدارة السلامة المرورية".



لا يكفي أنَّ نتلفَّت إلى الجرح، بل الأهم مداواته، فتسليط الضوء على الحوادث المرورية لا يجب أن يقتصر على سرد قصص مؤثرة عن أشخاص خسروا حياتهم، بل يكمن أساسًا في إيجاد حلول جذرية لوقف شلال الموت المستمر.


 


[email protected]


 Twitter: @Salwabouchacra

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم