الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الحرب العالمية الثالثة قادمة في الـ2017؟... هذه أرضها الخصبة

مجد بو مجاهد
مجد بو مجاهد
الحرب العالمية الثالثة قادمة في الـ2017؟... هذه أرضها الخصبة
الحرب العالمية الثالثة قادمة في الـ2017؟... هذه أرضها الخصبة
A+ A-

لا يخافون رهبة البحار اللامتناهية. أعماق المياه أرحم بالنسبة اليهم من عيون تسيل دماؤها امام هول نيران اليابسة. لعلّ الهاربين من حروب الشرق الاوسط الضروس، تمنّوا لو انهم خلقوا كائنات برمائية، فسكنوا البحر حين تعذّر عليهم السير على التراب. تدخّل روسيا العسكري في الحرب السوريّة زاد الوضع مأساويّة. بات الأمل الوحيد أمام السوريين أرض #اوروبا، منبع الاستقرار. إلا ان غيوم الشرّ قد تتربّص أيضاً سماء دول القارة العجوز التي تنام اليوم في نعيم. أزمات اقتصادية واجتماعية متلاحقة قد تنتج واقعاً عالمياً مريراً. فماذا في هذا الصراع المزدوج الرأس، الذي يضع العالم امام ثلاث مشاكل متفرّعة. بين صراع أوروبا الداخلي وصراعها مع القوارب الوافدة من عربٍ يبحثون عن حياة، واستعراض قوّةٍ روسي أميركي لم يعد يتّسم بالبرودة، كيف ستتم المواجهة؟ رحلة البحث عن الاستمرار الوجودي ليست حكراً على دول العالم الثالث... هل باتت تهدّد اليوم جزء العالم الذي "لم تغب عنه الشمس"؟


بين النزوح والتخبّط الداخلي


يناقش رئيس المركز اللبناني للأبحاث المجتمعية الدكتور عبدو قاعي الصراع القائم بين ظاهرة #النزوح_العربي الى اوروبا ومسألة تضعضع المجتمعات الاوروبية في مشاكلها الاجتماعية والاقتصادية الداخلية: "تعتبر مشكلة النزوح العربي الى أوروبا مرضاً مزمناً شهدناه عبر التاريخ، الا ان هذه الظاهرة كان لها وقعها الفعال منذ اكثر من سبع سنوات. الموضوع لا يختصر بعملية عدم تقبّل الاوروبيين للاجانب، بل يدخل في مسار اكثر خطورة عنوانه تفكّك المجتمعات الاوروبية التي تعيش اليوم صراعات داخلية، فهي في حال نزاع مع نفسها قوامه غياب العدالة الاجتماعية. ففرنسا كإيطاليا و#اسبانيا تعاني اليوم معضلة تفكك مجتمعاتها الى قوميات ضيّقة حيث التكتلات البشرية في طريقها الى التحول الى (جماعات) لان لا عدالة فيها". وفي مقاربة أكثر دقّة للموضوع يوضح ان "العالم اليوم امام ضائقة عدم توافر الحلول امامه نتيجة اضمحلال الموارد والثروات، وهذا ما يشكّل السبب لا بل السر الاساسي في تبني سيناريو الحروب العبثية والمفتعلة التي نشهدها اليوم في الشرق الاوسط. فالسلطات الغربية تكسب وقتاً لتأخير عملية تفكّك مجتمعاتها من خلال الهاء شعوبها بمشاهد الدماء المتنقّلة بين سوريا والعراق واليمن، في حين أن الوضع الاجتماعي فيها ليس بجيّد، حتى إن المانيا التي لا زالت تتقنّع اليوم بمظاهر الرفاه الاجتماعي، تخفي خلفها ازمة اجتماعية حقيقية قد تطالها قريباً. كيف لا وقد وصل جشع 1% من الشعوب الاوروبية كما العربية الى احتكار 60% من الثروات". ويلفت الى ان "الحل لا يملكه أيٌّ من القوى السياسية الحاكمة في اوروبا، حيث ان اليمين ليس ببريء، واليسار هو الآخر متورّط، إذ إن العدالة الاجتماعية فقدت رونقها المثالي الذي كانت تتحلى به في السبعينيات وصولاً الى التسعينيات، وهي تبحث اليوم عن فرص ومصادر طاقة وموارد جديدة وقد وجدت في الشرق الاوسط ارض تطلعاتها الخصبة".


حروب اجتماعية عالمية


يتوقّع الدكتور قاعي في قراءته الاجتماعية لمصير البلدان الاوروبية والعربية ان "عام 2017 سيكون بمثابة عام الحروب الاجتماعية العالمية، حيث ستتخّذ النزاعات صفتي العالمية والاجتماعية وتأخذ بعداً يشمل بقاع الارض فستطال معظم الدول الاوروبية، الشرقية منها، التي تعاني أكثر من معضلة، والبلدان الغربية التي فقدت مظاهر الرفاه الاجتماعي، إضافةً الى الصين التي بدأت تعاني ازمات اقتصادية في وتيرتها الاولى. اما الدول العربية فوضعها الحالي يعبّر عن مستقبلها القاتم". وفي ما يتعلّق بالطابع الذي ستتخذه هذه الحروب يشير الى ان "طرق المواجهة لا تزال ضائعة ومبهمة، لكن المؤكّد ان السلطة لن تتخلّى عن الحكم والشعوب بدورها لا تمتلك مساراً، فإن التضامن الشعبي ليس بموجود حتى اليوم في اوروبا، الا ان تكافلها قد ينتج مشهداً شبيهاً بـ #الثورة_الفرنسية". ويضيف: "العالم بأسره يعيش على فوهة بركان. الأسئلة لا اجابة عنها بل هي بحاجة الى تخطيط سياسي هائل يشمل التربية والديموغرافيا والاقتصاد، في حال لم يتبلور في السنين القادمة قد نشهد حرباً شاسعة تقضي على 4 مليارات كائن بشري عنوانها صراع الوجود في زمن ندرة الموارد".


صراع أوروبي - عربي؟


على رغم النظرة القاتمة التي يتوقعها الدكتور قاعي لمستقبل العالم اجتماعياً، إلا ان حدود آفاق الصراع بحسب اعتقاد الدكتور في علم النفس الاجتماعي هاشم الحسيني يبقى أقل حدّة. يشدّد الحسيني على فكرة "ارتباط المناخ العام بالموجة المعادية للاسلام لارتباطه بالارهاب بحسب نظرتهم. هذا التعميم غير دقيق رغم انه مبرّر، فقد وصلت نسبة تأييد فكر (جان ماري لوبان) المعادي للأجانب اكثر من 24% من استطلاعات رأي #الفرنسيين، ما يفتح النقاش حول طريقة استيعاب الغرب للنزوح العربي المستمر". ويعتقد انه "رغم التخوّف الذي يعتري الاوروبيين من تأثير النازحين السلبي عليهم، الا ان الاعتبارات الانسانية تتغلّب دائماً على الافكار العقائدية. هنا لا بد من الاشارة الى اختلاف بين الذين حصلوا على جنسيات ويعملون جاهدين للحصول على حقوقهم كمواطنين اوروبيين، وهو في النهاية مطلب مشروع، وبين الذين قدموا كلاجئين ويقطنون الخيم البلاستيكية، فهؤلاء لا يشكّلون خطراً على السكان الاصليين، بل على العكس يمكن الافادة منهم من دون أن يكون لتأثير الخوف تأثير سلبي".


للإنسانية باب أمل


ينفي الحسيني إمكان انعكاس ظاهرة النزوح الى اوروبا على تفكّك مجتمعات القارة العجوز، بل يرى ان "من الصعب على الوافدين الاندماج في مجتمع جديد لا يعلمون عنه أصول اللغة والتعامل، بل هم غرباء، سيعاملون كغرباء ولن يؤثّروا على صورة المجتمع الجديد الذين هاجروا اليه رغم الضوضاء التي تعتري هذا الموضوع. فالمسألة تتطلّب إيجاد حلول فورية تختص بالاقامة وتأمين القوت والطبابة الملحّة قبل الغوص في تفاصيل الاندماج الذي يحتاج إلى سنوات طويلة". ويتوقّع "امكانية ارجاعهم الى بلادهم الا في حال وجود فرص عمل موقّتة تؤمن لهم سبل العيش خصوصاً ان #الحرب طويلة وحال الناس اليائسة في بلدانهم الاصلية تجعلهم يبحثون عن فرص عمل بسيطة. فالمسألة اذاً رهنٌ بتقبّل الآخر واقتسام العيش معه، وهي ليست بالعنوان السهل المناقشة، بل هو موضوعٌ معقّد تدخل في خباياه المشاعر الانسانية المتأرجحة بين امكانية تقبّل الإنسان او رفضه. وتبقى البلدان المتقدمة الاكثر استعداداً للأخذ بعين الاعتبار المسائل الانسانية".


صراع الانسانية مثيرٌ للحيرة. الانصهار في بروتوكولات متناقضة بين الدفاع عن الوجود الانساني والتنازل عنه لصالح الانسانية نفسها امرٌ معقّد. لو ان في المعارك الوجودية رحمة، لما عرفنا حربين عالميتين. عسى ان لا نكون قد دخلنا في اتون حرب عالمية ثالثة من نوع آخر. حربٌ صراع الاستمرارية فيها هادئ... والقتل في دستورها مشهدٌ قَتلَ في العين الدمعة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم