السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

نديم رزق وقصّة رحيله المأسويّة في يومه الدراسي الأوّل!

المصدر: "النهار"
ف. ع.
نديم رزق وقصّة رحيله المأسويّة في يومه الدراسي الأوّل!
نديم رزق وقصّة رحيله المأسويّة في يومه الدراسي الأوّل!
A+ A-

على وقع أصوات الأجراس، وبكاء الأهل والأصدقاء، وصل جثمان الشاب نديم رزق إلى بلدة درعون الكسروانيّة. استقبل نعشه على الأكتاف بين الشرائط البيضاء وعلى أصوات المفرقعات الناريّة. وجالوا به في وسط البلدة مشياً على الأقدام وصولاً إلى الكنيسة ثمّ ووري في مدافن البلدة.
انتقل الشاب إلى السماء بالتزامن مع الاحتفال بعيد السيّدة العذراء. تاركًا والدته مكسورة الخاطر ليجلس في أحضان أمّ الكون. ودّع والده صباح أمس من دون أن يُعلمه بأنه الوداع الأخير. ذهب على غفلة، ترك مخايل شقيقه الأكبر أسير الحسرة، وجوانا شقيقته الوحيدة مفجوعة. تعجز العائلة عن الكلام، لم تجد إلّا في الصلاة عزاءً لها، صلاتها ممزوجة مع غصّة الغياب والاشتياق، لقد رحل من كانت تملأ ضحكته المنزل، وحياته تزيّن الأرجاء.


كيف وقع الحادث؟
بعد ظهر أمس الثلاثاء، وفيما كان نديم عائداً إلى منزله في درعون، تدهورت سيّارته وانزلقت نحو الوادي، ما تسبّب بوفاته. تقول شقيقته جوانا لـ"النهار": "كان نديم يقود سيّارته على الطريق الفرعيّة الداخليّة المؤدّية إلى البيت حين وقعت الحادثة. لا نعلم ماذا حدث تحديداً أو كيف وقعت الحادثة، لكن من الأرجح أنه تفاجأ بأمر ما على الطريق، ما جعل سيارته تنزلق وتقع في الوادي تحت الطريق".
تتابع جوانا بغصّة: "كان شقيقي بمفرده، ووقعت الحادثة قرابة الساعة الثالثة ونصف من بعد ظهر أمس، حين تلقّت القوى الأمنيّة والصليب الأحمر والدفاع المدني اتصالات للإفادة عن الحادثة. وعمل الدفاع المدني ومعه الصليب الأحمر لأكثر من ثلاث ساعات متواصلة حتى تمكّنوا من انتشاله من الوادي".


قدّم نفسه قرباناً
يبلغ نديم الحادية والعشرين من عمره، يتابع دراسته في مجال الهندسة في جامعة الروح القدس في الكسليك، تتابع شقيقته: "أمس كان اليوم الأوّل من العام الجامعي الجديد، نزل صباحاً إلى الجامعة، ليصعد بعد الظهر إلى السماء مباشرة، ذهب إلى رحاب مريم العذراء، لقد قدّم نفسه قرباناً في عيدها".
"نديم قديس على الأرض قبل أن يصعد إلى السماء" جملة لا تنفكّ جوانا ترددها مراراً وتكراراً، تعزّي نفسها بذكرى جميلة عن شقيقها وحبيب قلبها الصغير، وتتابع: "كلّ الناس من الأصدقاء والأقارب، صغاراً وكباراً، يحبّون نديم. لقد كان فتى استثنائياً، يحبّ الجميع، يحبّ الحياة، يحبّ الرقص، يحبّ الكيف، ويحبّ الناس. ماذا أقول عنه، إنه أخي وشهادتي فيه مجروحة، إسمعوا كلام الناس وتعليقاتهم التي تترحّم على شبابه لتدركوا كم كان إنساناً طيباً، لم يكن شقيقي وحدي، لقد كان شقيقاً لكلّ من أصدقائه. نحن توقفنا عن الكلام عنه، فضّلنا الصلاة على نفسه لكي يتقبّله الله في ملكوته".


التحقيقات الأوليّة
بعد وقوع الحادثة، وبعيد انتشال الجثة من الوادي، فتحت القوى الأمنيّة تحقيقاً، وتشير التحقيقات الأوليّة نقلاً عن مصادر أمنيّة لـ"النهار" إلى أن "نديم كان يقود سيّارته الصغيرة من نوع Renault 12 بسرعة، واستعمل الفرامل التي كانت أثارها واضحة على مسافة أمتار على الطريق، لكنه لم يستطع السيطرة عليها، فانزلقت من الطريق نحو الوادي".
للعائلة رواية تختلف في بعض تفاصيلها، تؤكّد أن نديم تفاجأ بكائن ما على الطريق، سيّارة أخرى ربّما، فاستعمل الفرامل وانحرفت سيّارته يميناً، ذاهباً نحو مصيره المأسوي، وتشير شقيقته إلى أن "شخصاً اتصل بالصليب الأحمر والدفاع المدني لنجدة نديم. لقد عرفنا من هو المتصل، ومن المؤكّد أنه كان موجوداً في تلك الطريق الفرعيّة الداخليّة التي لا يدخلها عابر طريق، وربّما يكون هو من تفاجأ به شقيقي. نحن اليوم سنصلي لنديم فقطـ ونأمل أن ينام مرتاح الضمير".
توفي ابن الواحد والعشرين ربيعاً. تاركًا الدنيا باكراً. تخلّى عن أحلام كثيرة. رحل إلى مكان أكثر هدوءاً. جلس بالقرب ممن خلّص العالم بموته. إيمان قويّ يعزّي عائلة رزق ويصبّرها على فقدان ابنها.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم