الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

الحوار شراء للوقت لـ"الداخليين والإقليميين" الحركة الشبابيّة في مواجهة "الطبقات الثلاث"

روزانا بومنصف
روزانا بومنصف
A+ A-

لا تخفي مصادر سياسية خشيتها من ان تنجح محاولة تشتيت الحركة الشبابية الاحتجاجية ان من خلال محاولة سرقة تحركها وتجييره مع شعاراته لمصلحة جهة سياسية سعت الى الاستفادة من تحمية الحركة الشارع من أجل ان توظفه لمصلحتها كما فعل التيار العوني الذي اعتمد شعارات جديدة مبنية على التحرك الشبابي في حين ان شعاراته السابقة في التظاهرات السابقة ترتكز على الشراكة، أو من خلال انشاء تنظيمات رديفة كثيرة بدأت تنافس داخل الحركة الشبابية في الشارع أو من خلال اتهامات بدعم خارجي أو حتى باستهداف للشباب انفسهم أو لتاريخهم. وتوالت خلال الاسبوع الماضي كل المحاولات لاستيعاب الحركة الشبابية وتحجيمها وحصرها وقد شعر أفرقاء الطبقة السياسية جميعهم بتهديد حقيقي يمكن أن يهز عروشهم السياسية والطائفية الى حد تخشى هذه المصادر ان الكباش الذي قام بين الطبقة السياسية والحركة الشبابية يجنح حتى الآن لمصلحة هذه الطبقة التي توافقت على الذهاب الى طاولة حوار هي عمليا المجمع الثالث الذي يجمعهم من دون القدرة على الاتفاق في ما بينهم بحيث يمكن القول انه بات هناك ثلاث طبقات من الكتل السياسية نفسها . ففي مجلس النواب هناك الافرقاء السياسيون زعماء الطوائف الذين يتوزعون الكتل النيابية ولا يجتمعون بذرائع مختلفة على رغم التمديد للمجلس مرتين على التوالي. وعلى طاولة مجلس الوزراء يجتمع رؤساء الكتل الاساسية الطوائفية ايضا من أجل تقرير شؤون البلد ونشأ خلاف بات معروفا يعطل عمل الحكومة ويحول دون اتخاذها قرارات لمصلحة البلد. وعمد الرئيس بري الى الانتقال بهؤلاء الافرقاء الى طاولة حوار بحيث تجتمع القوى نفسها من اجل محاولة الاتفاق حول بعض البنود ولم تلبث ان حظيت دعوته بموافقة كل الاطراف، علماً ان هؤلاء الافرقاء انفسهم هم مجلس النواب وهم انفسهم مجلس الوزراء المعطل كما مجلس النواب، لان الجميع بات في مأزق. فمجلس النواب تضاءل دوره بعد فقدان قدرته على المحاسبة ما دام مجلس الوزراء نسخة مصغرة عنه وما دام البلد يدار من أفرقاء يشكلون مجلساً ملياً على غرار اللويا جيرغا الافغانية نتيجة ما بات يعرف بالديموقراطية التوافقية التي اطاحت وجود المعارضة وتاليا المحاسبة للسلطة.اذا هناك ثلاث طبقات راهنا أو دوائر قرار مقفلة من الافرقاء السياسيين انفسهم، ما يدفع الى التساؤل جديا اذا كان الهرب من طبقة أو دائرة من الحكم الى دائرة اخرى هو الذي يساهم في انقاذ الوضع أو هو مجرد اثارة الغبار في اعين اللبنانيين. وتالياً هل الابواب مقفلة امام الشباب اللبناني باعتبار ان السياسيين المشكو من ادائهم وعجزهم عن ايجاد الحلول هم من يتولون اعادة العمل على انتاج حلول تنقذ الوضع وتنقذهم ام ان تحرك الشباب سيكون حافزاً للسياسيين لمحاولة انقاذ انفسهم وفق تعبير الرئيس بري ان طاولة الحوار قد تكون الفرصة الاخيرة المتاحة لايجاد حل؟


حتى الآن تشتري طاولة الحوار وقتاً للافرقاء السياسيين الى ما بعد المشاورات المرتقبة على هامش اعمال الجمعية العمومية للامم المتحدة على رغم انه كان نقل عن الرئيس بري ضرورة انتظار اقرار كل من ايران والولايات المتحدة الاتفاق النووي في منتصف تشرين الأول المقبل لكي يفرج عن الانتخابات الرئاسية، والرهان على مشاورات مجلس الأمن مبنية على ما يمكن ان يحصل من مقاربات على الهامش فضلا عن الانذار الذي شكلته الحركة الشبابية لدول عدة في مجلس الامن تخشى على الاستقرار اللبناني. كما تشتري طاولة الحوار وقتا للدول الاقليمية التي ينبغي ان تستغل هذه الفترة من اجل التوافق على الدفع في اتجاه انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتجيير اتفاقها للقوى الداخلية الملتقية حول طاولة الحوار من أجل تأمين ما يسمى بلبننة الانتخابات على غرار ما حصل بالنسبة الى تأليف الحكومة التي كان بذل أكثر من سفير جهودا مع دول اقليمية من اجل ولادتها والمساهمة في استقرار الوضع. فالعجز عن التوافق الداخلي ناتج بدوره عن صراع إقليمي في المنطقة وصولاً الى لبنان ونتيجة التداعيات للازمة في سوريا والذي يترجم صراع محاور سياسية. ولذا، فإن انقاذ الأفرقاء السياسيين من مسؤولية العجز عن انقاذ الوضع يرتبط بما قد توفره لهم الدول الاقليمية المؤثرة ما يساعدهم على انقاذ وضعهم والخروج من المأزق الذي وجدوا انفسهم امامه. لكن ليس أكيداً ما إذا كانت الدول الاقليمية ستشعر بالحرارة الكافية نتيجة التطورات الاخيرة من أجل ان تفرج عن الوضع اللبناني أم انها ستحاول الاستعاضة عن ذلك بالدفع نحو بعض الحلحلة في مواقف الافرقاء انطلاقاً من طاولة الحوار باعتبار ان التنازلات ستكون أسهل من السقوف العالية التي باتت عليه الأمور في مجلس الوزراء. في حين ان استمرار التأزم في الملفات الاقليمية سيبقي الوضع اللبناني رهينة بحيث يرد على جدول أعمال طاولة الحوار بنداً أول هو انتخاب رئيس الجمهورية تزامناً مع وقف تعطيل مجلس الوزراء وسائر البنود الاخرى في حين ان انتخاب الرئيس والثقة بوجود عمل جاد لفك عقدة هذا الملف يفتح الباب تلقائياً مع جملة حلول ليس منها تعويم الحكومة بل بحكومة جديدة. ولذلك فإن الهروب الى الامام مستمر وبآليات لم تظهر جدواها سوى في تهدئة الوضع نسبيا ليس إلا. لكن سياسيين يقولون انه لا يمكن إلا التسبيح بأهمية هذه الخطوة في غياب أي خيار آخر.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم