السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

من حمزة الى إيلان ... مسلسل معاناة الاطفال السوريّين مستمرّ

المصدر: النهار
جورج عيسى
من حمزة الى إيلان ... مسلسل معاناة الاطفال السوريّين مستمرّ
من حمزة الى إيلان ... مسلسل معاناة الاطفال السوريّين مستمرّ
A+ A-

أن تبقى "جامداً ومتجمّداً" كما فعلت مصوّرة جثّة الطفل #إيلان الكردي أمام هذا المشهد اليائس، فهذا شعور طبيعيّ ينتج عمّا تخلّفه قساوة الانسان والطبيعة بحقّ براعمِ حياةٍ لم يُكتَب لها مطلقاً أن تتفتّح. وبما أنّ الكلمات، أمام فظاعة تلك الصور، تفقد محلّها من أيّ إعراب لغوي أو وظيفي، يبقى للضجيج أن يتلاشى في ساحة الصمت الشائك.


مصوّرة وكالة أنباء "دوغان" التركية الخاصّة نيلوفير ديمير قالت لقناة "سي أن أن تورك" إنّها معتادة على التنزّه على تلك الشواطئ لكنّ ليلة الحادثة كانت "مختلفة". "رأينا أوّلاً جثّة الطفل ثمّ جثّة أخيه الاكبر. من خلال تصويرهما، أردت بكلّ بساطة أن أعكس مأساة هؤلاء الاشخاص" أضافت الصحافيّة.


جثّة الوالدة والاخ الاكبر للطفل وجدتا على نفس الشاطئ. تنقل "وكالة الصحافة الفرنسيّة" أنّ سبب وفاة العائلة الكرديّة من #كوباني يعود الى غرق زورقهم ليل الثلثاء- الاربعاء عندما همّ بنقلهم من بودروم التركية الى جزيرة كوس اليونانيّة للوصول الى الاتحاد الاوروبي ومنه الى كندا حيث الوعد ب"أرض ميعاد" لتلك الطفولة تبدّد كما يتبدّد السراب.


جثث الاطفال المتكدّسة والمتفحّمة والمتسمّمة أضحت هي التراب المخضّب بالدماء والدموع والعاجز عن احتضان مسرح لأحلام الطفولة السوريّة. لم يكن حمزة الخطيب ليدرك أنّ المسرح هذا سيضيق بأحلامه ليحوّل اسمه الى حلقة أولى في سلسلة مأساة خطفت معها ابتسامات العديد من أقرانه.


حمزة الخطيب (13 سنة) كان يريد أن يصبح شرطيّاً عندما يكبر قبل أن يغيّر رأيه بعدما شاهد طريقة تصرّف رجال الامن مع المتظاهرين بحسب الموقع الالكتروني لشبكة "سي أن أن" الاميركية للتلفزيون. اعتُقِل بعد التظاهرات التي عمّت مناطق عدّة في محافظة #درعا في 29 نيسان 2015 عندما فشل في ملازمة والده الذي كان يشارك في التظاهرة الى جانبه. وجدت جثّته بعد حوالي شهر من اعتقاله وظهرت عليها آثار التعذيب الوحشي، حيث كانت منتفخة وبنفسجيّة اللون بالاضافة الى تعرّض ذراعيه لإطلاق نار. وقد قطع المجرمون عضوه التناسلي قبل أن يطلقوا النار على رأسه. واتّهم المتظاهرون الرئيس السوري بقتله، غير أنّ هذا الاخير التقى عائلة الطفل معتبراً حمزة "ابناً له" وعبّر عن "تأثّره الكبير" بموته بحسب ما نقله عنه والد الخطيب.


وشاء القدر الحالك أن يجعل شهر آب من سنة 2013 الاسوأ بالنسبة لاطفال الربيع السوري حيث قصف النظام منطقة الغوطة الشرقيّة بغاز الاعصاب المعروف بالسارين عند الثانية والنصف من فجر الحادي والعشرين من الشهر نفسه، ما أدّى الى مقتل 1500 شخص من بينهم 426 طفلاً على الاقل بحسب صحيفة "واشنطن بوست". وبحسب الصحيفة نفسها فإنّ وكالات أميركيّة للتجسس استطاعت تسجيل عمليّة التحضير التي بدأت قبل ثلاثة أيّام حتى لحظة القصف. وأوضحت أشرطة الفيديو التي حُمّلت على اليوتيوب حالات الاختناق والالم التي واجهها الاطفال في لحظات الرعب هذه قبل أن يلفظوا أنفاسهم الأخيرة.


ولم يقصّر تنظيم "#الدولة الاسلاميّة" هو الآخر في عمليّات قتل الاطفال، فخلال "الشهر الكيميائي" من العام نفسه، انتشر شريط على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر فيه طفلان راكعان من بلدتي نبل والزهراء فيما يقوم ملثّم من التنظيم بتلاوة بيان الاعدام قبل اطلاق الارهابيّين لعشرات الاعيرة الناريّة عليهما حيث قتلا على الفور.


ومؤخّراً قام "داعش" بإعدام شخصين دون الثامنة عشرة من عمرهما عن طريق الصلب لأنّهما أفطرا في شهر رمضان بدون عذر شرعيّ كما بيّنت ذلك لافتة وضعت على جثّتيهما. وأقدم التنظيم الارهابي على عمليّة الصلب في شارع البوكمال في دير الزور أواخر شهر حزيران الماضي.


وفي نفس الشهر أيضاً، خضّت صورةُ طفلِ حيّان العالم بأسره، حين سقط أحد براميل النظام على البلدة الواقعة في محافظة حلب، مستهدفاً أحد الابنيّة، فسَحق طفلاً لم يظهر من جثّته تحت البرميل إلّا رأسه ويداه المفتوحتان باتجاه ربّ السماء، كأنّهما تستجديان منه رحمة فقدها ساسة الارض.


ما سبق كان اليسير من أمثلة وحوادث لم تستطع أعين الصحافة والشاشات وآلات التصوير التقاطها لأسباب عدّة. قيل عن تقصير الدول في إنهاء تلك الفظاعات الكثير، حتى ملّت اقلام الصحافيين وحناجر المفجوعين من ترداد التعابير الشاجبة بالملامح الشاحبة لأنّ النتيجة ستكون واحدة: موت إيلان الكردي لن يكون الحلقة الاخيرة من مسلسل الموت المتنقّل لأطفال سوريا.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم