الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"يا عيب الشوم" تردّ بلديات... والحكومة عم "تضحك عَ الدقون"

المصدر: "النهار"
هالة حمصي
هالة حمصي
"يا عيب الشوم" تردّ بلديات... والحكومة عم "تضحك عَ الدقون"
"يا عيب الشوم" تردّ بلديات... والحكومة عم "تضحك عَ الدقون"
A+ A-

من "الضحك ع الدقون"، الى "يا عيب الشوم". ردود رؤساء بلديات تعكس استياء وخيبة من طريقة الحكومة في معالجة ملف النفايات، وخصوصا من "تبرّيها" من مسؤولياتها المالية والمعنوية. يصرخ بعضهم بأن المناقصات "كارثة وسرقة للبلديات"، ويلح آخرون في السؤال: "اين اموال البلديات من عائدات الخليوي؟" المطالبة بـ"حقوقنا الشرعية" توحّد الصفوف، وباتت على كل شفة ولسان.


الاسبوع الماضي، كلّف مجلس الوزراء "وزارة الداخلية الطلب الى البلديات الابلاغ عن استعداداتها وخططها لتحمل المسؤولية كلٌّ في نطاقه"، وفقًا لبيانه الرسمي. كذلك، قرر "الايعاز الى الوزارات المعنية انجاز المراسيم المطلوبة لتوزيع مخصصات البلديات من الصندوق البلدي المستقل، بما فيها عائدات الخليوي". انتهى البيان، ولم ينته الكلام. وسؤال واحد يطرأ على بال عدد من رؤساء بلديات: "ولكن كيف نتحمل مسؤولياتنا؟"


"ضحك عَ الدقون"


يعني، بتعابير اخرى، "شو هالحكي!"، كما يقال في العامية. والجواب بديهي بالنسبة الى رئيس بلدية الدكوانة انطوان شختورة: "لا، لا نستطيع ان نتحمل مسؤولياتنا، لان لا مال لدينا". ويتدارك: "يمكن ان نتحملها اذا امنّوا لنا الاموال المخصصة للبلديات من الصندوق البلدي وعائدات الخليوي. ولكن حتى لو حصل ذلك، فقد تأخروا في الحلول. الدولة تتذاكى علينا. تضرب ابرة مورفين في الوقت الحاضر هي البلديات، وترفع المسؤولية عنها لتلقي بها علينا... بقا حاجن يضحكو علينا. يتكلمون ايضا على اللامركزية. ولكن عن اي لامركزية؟ "شو هالخبرية هيدي؟ هيدا اسمو ضحك عَ الدقون".
اي حل فاعل حاليا لا يمكن ان يكون سوى "اعادة فتح مطمر الناعمة فورا، ولسنة"، على قوله، "وخلالها نكون حضّرنا انفسنا، واجرينا مناقصات وتم ايجاد مطامر مناسبة. اليوم، لا مطامر او اراضي لدينا، والمجتمع المدني مستاء منا. فماذا نفعل؟"


التفكير البلدي في محله. "اذا ردّوا لنا الاموال التي ندفعها لـ"سوكلين"، يمكن ان نتمكن من ان نتخذ تدابير ذاتية بخصوص النفايات"، يقول رئيس بلدية بكفيا-المحيدثة فيليب السبعلي. تدابير خاصة بدأتها اخيرا البلدية، "وبدأنا فرز النفايات، وتعاقدنا مع شركات متخصصة تشتري منا المواد التي يعاد تدويرها". الحلول التي باشرتها البلدية موقتة، في انتظار حل جذري للنفايات. "واذا لم يحلوا الامر، فقد نواجه مشكلة كبيرة على المدى البعيد، لان الامر يتطلب تمويلاً كبيرا".


قرار مجلس الوزراء، كما يقرأه رؤساء بلديات، لا يأخذ في الاعتبار اوضاع بلديات صغيرة او في الارياف. ففي واقع الامور، تكاليف "تحمل مسؤولية النفايات" مرتفعة. "ليس لدى البلديات الجبلية مداخيل كبيرة، وبالتالي تحتاج الى مال. فليعطوها على الاقل المال اللازم، كي تتمكن من تسيير امورها"، يقول السبعلي. المعادلة تفرض نفسها: "من دون تمويل، كيف تتحمل البلديات مسؤولية النفايات؟ العملية مكلفة جدا، خصوصا للبلديات التي ليس لديها اماكن لجمع النفايات وفرزها. وهذا الامر يشكّل مشكلة كبيرة".


حقوقنا الشرعية... نريدها!
سبّاقة كانت بلدية الصرفند في جمع النفايات ومعالجتها، من اكثر من 15 عاما. "من زمان نتحمل مسؤولياتنا. من يساعدنا؟ لا احد"، يقول رئيس البلدية حسين خليفة. عملية الجمع، النقل، والطمر تتولاها البلدية بنفسها، وعلى نفقتها، من مدة طويلة، "ولن يتغير شيء في الامور، باستثناء اضافة جديدة هي الفرز. وهو مشروع جديد سنبدأه قريبا مع برنامج الامم المتحدة الانمائي". لا فضل للسطات الرسمية في اي شيء، "والدولة عودتنا ألا تسأل عنا". عن خبرة، تنصح الصرفند البلديات "بالفرز"، "وليس لها الا الفرز"، يؤكد خليفة. وتمويل معالجة النفايات يكون عادة من "مشتقات مالية نجمعها من المواطنين، كرسوم القيمة التأجيرية. ونرصد ذلك في موازنة البلدية".
12 بلدية ضمن اتحاد بلديات الشوف الاعلى اخذت على عاتقها سلفا وضع دراسة وتنفيذ مشروع. الدراسة تقتضي بإنشاء معمل في المنطقة، "ونقترب من مباشرته، بعد الحصول على موافقات، وإيجاد حلّ للارض. وقد حلّت تلك المسائل، ونتوقع مباشرته خلال شهر"، يقول رئيس بلدية معاصر الشوف منير عزام.


"يا عيب الشوم"
صح! تأخر مجلس الوزراء في القرار... ومعاصر الشوف سبقته. "من فترة بدأنا المعالجة، وصار لدينا مكب، وباشرنا الفرز انطلاقا من البيوت، ونجمع النفايات العضوية في مكان خاص، ونبحث عن وسيلة ملائمة لمعالجتها. بالنسبة الى المال، "ماشي الحال"، ومضطرون الى ان نساعد بعضنا بعضًا، بالتعاون مع الاتحاد، كي نصل الى نتيجة". وتبقى العين على المال. "وعدونا بالمال من عائدات الخليوي، ولا نزال ننتظر تحقيق هذا الوعد".
عند كل اتصال، تتكرر الحاجة نفسها، الكلمة نفسها. "المال". والمال في الميزان البلدي هو "حقنا الشرعي". "ليعطونا المال، ونحن قادرون على تحمل مسؤولية النفايات"، يقول رئيس بلدية الهرمل صبحي صقر. مشروع الفرز باشرته البلدية. "لا يزال في بدايته، وقد بدأناه مع متعهد سلمت اليه مطمرنا البدائي. واتفقنا على ان يستخرج لنا منه صفر نفايات. والتجربة تستمر لـ4 اشهر. اذا نجحت، نطوّر المشروع. ولدينا ايضا مشروع الفرز من المصدر. ونباشره مع انطلاق المدارس، لان لدينا تجمعات محددة، كالمقاهي والمؤسسات والمدارس. وقد وضعنا لها خطة مع جمعيات بيئية".
طبيعي جدا ان تبحث البلدية وحدها عن حلول. "هل انتظر مجلس الوزراء كي يجد حلا، بينما تغرق شوارعنا في النفايات؟ أليس هذا معيبا؟"، يتساءل صقر. مدينة الهرمل "نظيفة" اليوم، ومعالجة النفايات ليست مسألة صعبة، اذا توفرت الارادة. "السياسيون هم الذين يصعبون الامور، بسبب المحاصصة بينهم. يا عيب الشوم عليهم. من المعيب ان تصل الامور بينهم الى ما وصلت اليه".


"كارثة" المناقصات


"ليس 99%"، بل "مئة في المئة"، تتحمل بلدية شتورة مسؤولية النفايات من 18 عاما. "نرسل نفاياتنا الى مطمر زحلة الصحي، بتكلفة 13 دولار للطن الواحد. ومع تكلفة النقل (9 دولارات)، يرتفع المبلغ الى 22 دولار. فهل من المعقول ان تصل التكلفة الى 170 دولار، كما جاء في مناقصات؟"، يقول نائب رئيس اتحاد بلديات قضاء زحلة رئيس البلدية نقولا عاصي.


9 بلديات يضمها الاتحاد ترسل نفاياتها، على غرار شتورة، الى مطمر زحلة. "ما عرضته المناقصات من اسعار اجحاف وظلم وكارثة. بلديات كثيرة في البقاع ليست غنية، ولا يمكنها ان تدفع اسعار المناقصات"، يؤكد عاصي. الفرق بين 22 و160 او 170 دولار "كبير جدا". "هل هذه توجيهات وزارة البيئة؟ انها سرقة للبلديات. ولن نقبل بالمناقصات اطلاقا، "لو شو ما صار". مطلب شتورة كمطلب الدكوانة وبكفيا والهرمل ومعاصر الشوف وبقية البلديات. "نريد حقوقنا المالية من عائلدات الخليوي وغيرها... شو هيي شحادة؟ كيف نقوم بمشاريعنا؟"


الموضوع نفسه... و"لا اعرف ما اقوله لك"، يجيب رئيس بلدية عديسة علي رمال. "في الاتحاد، نعد دراسة لفرز النفايات. كل بلدة تتخذ تدابيرها. اما تتعاون مع قوة الطوارىء الدولية، اما تعمد الى الحرق. والحلول المتخذة حتى اليوم ليست جذرية. على الدولة اصلا ان تتحمل المسؤولية".
والمسؤولية الرسمية تعني ان تفي الدولة بالتزاماتها المالية تجاه البلديات. "كيف نتحمل مسؤولية النفايات والاموال التي لدينا بالكاد تغطي حاجات البلدية ومصاريفها؟ وكيف ننفذ مشروعا تكلفته عالية؟ معالجة النفايات في بلدات صغيرة مشروع يخسّر بلدياتها". والعديسة اضطرت قسرا الى اعتماد الحرق. "ليس ذلك صحيا اطلاقا. ولكن ماذا يمكن ان نفعل؟" "ولماذا لا تتحمل الدولة مسؤولياتها جديا؟"


[email protected]

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم