مبادرة بري هل ستقنع منظمي الحراك الشعبي بتمديد المهل؟

ليس بجديد على الرئيس نبيه بري ان يطلق مبادرة تضمنت عناوين ملحة تستوجب المعالجة.ولا احد يمكن ان ينسى موقعه المرجعي باعتراف أخصامه قبل مؤيديه . أدار في العام 2006 طاولة حوار توصل المتحاورون فيها الى تفاهمات على مسائل خلافية كثيرة بين القوى السياسية الفاعلة. عرقلوا دعواته المتكررة لإعادة احياء عمل مجلس النواب بذريعة ضرورة انتخاب رئيس جمهورية اولا .ايدها الرئيس سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط اضافة الى اخرين بعد اعلان رئيس المجلس عنها بساعات معدودة . لم يعرف ما اذا كانت ستقنع منظمي الحراك المدني بالتريث لتحقيق بند مشترك متعلق بانتخاب رئيس للجمهورية . اما باقي البنود فمنها ما هو قيد التحضير مثل اشراك البلديات في حل أزمة النفايات وانجاز التحقيقات مع عناصر قوة مكافحة الشغب الذين كانوا مساء السبت في مواجهة المتظاهرين .
حصر بري جدول اعمال الجلسات التشاورية المقررة بمشاريع اطلق عليها اسم تشريع الضرورة فصدوه ايضا . إلا أنه تحسس حجم الحراك الشعبي الذي استقطب الجماهير من الالاف الى عشرات الالاف يعبرون بلسان واحد مدني ، غير طائفي وغير مذهبي يعبر عن الحرمان وأوجاع الناس للحاجات المعيشية . الا ان المهم يكمن في مدى تجاوب بعض رؤساء الكتل مع هذه المبادرة. ولعل طرحها يلاقي الحراك الشعبي الذي بلغ في 29 آب الجاري حجما شعبيا مؤيدا فاق كل التوقعات ولم يتردد رئيس المجلس في تسجيل اعجابه ودعوته له بالنظام العلماني .
وشرح مصدر نيابي لـ " النهار" اهمية هذه المبادرة "العملية والواقعية" كما وصفها، وذلك في ادراج انتخاب رئيس جديد للجمهورية كبند اول على جدول اعمال جلسة الحوار وهذا موضوع يلتقي معه" منظمو "طلعت ريحتكم "مع بري ومع معظم الفاعليات باستثناء العماد ميشال عون الذي يريد اختيار الرئيس اما بالتوافق اي بانسحاب رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع له وهذا الأخير يرفض ذلك وأم بانتخاب الرئيس مباشرة من الشعب وليس من قوة سياسية تؤيد ذلك وإما بإجراء انتخابات نيابيةوبنتيجتها ينتخب الفائزون رئيسا للبلاد وهذا تعترض عليه معظم التيارات والأحزاب السياسية . ورأى ان مشاركة عون في الجلسات التشاورية المتوقع ان تبدأ في الايام العشرة الاولى من ايلول المقبل لن تكون سهلة في إقناعه بتسهيل عملية انتخاب رئيس الجمهورية وهو الذي يضع العوامل المانعة لإجراء الانتخاب منذ 469 يوما .
وأبدى المصدر عدم علمه بما سيتصرف به بري في حال احتج باقي النواب غير المنتمين الى كتل نيابية الي عدم إشراكهم في جلسات التحاور ،لان دعوة رئيس المجلس كما تناولها بري في خطاب النبطية امس تنحصر برئيس الحكومة ورؤساء الكتل النيابية . وتوقّع ان تشكل اليوم خلية العمل من اجل تلك الجلسات التي ستعقد في عين التينه ومن اجل توجيه الدعوات لسلام ولرؤساء الكتل النيابية وكل ما يلزم من أمور لوجيستية .
ولاحظ ان ايا من منظمي حراك 29 آب لم يعلق على مبادرة بري حتى الان التي لن تبدأ اعمال الجلسات المخصصة لها قبل انتهاء المهلة الزمنية التي أعطوها للحكومة لتنفيذ مطالبهم الاربعة وهي استقالة وزير البيئة محمد المشنوق ولا احد يعلم ما اذا كان انسحابه من اللجنة الوزارية المكلفة بشؤون النفايات الذي أعلنه اليوم سترضى به "طلعت ريحتكم". ولم يعرف ايضاً ما اذا كانت نتائج التحقيقات التي يجريها المفتش العام في قوى الامن الداخلي العميد سليم كلاس ستنتهي قبل يوم غد لمحاسبة المسؤولين الامنيين عن الاستعمال المفرط للقوة ضد المتظاهرين . اما بالنسبة الى تحرير أموال البلديات فان وزارة الداخلية تنتظر اجوبة من البلديات التي تريد الانخراط في عملية ازالة النفايات وفقا للشروط الحديثة . اما بالنسبة للدعوة لاجراء انتخابات نيابية فليس من المعقول تحديدها قبل انتخاب رئيس للبلاد وخلت من جدول اعمال المبادرة .فهل منظمو الحراك سيمددون الفترة ام سيلجأون الى التصعيد الذي تردد بانه سيكون على اشكال من العصيان المدني؟.