الثلاثاء - 16 نيسان 2024

إعلان

La Tête Haute بورتريه مراهق

المصدر: "دليل النهار"
جوزفين حبشي
La Tête Haute بورتريه مراهق
La Tête Haute بورتريه مراهق
A+ A-

اثناء مرورها على السجادة الحمراء في مهرجان كانّ السينمائي عام 2015، كاد رأس المخرجة الفرنسية ايمانويل بيركو أن يلامس حدود السماء شموخاً وفخراً. كيف لا وهي ثاني امرأة تفتتح مهرجان كانّ السينمائي بشريطها المميّز La Tête Haute (خارج المسابقة الرسمية) بعد دايان كوريس التي كانت اول امرأة تفتتح المهرجان عام 1987 بشريطها Un Homme Amoureux. رأس ايمانويل بيركو كان عالياً وشامخاً وهي تسير الى جانب ايقونة السينما الفرنسية وبطلة فيلمها كاترين دونوف، واكتشاف فيلمها المراهق الموهوب رود بارادو. اسمه قد لا يعني لكم شيئاً الآن، لكن احفظوه جيداً لأنه سيكون نجم السينما الفرنسية المستقبلي. رود بارادو اختير من بين الالاف من المراهقين، من مدرسة لتعليم النجارة، فنجح رغم وقوفه للمرة الاولى امام الكاميرا، في تقديم بورتريه مؤثر ومزلزل وعنيف وحنون لمراهق جانح وغاضب وثائر ومفتقد الحب والاهتمام يدعى مالوني. رأس ايمانويل بيركو كان عالياً كعنوان فيلمها في مهرجان كانّ، لكن كاميرتها في اول مشهد من فيلمها كانت منخفضة على عكس قوة المشهد ووتيرته العالية.


الكاميرا منخفضة لا ترينا وجوه الشخصيات بشكل كامل وواضح، لأنها تنقل المعركة الكلامية والصراخ بين القاضية بلاغ (كاترين دونوف) والأم المدمنة سيفرين (ساره فورستيه)، من خلال عيني ذلك الطفل الاشقر الصامت والخائف. انه مالوني ضحية العائلة المفككة والام المدمنة، الذي يجد نفسه في مركز للرعاية الاجتماعية بعدما سحبت القاضية حق الحضانة من امه. المشهد الاول في الفيلم، يرسي المناخ المطلوب: اجواء صادمة، واقعية قريبة لشريط وثائقي واداءات وانفعالات مدهشة يستحق عنها ابطال الشريط ان نرفع لهم القبعة ونحني الرأس اعجاباً. الصغير مالوني يكبر، ولقاءاته مع القاضية تصبح الطبق اليومي له ولنا لأنه اصبح مراهقاً (رود بارادو) جانحاً يسرق السيارات للفت الانظار، ويضحك عندما يُسأل عن رخصة القيادة.


وسط ام غير موزونة لكنها العائلة الوحيدة المتبقية له ولشقيقه، وقاضية رافقت ملفه منذ الطفولة وهي مصممة على مساعدته قبل ان تحال على التقاعد، ومدرب (بونوا ماجيمل) يشعر بمسؤولية تجاهه ويسعى جهده لانقاذه من الانحراف، نرافق مشوار مالوني من الطفولة الى المراهقة، من الجنون والغضب والثورة والسجن الى الحب والنضج والابوة التي يختبرها في سن السابعة عشرة. نشاهد شريطاً يرسم بورتريه مراهق عنيف، عنيد، غاضب، ثائر، ساخط، يرفض الايدي الممدودة لمساعدته، منها يد تيس (ديان روكسل ) ابنة احدى معلماته التي تقع في حبه وتحمل منه، وتقدم معه واحداً من اقوى المشاهد، عندما يمارسان الحب للمرة الاولى، فيبدو المراهق كوحش يرفض الحب، قبل ان يبدأ باكتشاف الحنان والرقة، فيصاب بالصدمة ويصمت.


مراهق كان يرفض ان تلمسه يد محبة، لكنه يتعلم ان يمد يده ويتمسك بمن يرغب في مساعدته، كما يحصل في المشهد الاخير عندما يوافق اخيراً على الامساك بيد القاضية. Haute La Tête شريط مؤثر، لافت باداءات ممثليه، لكنه طويل نسبياً، يكرر كثيرا من المشاهد التي تفقد وقعها مع استعادتها اكثر من مرة (العراك بين الاولاد واللقاءات مع القاضية والنصائح نفسها...). أيضاً يجمع الفيلم بين المناخ الوثائقي الذي يضفي الصدقية والواقعية على السيناريو (من اعداد المخرجة مع مارسيا رومانو التي خضعت لتدريب في محاكم الاحداث)، وبين القصة الروائية الدرامية التي تملأ الشريط بالانفعالات والمؤثرات القوية. كل ذلك من دون اي غرق في البكائيات والبؤس والشقاء، بل باعتماد نوع من الطرافة في تصرفات الشخصيات (وخصوصاً مالوني وامه) مما يلطف قليلاً حدة الدراما والمأساة الاجتماعية على طريقة "المضحك المبكي".


الفيلم حالياً في صالات امپير وسيني مول ضبية.


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم