الأربعاء - 17 نيسان 2024

إعلان

استفاقة على أكوام النفايات

مازن عبّود- أستاذ جامعي في التنمية المستدامة
استفاقة على أكوام النفايات
استفاقة على أكوام النفايات
A+ A-

ثمة اختصاص في علم #الاقتصاد يسمى "الاقتصاد البنيوي او الهيكلي" وهو يدرس تأثيرات عوامل أخرى لا تلحظها قواعد الاقتصاد التقليدية على الإنتاج والنمو. وهو يعنى بالبحث عن أكلاف ما يسمى بأكلاف التبادل الاجتماعي لشرح أسباب التدهور الحاصلة نتيجة تعثر النظم الاجتماعية في مكان ما.


ما حدث ويحدث في لبنان، في عهد #الحكومة الحالية وأخواتها اللواتي أتين قبلها، لا يمكن فهمه من خلال قواعد اقتصاد السوق المبني على تحديد السعر على أساس المنافسة نتيجة العرض والطلب. فمن الواضح ان الحكومات المتعاقبة عزّزت سياسات الاحتكار في حقل النفايات، وأخفقت في حل مشكلة الكهرباء، وذلك حفاظًا على مصالح هذه المجموعة او تلك تحت غطاء الطائفة او الحزب او التيار.


وقد أخفقت هذه الحكومة في تبرير أسباب وجودها، اذ انّ الدولة في فلسفتها هي السلطة الناظمة والرادعة. فليست السلطة عندنا ناظمة ولا هي رادعة، بل هي حلبةلتقاسم المغانم على حساب الشعب. وهذا يشكل العائق الأكبر امام مسيرة النمو. أطر تعزّزها ثقافة شعبية تكوّنت بفعل الأيام. وورثتها غالبية الدول عن السلطنة العثمانيةالتي احتلّتها. فصارت هذه العقلية السبب الرئيسي وغير المباشر لعدم التطور.


لكن المفاجئة جاءت هذه المرة مدوّية في الشارع الذي بدأ يستفيق. فقد تبين انّ مارد ما يعرف بالمجتمع المدني ليس ورقًا انما بدأت الروح تعود اليه بفعل المغالاة في تجاوز حد السلطة واستغباء الناس. وهذا ما دفع من يتقاسمون المغانم الى اغتيال التحرك عبر ادخال مدسوسين عملوا على سرقته وجره الى العنف والتطييف، ومن ثمّ بناء حائط فصل عنصري مادي بينهم وبين الناس، كان وما زال وسيظل موجودا ومن صنع أولئك بفعل عدم المحاسبة. ثمّصار تحوير لنتائج المناقصات التي ما أُريد لها اصلا ان تنجح، ولا صمّمت كي تنجح بل بدأت تتدحرج بفعل الضغط الشعبي.


الا انّ ما صمّم كي يكون جسرًا لتمديد الواقع المؤقت والضروري والملحّ لا يصلح كي يطير ويكون حلا. نعم لقد عرفت الطبقة السياسية ان تستفيد من الوضع فصار الخوف من استقالة الحكومة ودخول لبنان أتون المنطقة يعمل لحسابهم في مواجهة صحوة من صحا. فالزمن زمن الفراغ وركود كلّ شيء حتى مؤشرات النمو التي تضاءلت حتى لامست الصفر. ما نجا من ذلك الا مؤشرات الفساد التي جعلت لبنان في مصاف الدول الأكثر فسادا وغلاء.


جمع الزعيم "نفايات" من حوله أناسا من كل الاطياف، بدأ يضرب الاصطفافات المعروفة. ما أشّر الى استفاقةالمرحوم "مجتمع مدني" الذي كان الامراء قد دفنوه تحت سابع ارض على إثر ابرامهم لاتفاقية الطائف وتقاسمهم للمغانم واحتكارهم للسلطة. وهو المولج في نظارة السلطة مغبة تجاوزها حدها، ويشكل والقضاء ضمانة عدم وقوع البلد في الديكتاتورية والغِيّ الذي تمارسه القلة الحاكمة.


فحتى نتائج #المناقصات المبتورة قرأت على هواهم. وصار مطلوبا من اللبنانيين الاعتذار من الاحتكار وتأييده. والجدير ذكره انّ أكلاف "سوكلين " لا تتضمن معالجة فعلية لـ #النفايات، بل جمع وكنس ولمّ بعض المواد وتوضيب وطمر زهاء 85 بالماية ومن النفايات وأكثر.


إني اعتقد بانه إذا ما ارادت السلطة وقتيا التمديد لسوكلين بعد ان سحبت ورقة المطمر من النائب وليد جنبلاط، فلتتفضل الدولة وتؤمن مساحة للمعالجة (لزوم بناء معامل الفرز وفق ما نص العقد)، وقد تخلّفت عن تأمينها إراديا، فكان ان سُدّدت للشركة مبالغ من صندوق البلديات لقاء خدمة لم تؤدِّها .


طبعا ليست النفايات الموضوع الوحيد الذي تآمرت فيه الحكومات على الدولة والشعب، بل هناك ملفات كثيرة وفي مقدمها الكهرباء وغيرها. ما حدث من حراك بالرغم من كل التشوهات ومحاولات الجرّ الى الاستغلال يشكّل درسا لا بل خطا بيانيًّا جديدًا على خارطة صنع القرار، لا يجب تخطيه من قبل الحفنة الحاكمة مخافة وقوع البلد في حلقة العنف والفقر واللا استقرار.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم