الأربعاء - 17 نيسان 2024

إعلان

شاشة - الإعلام مفكَّكٌ والشارع لن يتحمّل اليوم أمزجة المراسل!

فاطمة عبدالله
شاشة - الإعلام مفكَّكٌ والشارع لن يتحمّل اليوم أمزجة المراسل!
شاشة - الإعلام مفكَّكٌ والشارع لن يتحمّل اليوم أمزجة المراسل!
A+ A-

نأمل أن يفيد التلفزيون من الزلّات ويُقدّم للمُشاهد الصورة التي ينتظر. الكلّ مستعدٌ اليوم لنقل آلام الناس وآمالهم، وإنما التغطية المباشرة تضيّع الجماهير وترميهم في الفوضى. نخشى الليلة من إخفاق آخر يثبت تفكّك الإعلام اللبناني وتضعضعه.


كاد المشهد التلفزيوني أن يتوحّد في 22 آب (غيره قراءة نشرة الأخبار الموحّدة بوطنية مُفتَعلة)، إلى أن تركت الكاميرات المقهورين وراحت تلاحق هواة الشغب، ناقلةً الصورة إلى اتجاه مغاير. تُرجى الإفادة من ثغر الأمس، والانضباط عوض الصراخ وجرّ النفس إلى الحرائق. الشهرة طموح البشر، لكنّها أحياناً تفضح ممارسات طفولية. ندرك رغبة المراسل في التفاعل، وندرك أيضاً أنّ البعض يهرع إلى الشارع ليصبح هو الحدث. وقد تَرِد اليوم سلسلة أخبار عاجلة إلى هواتفنا، فنقرأ: "تعرُّض فريق عمل محطتنا للضرب أو للقنابل المسيلة للدموع أو لرشّ الماء من خرطوم قوى الأمن. نحن نناضل".
يعمّق النقل المباشر شرخاً ما بين المُشاهد والحدث لكون بعض مَن يُكلّفون التغطية تسيطر عليهم المزاجية والتهوّر. ليست المسألة أن تبثّ "أل بي سي آي" "نهاركم سعيد" من رياض الصلح، أو أن ينقل "شي أن أن" ("الجديد") السخرية من الستوديو إلى وسط بيروت. "الديكورات" مشكورة، إنما الواجب الإعلامي يكمن في المضمون المسؤول لا المضمون البائس، المعلومة لا التحليل المُستعجَل، الصورة لا الفتنة.
التراشق والتخوين وإطلاق الهاشتاغات الغاضبة، ليست دور الإعلام في الشدائد. ولا أن تتورّط الكاميرات في ضلال الناس وضياعهم. مرة جديدة، يُرجى ألا ينهمك الهواء المفتوح الليلة بصبّ الزيت على نار الشارع، ويظنّ أنّ التغطية بَحّ الحنجرة ومواجهة الرصاص المطّاط مع الزميل المصوّر. وثمة رجاء آخر: أن تتروّى إعلاميات الستوديو ولا يفرطن في حبّ المآسي. المُشاهد يفضّل الكلّ في مهنته، فالممثل غيره الإعلامي. رجاءٌ واحد بعد: الحدّ من ابتكار المفردات الصاخبة والامتلاء بمتعة تناقلها. ذلك مرعب. وخطير جداً.


[email protected]
Twitter: @abdallah_fatima

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم