الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

النظام الطائفي أقوى منا!

راجح الخوري
A+ A-

عندما يضطر وليد جنبلاط الى الاتصال بميشال عون لابلاغه أنه "يعوّل على حكمته في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها لبنان"، مشدداً على استمرار التواصل والتشاور بينهما، يجب السؤال: وعلى ماذا يعوّل "بعض" أهل المجتمع المدني في دعوتهم الى التظاهر اليوم السبت، اذا كانت المحدلة الحزبية تحركت لتجرف المشهد الاحتجاجي وتوظّف صرخة الناس في روزنامتها السياسية؟


لماذا "بعض" أهل المجتمع المدني؟
لسبب بسيط وواضح، هو ان الذين تداعوا الى التظاهر الجمعة الماضي كانوا من المجتمع المدني ومن المواطنين الغاضبين والمحقين في غضبهم، وقد تحركوا عفوياً ورفعوا شعارات كان لها صداها العميق والمخيف [نعم المخيف] ليس عند أهل الحكومة والبرلمان فحسب، بل عند كل الطبقة السياسية والحزبية من دون استثناء في السلطة وخارجها، ولهذا نزلت الأحزاب الأحد للسيطرة على المشهد والامساك بالدفة قبل ان تفلت الأمور منها.
وعندما يحرّك نبيه بري محركات مبادراته التوفيقية ومخارجه ويجري الاتصالات لتجاوز انفراط عقد الحكومة الفارطة أصلاً، يجب على أهل المجتمع المدني الذين نزلوا الى ساحة رياض الصلح مطالبين باسقاط الحكومة والنواب والنظام وحتى بمحاسبة كل الطبقة السياسية، ان يتواضعوا ويبقوا في منازلهم وفي مراراتهم والقهر وان يتذكروا القول "تعيش وتاكل غيرها"!
لماذا؟
لأن نزول الأحزاب اليوم سيجرفهم ويجرف كل ما رفعوه من شعارات عن فساد كل الطبقة السياسية وكل السياسيين وعن ضرورة محاسبتهم، بما يعني ان الحامولة السياسية والحزبية ستصادر التحرك من جماعة "طلعت ريحتكم" ومن جماعة "بدنا نحاسب"، لأن هناك في حلبة الصراع السياسي تراشقاً قديماً بالتهم عن الروائح الطالعة وتلويحاً بالمحاسبة وبالويل والثبور وعظائم الأمور!
تصريحات بعض "المسؤولين" في المجتمع المدني اللبناني الذي ستذريه رياح الطائفية والمذهبية والحسابات السياسية محلّية معطوفة على نيران الإقليم المتأججة، تبدو مفعمة بالرومانسية عندما يقولون للأحزاب مثلاً "اذا أردتم النزول معنا ممنوع عليكم رفع أي شعار سياسي أو حزبي ويجب ان تكونوا تحت سقف مطالبنا ومواقفنا المعلنة بأن جميع الموجودين في الحكومة فاسدون"!
هل من مكان لمثل هذا الكلام عند "حزب الله" و"العونيين" الذين يؤيدون التظاهرات، ولكن على خلفية ان الفساد كامن فقط عند خصومهم السياسيين في ١٤ آذار وان لا روائح الاّ عند هؤلاء وليس من يستحق المحاسبة غيرهم؟
٨ آذار تتهم ١٤ آذار بالانقلاب وتريد ان تنقلب على الانقلاب، واذا تيسّر الأمر في هذا التوجه يمكن أعادة ترتيب كوتا الحصص الطائفية التي حددها اتفاق الطائف، ولهذا لا أتردد لحظة في القول لأهل المجتمع المدني الذين أتعاطف معهم حتى الصميم: كلفتم خاطركم النظام أقوى لأنه يتمترس وراء الطوائف... مفهوم؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم