الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

هل تمهّد إيران لتلميع صورتها في العالم عبر تلميع صورة سليماني؟

المصدر: النهار
جورج عيسى
هل تمهّد إيران لتلميع صورتها في العالم عبر تلميع صورة سليماني؟
هل تمهّد إيران لتلميع صورتها في العالم عبر تلميع صورة سليماني؟
A+ A-

لطالما تمتّع الجنرال قاسم سليماني، قائد " فيلق القدس" التابع ل"الحرس الثوري الايراني"، بصورة خاصّة صاغها الاعلام #الايراني من أجل تقديمه كنجم عسكري ناجح وحاسم في كل المعارك التي يخوضها أو يشرف عليها خصوصاً في العراق وسوريا.


ولم يهتمّ الايرانيّون كثيراً بوضع الاميركيّين لسليماني على لائحة الارهاب، طالما أنّ الرجل كان ينفّذ التوجيهات العليا التي رسمها المرشد الاعلى للجمهوريّة الاسلاميّة آية الله #علي_خامنئي والتي كانت أصلاً قائمة على العداء الواضح للاميركيّين وسياساتهم.


وعلى رغم توقيع الاتفاق النووي بين #مجموعة_الدول_الست وتحديداً بين #واشنطن و#طهران في تمّوز الماضي، إلّا أنّ الأميركيّين استمرّوا بالنظرة الى سليماني نظرة ريبة، حتى أنّ وزير الخارجيّة الاميركي #جون_كيري اتصل بنظيره الروسي #سيرغي_لافروف منتقداً استقبال #موسكو لسليماني في أواسط الشهر الحالي، الامر الذي نفته هذه الاخيرة لاحقاً.


واستمرّت إيران في تصوير قائد فيلق حرسها على أنّه مهندس الانتصارات التي تعلنها الميليشيات التابعة لها، إلى أن تغيّر شيئ ما في رسم هذه الصورة النمطيّة يوم الاثنين الفائت. فوكالة أنباء""فارس " الايرانيّة شبه الرسميّة نشرت مقابلة مع أخيه، سهراب سليماني الذي أكّد أنّ سليماني ونظراً لمسؤوليّاته لا يتاح المجال أمامه للانصراف الى حياته الطبيعيّة إلّا أنّ ذلك لم يخفّض اهتمامه بعائلته. وراح يسم أخاه باللطف قائلاً إنّ "من لم يره عن قرب، لن يصدّق كيف تكون شخصيّته، فهو شخص جاد، ولكنّه أيضاً عطوف".


وهنا سيتبادر حكماً الى الاذهان سؤال يتعلّق بالغاية التي من أجلها سلّط الضوء على الجانب العاطفي واللطيف من شخصيّة سليماني. علماً أنّه في تشرين الثاني من العام الماضي وضعت مجلّة "النيوزويك" الاميركيّة صورته على غلافها الخارجي ووصفته بعنوان:"الرجل الذي حارب الولايات المتحدة والآن يسحق داعش". وهنا يبرز التناقض بين صورتين طبعتهما إيران لدى الصحافة الغربيّة أو جزء منها على الاقل: الاولى قديمة نسبيّاً وترفعه الى مصاف الاساطير والثانية، تبدأ في ترويجها حاليّاً وتظهر الرجل عاطفيّاً متواضعاً ولطيفاً."


لكن على رغم كلّ الظروف والتطوّرات الايجابيّة التي طرأت ويمكن أن تطرأ على العلاقات بين #إيران و#الولايات المتحدة، إلّا أنّ السلك العسكري الذي ينخرط فيه سليماني، وأيّ سلك عسكريّ عموماً، لا يحبّذ إبراز الجوانب العاطفيّة للاشخاص الذين يؤدّون مهمّات داخله، فكيف إذا كان من ضمن الذين وكّلتهم إيران محاربة داعش؟.


ولم يتوقّف سهراب عند وصف شخصيّة أخيه، بل تعدّى هذا الامر ليدخل في تفاصيل أمنيّة حسّاسة تتعلّق برفض سليماني لتعيين حرّاس شخصيّين له. وفي هذا الامر، لو كان صحيحاً، خطر على حياة شقيقه. واللافت أنّ الوكالة لم تحذف هذه المسألة الحسّاسة من موقعها، ربّما لأنّها مغلوطة أو مبالغ فيها وهي في هذه الحال، لن تكون أكثر من مجرّد محاولة لتلميع صورة سليماني عبر إظهاره شخصاً متواضعاً ويتصرّف على طبيعته.


مجلّة "الفورين بوليسي" الاميركيّة تعتقد باحتمال "حصول انتقال في وظيفة" سليماني إذ تربط هذا الامر "بالظروف الدوليّة التي لم تعد تتطلّب أن يبقى سليماني في الظل".


موقع"الهافينغتون بوست" الاميركيّة ركّز في أحد مقالاته على كيفيّة تسمية "داعش" لسليماني بالاسم كأبرز عدوّ لها منذ بضعة أشهر خلت، ما يعني حجم العداوة التي يكنّه له هذا التنظيم. وبعدما نقلت اختيار الايرانيّين له على أنّه رجل العام بحسب استطلاعات أحد المواقع الالكترونيّة، تؤكّد على أنّ الصراع في العراق وسوريا هو "صراع إعلام وأساطير حيث تصبح الرموز أسهماً استراتيجيّة قويّة تماماً كالهجمات العسكريّة على أرض المعركة".


إذاً ستطرح هذه المقابلة مزيداً من علامات الاستفهام حول الغاية من رسم نمط جديد لشخصيّة الجنرال سليماني. فهل الامر مجرّد مقابلة عابرة لتقريبه أكثر الى قلوب الايرانيّين بدون أن تضمّ بالضرورة رسالة تقرّبٍ ما من الغرب؟.


لكن إذا كان صحيحاً أنّ الايرانيّين لم يقصدوا بعث تلميحات الى الغرب، فلِمَ الاختلاف إذاً بين نشرتي الوكالة نفسها العربيّة والانكليزيّة؟


ففي النشرة العربيّة لها (24 آب)، يتمّ التعريف بسليماني في الفقرة التمهيديّة على أنّه ذاك "الذي يثير اسمه الرعب والهلع لدى أميركا والكيان الصهيوني وداعش ..." فيما تعرّفه الفقرة التمهيديّة الصادرة في النشرة الانكليزيّة (26 آب) على أنّه ذاك "المعروف والمحترم عالميّاً ... الذي ألحق ضرراً كبيراً وهزيمة بداعش، هو لطيف وعاطفي ومحب للعائلة ..."


إنّ الدقّة باختيار الكلمات في الفقرة التمهيديّة أقلّه، وإزالة ما يرتبط بكلّ ما يستفزّ الغرب وخصوصاً عبارة "إثارة الرعب والهلع لدى أميركا والكيان الصهيوني" والابقاء على داعش، ليس مجرّد صدفة.


وجاء في مقدّمة النشرة الانكليزيّة للوكالة نفسها التركيز على الجانب العاطفي للرجل فيما ترك الامر عينه الى الخاتمة في النشرة العربيّة. ما يعني أنّ الامر ليس تنويعاً عشوائيّاً في المقاطع بل أغلب الظنّ أنّه مقصود.


من هنا هل تكون المقابلة في إطار السعي الحثيث لرفع العقوبات عنه وعن الفيلق الذي يقوده لحاجة ايران المادّيّة الماسّة لتكمل حروبها الخارجيّة؟


وإذا اصطدم هذا السؤال بالاجابة النافية أيضاً، وعَطَفنا تلميح "الفورين بوليسي" على ما نقلته مجلّة "نيو يوركر" الاميركيّة عن أحد المختصّين بشؤون الشرق الاوسط الأمنيّة قوله إنّ سليماني "قادر على التنقّل بين دوائر سياسيّة الى جانب قدرته على توجيه التهديدات"، فهل سيكون ممكناً عندها اعتبار تلك المقابلة تمهيداً لإزاحة سليماني عن دوره العسكري وربّما نقله الى ميدان سياسي ما؟
الاجابات جميعها برسم الزمن الآتي؟

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم