السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

متطرفو غزة ليسوا تهديداً لـ"التهدئة"

سركيس نعوم
سركيس نعوم
A+ A-

نشأت في قطاع غزة، بعد سيطرة "حماس" عليه وحكمها له مباشرة، منظمات فلسطينية مقاومة إسلامية مثلها لكن أكثر تشدُّداً منها. ويعود ذلك في رأي قريب جداً من القيادة "الإخوانية" في لبنان إلى أربعة أسباب. أولها تسلُّم الحركة الحكم رسمياً في القطاع رغم احتفاظها بروح المقاومة واستمرارها في ممارستها ضد الإحتلال الإسرائيلي. والحكم كما يعرف الجميع مسؤولية وانضباط وإجراءات وقوانين في حين أن المقاومة بما هي ثورة متفلتة من هذه القيود كلها. وطبيعي في أجواء كهذه أن تتأسس جماعات كانت جزءاً منها، وأن تأخذ عليها "تخلّيها" عن راديكاليتها واضطرارها بحكم موقعها الجديد إلى الانفتاح على دول في المنطقة وخارجها، وإلى اتخاذ مواقف أو الدخول في ما يعتبره البعض "مساومات" تؤذي القضية الأم في الصميم. وثانيها استمرار خلافها بل صراعها مع "فتح" ومنظمة التحرير الفلسطينية، وانعكاس ذلك توتراً دائماً بينها وبين أعضائهما الغزاويين ومناصريهما في القطاع. ولا شك في أن ذلك يدفع البعض من هؤلاء إلى المزايدة على "حماس" من خلال تأسيس مجموعات أكثر تطرفاً منها وأقل مسؤولية. والنشأة "الإخوانية" الإسلامية لمؤسس "فتح" ولعدد من قادتها الكبار قد تشجِّع البعض على سلوك هذه الطريق. وثالثها انتشار التيارات الإسلامية البالغة التطرُّف في العالم العربي والإسلامي وخصوصاً منذ بزوغ "الربيع" الذي تحوَّل عواصف وأعاصير وحروب مذهبية لن ينجو منها أحد، ونجاحها في تحدّي الإسلاميين التقليديين "المعتدلين" عادة سواء داخل الأنظمة في العالم المذكور أو في أوساط الشعوب التي تحكمها، وفي الوقت نفسه في تحدِّي العالم. وطبيعي في بيئة فلسطينية مظلومة ومقهورة ومسلمة بغالبيتها ومتديِّنة بل إسلامية أن ينشدّ كثيرون إلى هذا النوع من الإيديولوجيا والممارسة الدينيتيْن. أما رابع الأسباب فهو الصراع العربي – الإيراني، وهو سنّي – شيعي في آن، وقدرة أحد طرفيه الجمهورية الإسلامية الإيرانية على استقطاب فلسطينيين سواء بـ"الدعوة" الدينية أو بالمال أو بتقديم الدعم المتنوع لمواجهة المحتل الإسرائيلي.
لكن ذلك على أهميته لا يعني أبداً أن "حماس" عاجزة الآن أو ستعجز لاحقاً عن صدّ هؤلاء، وعن منعهم من تخريب القطاع ودفع إسرائيل إلى تدمير ما تبقى منه. فهي حركة مُنظَّمة جداً وتعرف كيف تتعامل مع هؤلاء بالشدة عند الحاجة وباللين في أوقات أخرى لأنها تتفهّم ما يعانونه ويشعرون به. ومعرفتها هذه ظهرت من زمان وقبل "احتلالها" غزة عندما أبعدت إسرائيل مجموعة من قيادييها وأعضائها إلى "مرج الزهور" جنوب لبنان. إذ استطاعت إشغال الإعلام والرأي العام العالميين طيلة وجود هؤلاء في المخيم الذي أقاموه هناك، الأمر الذي دفع حكومة إسرائيل إلى اقتراح إعادة قرابة 20 من هؤلاء إلى "فلسطين" تمهيداً لإعادة تدريجية للباقين. لكن هؤلاء رفضوا تسلُّم مذكرة الإعادة أو "العودة" من دون أن يفتحوها، وعادوا بعد ذلك بأشهر "منتصرين". ويعني ذلك أن متطرفي الإسلاميين الغزاويين لن ينجحوا في ضرب "تهدئة" مع إسرائيل إذا تم التوصُّل إليها، وكان من شأنها إفساح المجال أمام إعادة إعمارها، وأمام تحرُّر شعبها من الحصار، وأمام ممارسته حياة شبه طبيعية من دون التخلي عن حقوقه ومشروعه التحرُّري.
ما هي علاقة "حماس" مع مصر الآن في عهد رئيسها العسكري عبد الفتاح السيسي؟
تعترف هذه "الحركة" بحاجتها بل بحاجة شعب فلسطين كله إلى مساعدة العالم العربي بل العالم الإسلامي، لكنها تؤكد أن مصر كانت دائماً صاحبة الدور الأول في قضية فلسطين سياسياً وعسكرياً، وفي ظل العهود التي تعاقبت على حكمها منذ عام 1952. ولهذا السبب صمّمت الحركة على تجاوز شبه القطيعة التي قامت بينها وبين مصر بعد الثورة الشعبية أو الانقلاب العسكري على شقيقها "الإخواني" الرئيس محمد مرسي. وهي تجاوزت الاتهامات بمساعدة مرسي و"إخوانه" المصريين على ارتكاب "أعمال جرمية" وقت الثورة أو الانقلاب، والاتهامات بمساندة الارهاب ضد الدولة المصرية في سيناء وإرهاب "إخوانها" داخل مصر، ونجحت في إقناع السلطات المصرية بغياب أي مسؤولية لها عن ذلك وأي مشاركة فيه. طبعاً لا يعني ذلك أن السمن والعسل عاد إلى علاقتهما. بل يعني أن التعاون بينهما قد بدأ ربما رغم استمرار بعض الشكوك والتحفظات منهما معاً.
ماذا عن علاقة المملكة العربية السعودية و"حماس" بعد زيارة وفد "حماس" لها على رأسه خالد مشعل؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم