الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

بعد وصوله الى أفغانستان ... هل يهدّد تنظيم الدولة روسيا عبر آسيا الوسطى؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
بعد وصوله الى أفغانستان ... هل يهدّد تنظيم الدولة روسيا عبر آسيا الوسطى؟
بعد وصوله الى أفغانستان ... هل يهدّد تنظيم الدولة روسيا عبر آسيا الوسطى؟
A+ A-

تسارعت الاحداث في #أفغانستان بعد إعلان وفاة زعيم حركة #طالبان الملّا عمر وتعيين الملّا أختر منصور خلفاً له. وتسارع الاحداث هنا، يقع على مستوى الخلافات التي كانت سائدة داخل الحركة والتي بدأت تتظهّر أكثر بعد إعلان الوفاة وخصوصاً بعد الخلافات الداخليّة المتعلّقة بأحقية منصور بتزعّم الحركة.


ولم يخفِ تنظيم "#الدولة_الاسلاميّة" يوماً رغبته بالتوسّع الى ما وراء حدود #العراق والشام، خصوصاً أنّه نجح في استقطاب العديد من التنظيمات الجهاديّة ودمجها في هيكليّته التنظيميّة مستنداً الى خطط إعلاميّة وعسكريّة ممنهجة. فالتنظيم الذي وصل الى مصر وليبيا ونيجيريا عبر بعض الحركات الارهابيّة التي بايعته أو والته، لن يألوَ جهداً للعبور الى آسيا الجنوبيّة وخصوصاً الى أفغانستان الأرض التاريخيّة للتنظيمات الجهاديّة، بعد استشعاره بضعف قيادي في طالبان.


تنظيم "داعش" في جنوب آسيا والذي يتّخذ هناك اسم الدولة الاسلاميّة في خراسان، يجد في أفغانستان رمزاً دينيّاً مهمّاً لأنّ هناك اعتقاداً -بحسب بعض الاحاديث- بأنّ خراسان (غالبيّة إقليم أفغانستان اليوم مع أجزاء من الدول المحيطة) ستشهد إحدى العلامات التي تسبق قيام الساعة.


صحيح أنّ التنظيم ما زال يافعاً في تلك البلاد، حيث تجمع مصادر مختلفة على أنّ مقاتليه يتراوح عددهم من بضع مئات الى بضعة آلاف كحدّ أقصى، لكنّه سيجد في الخلافات الداخليّة في طالبان الفرصة السانحة للتوسّع وتحقيق حلمه. فقد سبق له في كانون الاوّل الماضي أن انتقد عبر مجلّته "دابق" شخصيّات قياديّة في القاعدة وحليفاتها كأيمن الظواهري وحارث النظاري وغيرهما كما انتقد الملّا عمر في المجلّة نفسها قائلاً:"لا بارك الله بيعة القاعدة المزعومة للملّا عمر". وهذا يعني أنّ تخطيط التنظيم لبسط نفوذه داخل تلك المنطقة قديم وليست مستجدّاً.


والخلاف لم يقتصر على النظرة العقائديّة فقط عندما اتّهم التنظيم حركة "طالبان" و"القاعدة" بالخيانة والسماح للقبائل بتطبيق قوانينها المحلية بدلاً من الشريعة الاسلاميّة، بل إنّ صدامات عسكرية عنيفة وقعت بين الطرفين في شنوار وآشين ومقاطعات في نانجارهار شرقي البلاد، خلال الأيام والأشهر السابقة. وقد ذكرت وكالة أنباء "كاما" الأفغانية اليوم أنّ متحدّثاً باسم تنظيم "داعش" أعلن أنّ حركة طالبان قد "انتهت".


ولا شكّ في أنّ التنظيم سيستفيد من الحوار الطالباني مع حكومة كابول لجذب مزيد من المتشدّدين الى صفوفه، لكنّ الأمر لن يكون بهذه السهولة. فبحسب "الفورين أفيرز" تستند أفكار "القاعدة" والتنظيمات المرتبطة بها الى أفكار راديكاليّة لمدارس فكريّة محلّيّة من بينها الديوبندية التي نشأت في الهند لمواجهة الاستعمار البريطاني وانتشر تأثيرها في دول الجوار. بينما تعتبر الصحيفة انّ معظم أفكار "داعش" هي أفكار مستوردة.


بالاضافة الى كلّ ذلك، يشكّل رئيس تنظيم "داعش" في أفغانستان، حافظ سعيد خان، المثل الأبرز عن قيادات طالبانيّة سابقة أعلنت مبايعتها لأبي بكر البغدادي مع مجموعة من رفاقه، حيث بدأ العمل لنشر نشاط داعش في تلك البلاد وجوارها.


قائد قوات المعاونة الأمنية الدولية في أفغانستان الجنرال جون كامبل أعلن في أيّار الماضي أنّ تنظيم الدولة الاسلاميّة يقوم بحركة تجنيد في أفغانستان إلّا أنّ التنظيم نفسه لا ينشط بشكل فعلي في أفغانستان، مؤكّداً على أنّ الافغان لا يتفقون الى حدّ كبير مع عقيدة الدولة الاسلاميّة.


هذا التصريح قد يشير إلى أنّ انتشار التنظيم في أفغانستان ما زال محصوراً حتى الآن. لكنّ الجنرال نفسه نبّه في وقت سابق من أنّ داعش استطاع أن ينتشر بسرعة في العراق وسوريا ما يعني ضرورة مراقبة نشاطاته في لحصرها.


وإذا نجح "#داعش" في التوسّع داخل منطقة آسيا الجنوبيّة، فإنّ آسيا الوسطى قد تشكّل "الخاصرة الرخوة" لروسيا لاحقاً. فالمنطقتان استراتيجيّتان لانتشار التطرّف في باقي أرجاء آسيا. وستكون روسيا الى جانب الصين، في مرمى نيران الارهاب من حديقتهما الخلفيّة. لذلك يبدي الروس تخوّفاً جدّيّاً من انتشار سريع للتنظيم ويسعون الى محاصرته بكافّة الطرق الممكنة خصوصاً أنّ روسيا كانت عرضة لهجمات إرهابيّة عديدة خلال السنوات الماضية.


لكنّ التخوّف لا يقع على صعيد وصول الارهاب الى قلب آسيا "بعد" وصوله الى جنوبها. لكنّ القلق يتزايد إزاء فكرة أنّ الارهاب قد ينتشر بالتزامن في المنطقتين معاً. ففي شهر تمّوز الماضي استطاعت قوّات الامن القرغيزيّة قتل 6 مسلّحين وتوقيف 7 آخرين كانوا على وشك استهداف قاعدة روسيّة تبعد عشرين كيلومتراً عن العاصمة القرغيزيّة. وتبيّن لاحقاً أنّ هؤلاء ينتمون الى "داعش".


والأسوأ أنّ الارهاب في بعض دول آسيا قد ينتشر على طريقة الدومينو. فالمشكلة في سقوط منطقة في القارة الأكبر بيد #الارهاب أنّها قد تتسبّب في سقوط مناطق أخرى مجاورة. والأحداث الأخيرة بدأت تلمّح الى هذا الأمر. يوم السبت الماضي، استطاعت القوّات الروسيّة قتل ثمانية عناصر إرهابيّة على صلة بداعش في جمهورية أنغوشيا شمال القوقاز. وفي حزيران، استطاعت القوّات الروسيّة قتل قائد ميليشيا مرتبطة هي الاخرى بالتنظيم نفسه في جمهوريّة داغستان الواقعة ايضاً في القوقاز.


إذاً لا يستبعد أن ينتشر "داعش" كالنار في هشيم بعض الدول الآسيويّة التي قد تفتقد بعض المناعة الامنيّة والسياسيّة لمواجهته. فدول وسط آسيا وجوارها ستشكّل هاجساً مقلقاً للروس لناحية قدرتها على التصدّي للارهاب قبل أن يستفحل وينتقل إليها في وقت لاحق. لذلك لا يستبعد أن يقدّموا خططاً سياسيّة جديدة لضرب ذاك التنظيم وتطويقه. كما يتوقّع أن يكثّفوا حواراتهم وزياراتهم الى دول عديدة لإيجاد السبل الآيلة لحماية دولتهم من الارهاب. لهذا، قد تكون المحادثات التي أجروها مؤخّراً في قطر عبر وزير الخارجيّة سيرغي #لافروف، نموذجاً مصغّراً عن جولات مكّوكيّة أخرى تهدف الى إبعاد كابوس الارهاب عن حدودهم وتحجيم أخطاره عن ساحتهم.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم