الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

الوجه الجديد للارهاب اليهودي

المصدر: "النهار"
رندة حيدر
الوجه الجديد للارهاب اليهودي
الوجه الجديد للارهاب اليهودي
A+ A-

احداث الأسبوع الاخير في إسرائيل فتحت اعين الإسرائيليين والعالم على واقع جديد متمثلا بالحركات الدينية الأصولية في إسرائيل التي ترفع راية تطبيق الشريعة اليهودية وتعادي العرب وكل من ليس يهودياً، و تسعى الى زعزعة اسس الدولة الحالية في إسرائيل واستبدالها بدولة يهودية تتبع الشريعة اليهودية "الهلاخاه".


في الواقع فإن حادثة اقدام مستوطنين يهودعلى احراق منزل عائلة دوابشة في الضفة الغربية، والتسبب بمقتل طفلها الرضيع علي واصابة ثلاثة من أفراد عائلته بحروق، تأتي ضمن سلسلة حوادث حرق واعتداءات وشغب شنتها التنظيمات اليهودية المتطرفة خلال السنوات الماضية على كنائس ومساجد ومنازل واملاك تابعة للفلسطينيين. فمن هي هذه التنظيمات وما اهدافها؟ وما اسباب صعودها في الفترة الاخيرة؟


تنظيمات فوضوية


لطالما شكلت المستوطنات اليهودية والمدارس الدينية "اليشيفوت" البيئة الحاضنة الاساسية لنمو التنظيمات اليهودية الدينية المتشددة. فالمستوطنات التي كانت من صنع حزب العمل واحزاب اليمين جذبت مع مرور الزمن المتدينين من اصحاب العائلات الكثيرة العدد الباحثين عن مساكن رخيصة الثمن وتسهيلات تقدمها الدولة للمستوطنين، والذين يؤمنون بأن الاستيطان اليهودي في الضفة هو تحقيق للحلم التوراتي "بأرض إسرائيل الكاملة". وشيئاً فشيئاً تحولت المستوطنات الى الارض الخصبة للحركات اليهودية المتطرفة التي تستخدم العنف دفاعاً عن المستوطنات غير القانونية وتعتدي على الفلسطينيين وتسعى الى ترهيبهم وطردهم من اراضيهم. وفي طليعة هذه المجموعات مجموعة "شبان التلال" من سكان المواقع الاستيطانية غير القانونية المقامة على اراض فلسطينية خاصة وغير مرخص لها من الدولة الذين مع مرور الزمن تحولوا الى عصابة "زعران التلال"، لا سيما مع ولادة الجيل الثاني الذي بات اكثر تطرفاً وعنفاً من اهله.


شكل "شبان التلال" النواة الصلبة المعارضة لاخلاء المستوطنات، وخاضوا مواجهات عدة مع القوى الامنية. و منهم نشأت مجموعة " تدفيع الثمن" وهي مجموعة متطرفة من المستوطنين مهمتها تنفيذ عمليات انتقامية ضد الفلسطينيين. وهذه المجموعة هي التي ارتكبت جريمة احراق عائلة دوابشة انتقاماً من هدم الجيش الإسرائيلي قبل ايام عمارتين غير قانونيتين في مستوطنة بيت إيل.


كما تعتبر المدارس الدينية اليهودية هي ايضاَ حاضنة للحركات الدينية الاصولية المتشددة لا سيما تنظيم " تدفيع الثمن" الذي بحسب تقارير صحافية إسرائيلية شهد خلال العامين الأخيرين عدداً من التغييرات الاساسية اهمها:
1- تبني نظرة فوضوية انقلابية معادية للصهيونية لا تتورع عن استخدام القتل ليس فقط انتقاماً من الفلسطينيين بل من اجل زعزعة أسس الدولة وانشاء مملكة الشريعة "الهلاخاه"، من خلال تأجيج الصراع الديني وزعزعة اسس الاستقرار ومهاجمة اهداف دينية حساسة مثل المسجد الأقصى والكنائس والاعتداء على الاجانب والعرب حتى الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية.
2- صعود قيادة شابة متهورة ومندفعة في العشرينات من العمر وما دون تربت في اجواء الحقد والكراهية والعنصرية، غير تابعة لنفوذ شخصيات دينية بارزة، ولا خاضعة لحاخامين يصدرون فتاوى تجيز اعمال العنف والقتل.
3- قدرة تنظيمية داخلية واندفاع ديني اهوج واعداد ايديولوجي جهادي، يبيح اعمال القتل والاعتداء والتضحية بالنفس والاستعداد للسجن فترات طويلة.
مع هذه التغيرات اخذ الارهاب اليهودي وجهاً جهادياً مختلفاً، وهو لم يعد موجهاً ضد الفلسطينيين والعرب والرموز الدينية غير اليهودية فحسب، بل ضد الدولة ورموزها الصهيونية والعلمانية وضد التعددية في المجتمع الإسرائيلي وضد المثليين والزواج المختلط بين اليهود والعرب والاختلاط بين النساء والرجال، انه باختصار نسخة يهودية للحركات الجهادية الإسلامية التي تغزو المنطقة وتحاول اعادة عجلة التاريخ الى الوراء.


مسؤولية الحكومة والاحزاب الدينية


في تقدير الشرطة الإسرائيلية ان عدد الجهاديين اليهود لا يتعدى 500 عنصر الجزء الاكبر منهم يعيش في المواقع الاستيطانية غير القانونية منذ سنة 2000. لكن يدور في فلك هؤلاء الالاف من تلامذة المدارس الدينية الذين يخضعون لعملية اعداد جهادية من خلال منشورات يتداولونها سراً مثل "كيف تحرق مسجداً" أو "كيف تصمد في تحقيق الشرطة"، أو كتب دينية اخرى تجيز قتل العرب حتى الاطفال منهم.


ليست هذه المرة الاولى التي تواجه إسرائيل مشكلة الارهاب اليهودي فقد سبق وواجهته سنة 1980 من خلال "الشبكة السرية اليهودية" التي نفذت عمليات اغتيال ضد شخصيات فلسطينية، وتنظيم "ارهاب ضد الارهاب" المتمثل في حركة "كاخ" العنصرية التابعة للحاخام مئير كهانا. لكن صعود التنظيمات الارهابية اليهودية بحلتها الجهادية أمر مختلف وظاهرة تتحمل مسؤوليتها وفقاً لعدد من المعلقين الإسرائيليين السياسات التي اعتمدتها حكومتا نتنياهو الثالثة والرابعة التي سعت دوماً الى استرضاء جمهور المستوطنين والاحزاب الدينية على حساب سائر شرائح المجتمع. كما تتحمل المسؤولية ايضاَ الاجهزة الامنية الإسرائيلية التي تعاملت بتهاون وتساهل مع مثيري الشغب من اليهود المتشددين الذين نجحوا دوماً من الفرار من العقاب بتواطؤ مع الاجهزة الرسمية. كما تتحمل احزاب اليمين المتطرف المسؤولية ايضاَ لأنها هي التي حضنت هذه التنظيمات وحمتها من الملاحقة القانونية والقضائية. لكن هذا لا يعفي المعارضة الإسرائيلية من المسؤولية لانها لم تقف موقفاً حاسماً من هذه الحركات ولم تطالب بمحاسبتها ومعاقبتها.


في رأي المعلق في صحيفة "هآرتس" جدعون ليفي فان كل الشعب الإسرائيلي الذي يؤمن بانه شعب الله المختار هو المسؤول عن التطرف الجهادي اليهودي لأنه من خلال اعتقاده هذا جعل من المباح قتل كل مَن ليس يهودياً.


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم