السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

تحذير خليجي بأن الوضع اللبناني صعب... السفير الاماراتي لـ"النهار": سلام صمام الأمان

المصدر: "النهار"
محمد نمر
تحذير خليجي بأن الوضع اللبناني صعب... السفير الاماراتي لـ"النهار": سلام صمام الأمان
تحذير خليجي بأن الوضع اللبناني صعب... السفير الاماراتي لـ"النهار": سلام صمام الأمان
A+ A-

بالرغم من غياب رئيس الجمهورية في لبنان لِيُقدّم له السفراء أوراق اعتمادهم، استطاع سفير دولة الإمارات العربية حمد سعيد الشامسي كسر البروتوكول وايجاد مكان له بين الديبلوماسيين. ويتخذ اليوم من اليرزة (مسكن السفير) مقراً له وللسفارة، وسيطول ذلك لسنتين، لأسباب امنية، وإلى حين انتهاء العمل من إنشاء مبنى جديد في الرملة البيضاء، حيث لا يزال العمل في استقبال المعاملات والمصادقات والتأشيرات هناك حتى بداية العام 2016 موعد افتتاح قنصلية في وسط بيروت تقوم بهذه المهمة.


الطريق إلى اليرزة سالكة. المنطقة هادئة وآمنة ونظيفة من النفايات. يجتهد أمن السفارة ألا يشعر الزائر بالاجراءات الأمنية المشددة. وصلنا الغرفة جدرانها بيضاء وأثاثها ابيض. يوصلك رجل الأمن. لا مجال للانتظار. القهوة العربية جاهزة والتمور لا تغيب من الغرفة. ثوان ودخل السفير. رجل أربعيني، يدرك تماماً ما هو لبنان، وتربطه به علاقة 25 عاماً، إذ حصل فيه على ليسانس في التاريخ السياسي، في جامعة بيروت العربية وماجستير في تطور العلاقات السياسية والاقتصادية لدول مجلس التعاون منذ العام 1981 حتى 2005 .
لم يكن باستطاعة الشامسي استهلال كلامه، بعد الترحيب طبعاً، إلا بتعبيره عن استيائه من أزمة النفايات. ربما هي المرة الأولى التي يشهد فيها مثل هذه الأزمة، لكنه يعتبر لبنان بلده الثاني ويقول: "تعلمنا في لبنان فن العمل السياسي والديبلوماسي، ومن يعمل هنا يكون مؤهلاً لأن يعمل في أي بلد مهم أو لأن يكون رئيس بعثة".


سلام صمام الأمان


يرفض السفير سياسية التدخل في شؤون لبنان الذي "لا يتحمل تدخل دولاً أخرى" على حد قوله، ويؤكد أن "سياسة الإمارات مبنية على دعم ما يختاره الشعب اللبناني، ونرفض أن نكون مع فريق ضد آخر، ونركز على استقرار لبنان بما يخدم الشعب، وتوجهاتنا الحالية تتركز على المساعدات الانسانية والتنموية، لمساعدة الحكومة اللبنانية على التعامل مع أزمة النازحين".
حضر الشاي وبدأ الحديث بالسياسة. الحكومة أولاً، يقول الشامسي: "نكنّ لها كل التقدير على أدائها في ظلّ الوضع الذي تعيشه يومياً، خصوصاً للرجل الوطني والحكيم الرئيس تمام سلام الذي أصبح يتعامل مع الأزمات في شكل مستمر". سمع كلاماً إعلامياً عن استقالة لسلام، لكنه على يقين، أن "سلام لن يخطو مثل هذه الخطوة لأنها ليست لصالح لبنان، ونتمنى التعاون معه لأنه يبقى صمام الأمان لهذا البلد".


صورة لبنان المأساوية


الشامسي أول سفير امارتي يرسل إلى دولة من دون تقديم أوراق اعتماد، ويقول: "حبنا للبنان ودعمنا له كوننا في نفس القارب دفع الإمارات إلى الاصرار على تعيين سفير في ظل عدم وجود رئيس جمهورية"، مشدداً على أن "الرئيس هو رمز الدولة، يستقبل السفراء ويعيّنهم ويعتمدهم وله دور كبير في لبنان، وعدم وجوده في ظلّ مجلس نيابي معطل وحديث إعلامي عن استقالة رئيس الحكومة يعطي صورة للمراقب بأن وضع الدولة اللبنانية مأساوي، وأتمنى أن يجلس اللبنانيون إلى طاولة مستديرة، وأن يحكّموا العقل في هذه القضايا، وان يجعلوا علم الدولة ومستقلبها همّهم الاول، وان يكون للبنان رئيس منتخب تحت مظلة المجلس النيابي، وأن تكون هناك مؤسسات تعمل بسرعة ومن دون تعطيل، وتخدم الشعب اللبناني والذين يأتون من دول العالم لتنشيط السياحة في لبنان، ونتمنى أيضاً أن يستفيد من الخيرات (غاز وبترول) ويترجمه خيراً للشعب اللبناني".
طالت الجلسة ولم يستطع الشامسي شرب الشاي. وبالرغم من حال البلد، يعتبر الشامسي أن "لبنان قوي ومن أفضل الدول حالياً بعد الربيع العربي، خصوصاً في ظل المشاكل المحيطة به". ويضيف: "لبنان بألف خير مقارنة بما يحصل، فهو يعتبر بلداً مستقراً، وعلى اللبنانيين الذين يعملون في كل بقاع الارض، خصوصاً من لهم بصمات في الخارج ويرأسون أكبر الشركات العالمية وأصحاب العقلية التي تدير العالم وتحرك الاقتصاد العالمي أن يكون لهم تواجد في بلدهم. لو تواجد 3% منهم فقط لأصبح لبنان أغنى البلدان، فهو الوحيد فيه 4 فصول في يوم واحد".
الإماراتيون في لبنان
عدد الإماراتيين في لبنان لا يتجاوز المئة في حده الأقصى، ويكشف الشامسي عن تحذير خليجي بأن "الوضع الأمني في لبنان صعب، ويدرك اللبنانيون ذلك". ويَخشى من حصول طارئ يدفع الإمارات إلى اجلاء رعاياها، ويستند الشامسي إلى التجربة مع "حرب تموز 2006"، ويقول: "كنت نائباً للسفير وكان همنا الاول اجلاء رعايا الدولة، واللبنانيين المقيمين في الإمارات، ولم نفرّق بينهم، وأجلينا حينها ما بين 5 و7 الاف شخص برياً عن طريق سوريا، لكن إذا حصل الآن أي امر، فليس لدينا خط اجلاء إلا باتجاه قبرص، ونتمنى ألا تصل الامور إلى مثل هذه الحال"، مشدداً على أن "التحذير ليس مرتبطاً بسوريا بل بالوضع الامني اللبناني الداخلي والحدودي، وفي حال استقر لبنان أمنياً تأكدوا أنه لن يبقى غرفة فارغة في فنادقه". ويعبّر عن تفاؤله بالسنة المقبلة.


اللبنانيون المبعدون


ماذا عن اللبنانيين المبعدين من الإمارات؟ يجيب الشامسي: "لدينا جالية لبنانية يتجاوز عددها 120 الف لبناني، من كل الفئات، والسياح اللبنانيون يدخلون الإمارات يومياً. قبل خمس سنوات تم انهاء خدمات بعض اللبنانيين وقبل 4 اشهر تم انهاء خدمات نحو 70 لبنانياً"، مشدداً على أن "كل لبناني تم استبعاده من الإمارات لديه ملف أمني والحكومة والجهات الامنية على علم بذلك، ولا يشكل هؤلاء سوى نسبة بسيطة جداً من حجم الجالية".
"لا يمكن أن يكون بيننا وبين لبنان أزمة" يقول الشامسي، ويؤكد أن "الإمارات لا تستهدف فئة معينة في لبنان، لكن الشخص الذي لا يلتزم الحدود وقانون الإمارات غير مرغوب فيه نهائياً، ولن يكون له مكان عندنا، أما الذي يحترم القانون والأنظمة فنرحّب به ونتمنّى له إقامة سعيدة ومريحة يمارس خلالها نشاطه في شكل طبيعي". حاولنا معرفة السبب الأمني، لكن الشامسي يذكّر بأن الدول تتحفّظ على الاسباب الأمنية لكن لبنان يعرفها"، لافتاً إلى أن "الذين استبعدوا ليسوا من فئة واحدة، ونسعى دائماً ألا يكون لأي شخص نشاط حزبي أو سياسي من شأنه خلخلة الامن في الإمارات، وهذا لا نقبله ولدينا جهاز امني محترف وواعٍ لاستقرار الامن". ويوضح: "نحن لا ننظر إلى طائفة معينة على أنها من لون واحد، ولا مشكلة لدينا مع الشيعة او السنّة او الدروز أو المسيحيين، بل مع المخلّين بأمن الإمارات". هل يعني ذلك أن القرارات لا تستهدف الشيعة؟ "طبعًا، كيف ذلك، وأكثرية الجالية اللبنانية شيعية ونتواصل مهم. مشكلتنا مع المخرّبين فقط". ويتمنّى الشامسي ألا يتمّ ابعاد أحد مجدداً طالما هو يسير ضمن النظام، مؤكداً أن "لا لوائح جديدة حالياً، طالما يحرص اللبناني على قانون الإمارات، ولا أجندة سياسية لنا في لبنان وسياستنا لمّ الشمل".
قانون مكافحة التمييز والعنصرية
للإمارات نظرتها الاستراتيجية في القضايا السياسية والأمنية، وتبحث عن تحصين أرضها، ويقول الشامسي: "يشهد العالم انقسامات غير مسبوقة، وما كانت تقرأه بين السطور بات في العلن، من انقسامات دينية وعرقية، حيث تحول الدين إلى سياسة والمذاهب باتت الخط الاول للمشاكل بين الدول". ولأن في الإمارات أكثر من 200 جنسية، من مختلف أنحاء العالم، كل واحدة لها لغتها وطقوسها ودور عبادتها، وحرصاً على الاستقرار وتجنباً لما يحدث في الدول المجاورة، اصدرت الإمارات قانونًا يجرم الأفعال المرتبطة بإزدراء الأديان ومقدساتها ومكافحة أشكال التمييز ونبذ خطاب الكراهية عبر مختلف وسائل وطرق التعبير. ويوضح الشامسي أن "القانون الجديد يجرم كل من يتكلم في امور الدين أو يخطئ في حقّ الآخر، فنحن لدينا المساجد والكنائس والفنادق، وكل راحة الانسان متوافرة، وليس لدينا عنصرية أو تحزّب أو تعصّب لأي فئة من الفئات، ودولتنا حديثة وتتمتع بصفات عالمية، ويحظى المواطن باهتمام القيادة، والمقيم أصبح جزءا لا يتجزأ من النسيج الداخلي للدولة وشريكا في التجارة والاستثمار وادارة بعض المؤسسات التجارية والاستثمارئية وله بصمة واضحة في انشاء الدولة".


"داعش" والتحالف


لا يمكن الحديث عن القانون الجديد من دون التطرق إلى تنظيم "الدولة الاسلامية" الذي يعتبره الشامسي "خطراً على الجميع، لا يعرف دولة ولا حدود ولا مكان ولا زمان، هو خلايا نائمة، ينشط عندما تسنح له الفرصة، وهو متواجد في كل مكان ويبدأ من الفكر التطرّفي ومن ثم يتحول إلى عدواني ويمكن أن يكون بيننا، لكن السؤال: متى يبدأ طريق العدوانية أو خط الارهاب، فهو أكبر همّ على الدول العربية في الوقت الحاضر". وتواصل الإمارات مشاركتها في التحالف الدولي في ضرب "داعش"، لكن ماذا عن النتائج بعد أقل من سنة؟ يجيب الشامسي: "بات الرد في موضوع النتائج وتحقيقها من الأمم المتحدة وقيادة التحالف، ونلاحظ أن هناك نتائج ايجابية، لكننا لا نستطيع أن نقول ان داعش لم يعد موجوداً، بل هو موجود بقوة ويكبر يومياً"، مشيراً إلى أن "الإمارات تحاول ايضاً تجنب "داعش" فكرياً بالثقافة والاعتدال والوسطية، ونسعى مع دول الخليج والدول العربية والاوروبية أن نساعد من أجل الحد من الفقر بحيث لا يستطيع داعش أن يستغلّ البيئة الفقيرة. فالاعتدال والوسطية اساس استقرار الدول".
الاتفاق النووي والإمارات
بالانتقال إلى الاتفاق النووي، تحدث كثيرون عن امكانية انتعاش السوق الإماراتي جراء الازدهار الاقتصادي الذي ستتمتع به ايران بعد فك القيود عن أموالها، ويقول الشامسي: "منذ سنة بدأ يتضح أن هناك توجها للاتفاق النووي، ونحن هنأنا الرئيس الايراني ونتمنى أن يكون الاتفاق لصالح الدول الاقليمية ومنها دول مجلس التعاون".
ويضيف: "منذ سنتين زار وفد تجاري إماراتي طهران وكنت ضمن الوفد، وعلاقتنا التجارية معها مستمرة وعلى اسس، أما في ما خص انتعاش الإمارات مع السوق الايراني، فنحن اقتصادنا قوي وهذا الموضوع لا اعتقد انه سيكون له اضافة كما يذكر الاعلام، فاقتصادنا متنوع وليس مبنيا على أمر واحد، ولدينا أكبر صندوق سيادي في العالم وهو جهاز أبو ظبي للاستثمار، بلغت قيمة احتياطه 856 مليار دولار، ولي عهد أبو ظبي صاحب السمو محمد بن زايد آل نهيان، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، تحدث في قمة حكومية منذ أشهر أنه بعد 50 سنة سنتحفل بآخر برميل بترول، وهذا دليل على عدم اعتمادنا على الثروة النفطية مستقبلاً".
أما في شأن الأموال الايرانية وامكانية استخدامها لدعم منظمات مسلحة، يؤكد الشامسي أن "المجتمع الدولي حريص جداً على مراقبة الأمر ومتابعته وهو واعٍ لهذه الامور، ولن يغفل عن تحركات الاموال الايرانية ونتمنى أن تكون الاموال لصالح الشعب الايراني".
حل سياسي لسوريا
وتدعم الإمارات الحل السياسي في الأزمة السورية، ويشدد الشامسي على أن "الحل السياسي يجب أن يكون واضحاً ويشرك الجميع، من دون تغييب اي فئة من الفئات ويكون وسطياً لان همنا هو الشعب السوري، فالوضع المأساوي الانساني الذي حصل في سوريا لم يشهد التاريخ مثله حتى اليوم، والنزوح الذي وصل إلى لبنان والاردن وتركيا لا سابق له، ولا أحد يرضى بهذا الوضع، ويتطلب من المجتمع الدولي ايجاد حل سياسي".


[email protected] 
Twitter: @mohamad_nimer


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم