الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

اصمتوا!

علي حماده
اصمتوا!
اصمتوا!
A+ A-

لم تكن ازمة النفايات في لبنان مفاجئة. المفاجئ انها لم تحصل قبلا. فالدولة في حالة اهتراء مديد ومستديم، والمؤسسات مشلولة ومثلها الحياة الوطنية التي تعطلت مع تعطيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية ومرور أكثر من أربعمئة يوم ولبنان من دون رئيس، تديره حكومة أشبه بمجلس بلدي. ولا ننسى أننا نعيش أيضاً في ظل مؤسسة برلمانية معطّلة ممدّد لها. أما المؤسسة الوحيدة المعقولة، أي مؤسسة الجيش، فمقبلة (إذا لم يتغيّر موقف المعطّلين) على شغور في موقع القيادة ليزداد شللها في ظل تنامي فوضى السلاح التي أدت الى سقوط رائد من الجيش على طريق في قلب جبل لبنان.


لا هيبة للدولة، ولا هيبة للمؤسسات المدنية ولا العسكرية ولا الأمنية. والمجتمع اللبناني، يا للأسف، مخدّر وغائب بشكل شبه تام عن واجب التصدي للوضع المزري الذي بلغته البلاد. وحدها العصبيات المحلية الضيقة، أو الزعرنات المبرمجة من عصابات "سرايا المقاومة".
خلاصة الواقع في صيف ٢٠١٥ أننا في حال أسوأ من العام الماضي. والخشية أن نعود بعد سنة من الآن لنتحدث عن الأزمات عينها وغيرها من الأزمات التي تكون انفجرت في البلاد خلال اثني عشر شهراً. المخيف أن المواطنية غائبة وسط ازدياد الأغنياء غنى والفقراء فقراً. والطبقة السياسية ومنها العسكرية تعيش في أبراج عاجية مع تفاوت المسؤولية عما آلت إليه أوضاع لبنان. ألم يكن غريباً أن يهاجم زعران عصابات "سرايا المقاومة" وزيراً آدمياً ويرشقوه بالنفايات والشتائم محاولين الاعتداء عليه، فيما وقفوا قبلها بيوم يؤدّون تحية الجبناء لضابط هو مسؤول أساسي عن أزمة الفراغ الآتي في قيادة الجيش يتنزّه في شوارع بيروت مع مرافقة عسكرية كانت على استعداد لإطلاق النار لو أن الجبناء إياهم لم يبادروا الى الإنحناء أمام القوة؟
إنه بلد العجائب، وقديماً قيل "كما تكونون يولّى عليكم"!
بدل قطع الطرق ووصف الجميع بالحرامية من دون تحديد، لماذا لم نر أحداً من الجبناء في شوارع بيروت يتظاهر أمام مقر لـ"حزب الله" أو لـ"حركة امل" المدجّجين بالسلاح؟ أليس الكل"حرامية" كما تقولون؟
إن الذين نزلوا الى الطرق خلال الأيام الماضية في العاصمة (باستثناء التجمّع في ساحة الشهداء من وجوه المجتمع المدني في البداية) وهاجموا الوزير الآدمي، وحاصروا منزل رئيس الحكومة الآدمي، أو حاولوا الاعتداء على منزل شخصيات محترمة، إنما هم زعران وجبناء وعصابات لا يستحقّون إلا أن يحكموا من رؤساء عصابات كالذين ينحنون أمامهم صاغرين، أو مدفوعين بتعصّبهم الأعمى والغبي.
نقول لكل الصادقين في غضبهم من الأوضاع الحالية: لن يتغيّر شيء ما دمتم تتركون الشارع للعصابات التي فرّختها العصابة الأكبر في البلاد، وأنتم تعرفونها حق معرفة. إما أن تتحملوا مسؤوليّاتكم وإما أن تصمتوا. كفى كذباً وتكاذباً وجبناً.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم