الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

وزير الشؤون وورقة التين

غسان حجار
غسان حجار @ghassanhajjar
وزير الشؤون وورقة التين
وزير الشؤون وورقة التين
A+ A-

لم أفاجأ بتصرفات شارعية قام بها البعض، وهم ضحية اهمال طبقة سياسية فاسدة او مقصرة، تحركهم تارة وتحميهم أطواراً، ومنهم الشاب طارق الملاح، ضحية الاعتداءات الجنسية المتكررة، والذي لم يفتح له وزير او قضاء بابه مستمعاً ومتابعاً ومنصفاً ومعالجاً، ما دفع به الى الشارع بعدما ايقن ضحالة فكرة دولة القانون والمؤسسات والقضاء العادل. لكني فوجئت حقا بما ادلى به وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، وهو ايضا ضحية، لكنه، من موقعه الوزاري، شريك في جريمة اهمال او فساد، ادت الى اغراق البلد في النفايات. فالمهل المحددة لقفل مطمر الناعمة لم تكن مفاجئة الا لوزراء ينامون على حرير المناسبات الاجتماعية والسفرات والمؤتمرات ومعظمها لا ينفع في شيء الا ارضاء غرورهم وكسب بعض المديح الاجتماعي الزائل بزوال المنصب. فمجلس الوزراء مجتمعاً، وإن مختلفا، مسؤول عن هذه الازمة التي تسقط حكومات في اي بلد يحترم نفسه، ويحترم فيه المسؤولون انفسهم، لكننا امام واقع معقد لا يسمح لنا بذلك حاليا، والا لكان العقاب العادل اسقاط الحكومة في الشارع، واغراق منازل وزرائها وسياراتهم بالنفايات.


صحيح ان التعرض لدارة رئيس الحكومة في المصيطبة هو عمل مشين ومقرف، والتعدي على سيارة وزير الشؤون مدان ومرفوض، وتحميل وزير البيئة وحده المسؤولية مبالغة، لكن اللبنانيين ايضا معتدى عليهم في امنهم الاجتماعي وصحتهم وحياتهم من المسؤولين انفسهم، وهم يعيشون حاليا تحت رحمة جشع بعض الوزراء والنواب، وصمت البعض الآخر تواطؤاً او جهلا، وكلاهما معيب.
ما حصل من رمي للنفايات في وسط بيروت، وقفل الطرق في الجية، وضهر البيدر، ومناطق اخرى، انما هو اعتداء على اللبنانيين لا يقل عن التعرض للوزير درباس او غيره، وتعامل قوى الامن معهم بلامبالاة تجنبا لأي صدام، هو تغطية وحماية للزعران وتشجيع لهم على ارتكاب المزيد ودفع البلاد الى تفلت لا تقتصر ضحاياه على وزير، علما ان كرامة الوزير ليست اغلى من كرامات اللبنانيين الذين لم يتصل بهم احد من المسؤولين ولم يواسهم ولم يفتح لهم الطرق وهم يعانون الامرّين من الاوساخ والروائح الكريهة والامراض ودخان الحرائق.
في الاعتداء على الناس الاوادم، يتساوى المسؤولون بالميليشياويين، كلاهما يتعرض لنا، وتتقاطع مصالح الفريقين غالبا، وعندما يفترقان تحل المصيبة ويعلو الصراخ، لكنه يخفت لاحقا من دون ان نفهم لماذا ارتفع وكيف انخفض. وفي طريقة التعبير، هالني ان يتساوى وزير الشؤون مع المعتدين عليه عندما قال: "اذا لم تأخذ الدولة حقّي فأنا أعلم كيف آخذه، انا لست سهلا ولن اسكت، لا يُرهبني احد، والنفايات التي رشقني بها هؤلاء الناس أشرف منهم". لم اصدق ان هذا الكلام يصدر عن وزير ونقيب سابق للمحامين. ربما يكون لديه توضيح لما قاله.


[email protected] | Twitter: @ghassanhajjar


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم