الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

حياة مصطفى ابن الست سنوات بخطر... فهل من ينقذه؟

المصدر: "النهار"
سلوى أبو شقرا
حياة مصطفى ابن الست سنوات بخطر... فهل من ينقذه؟
حياة مصطفى ابن الست سنوات بخطر... فهل من ينقذه؟
A+ A-

مصطفى هو الطفل الرابع بين إخوته الخمسة، جلس في حضن والده وبالقرب من والدته داخل سيارة الأجرة، بعد وصوله من إحدى القرى الجنوبية اللبنانية إلى بيروت للخضوع لعملية جراحية. كان ينظُر من النافذة محاولاً التنفس إلاَّ أنَّ النفايات التي ملأت العاصمة حالت دون ذلك.


قلب مصطفى لا يحتمل


في سنّ الشهرين برزت معاناة مصطفى، حيث تبين أنَّه يعاني مشكلة في القلب. تُخبر الوالدة "النهار" أنَّ "مصطفى يعاني مشكلات صحية، ولكنني لم أكتشف ذلك إلاَّ بعد بلوغه الشهرين حيث أخذته إلى عيادة الطبيب الذي قال إنَّه تعب ويحتاج إلى علاج جراء الزكام الذي أصابه وانتشر في جسمه. ولكني يومها لم أتمكن من إدخاله المستشفى جراء المبلغ الذي طلب مني، فسألت الطبيب إذا كان بإمكاني علاجه عبر الدواء في المنزل فوافق على طلبي حينها. بعد مدَّة، انتكست حاله أكثر فطلب الطبيب أنَّ يجري صورة لابني لأنَّ صوت نبضات قلبه لم تكن طبيعية، ولا يضخ قلبه الدم بالكمية المطلوبة، وتنفسه ضعيف فتقرَّر إجراء عملية سريعة له في منطقة الجنوب ولكنها لم تنجح. حاولت نقله من مستشفى إلى آخر حيث طلبوا مني مبالغ تراوح بين 10 و20 ألف دولار أميركي، ولكننا لم نتمكَّن من توفير هذه المبالغ، وخصوصاً أنَّ والد مصطفى يعمل في الأرض ما يعني أنَّه لا يتقاضى راتباً ثابتاً، ما يحول دون تأمين استشفاء دائم أو أدوية. أرشدونا لاحقاً إلى طبيب في مستشفى مهم في بيروت، فأخذنا مصطفى وتوجهنا إلى هناك، حيث ساعدنا الطبيب جداً، وخضع مصطفى لعملية جراحية ثانية، ولكنَّ الطبيب يومها أخبرنا بأنَّ نتيجتها الإيجابية لن تتخطى الـ 50%. فمشكلة مصطفى الصحية تكمن في أنَّ الشريان الأبهر من القلب إلى الرئتين ضيق جدًا ما يحول دون وصول الدم بسهولة. والعملية التي ستُجرى في شهر أيلول قد سبقتها عمليتان، ولكنَّ المشكلة تبدو مزمنة، إذ كلما أصبح الشريان ضيقاً، استدعت صحة مصطفى إجراء عملية أخرى لتوسيعه".



جسمه يفتقر إلى المناعة


إلى ذلك، لا تتوقف معاناة مصطفى مع أزمة في قلبه، بل سيخضع لعملية جراحية في أعضائه التناسلية بحسب الوالدة المصرَّة على خضوعه للعملية قائلةً: "أنا مُصرَّة على خضوعه للعملية، لأنني أخاف من ألا يتمكَّن من الإنجاب وهذا ما سيشكل له عقدةً في المستقبل، خصوصاً وأنه صبي وحيد على 4 فتيات. ولكن ما إن وصلنا إلى المستشفى حتى طُلب منا العودة إلى القرية مجدداً والعودة غداً إذ ما من غرف شاغرة. ولكنني أصررت على الطبيب أن يحاول توفير غرفة لنا لأنَّ مسافة العودة طويلة تتطلب حوالى الخمس ساعات، خصوصاً أننا تنقّلنا بين باص وسيارات أجرة. كما أنَّ تكلفة هذه العملية سيحاول زوجي تأمينها بعد طلبه المساعدة من عائلته. ووضع مصطفى يحول دون تواجده مع مرضى آخرين في غرفة واحدة لأنَّ جسمه يفتقر إلى المناعة ما يجعله عرضة لالتقاط أمراض وفيروسات. عمليته الحالية تكلفتها 500 دولار وأنا أتواصل مع المستشفى وطاقم الأطباء ليتمَّ خفضها إلى 500 ألف ليرة لبنانية، ولكنهم قد يطلبون مني مبالغ إضافية نتيجة إجراء كل طبيب على حدة لفحوصات عدَّة والحصول على أجرة يدهم بعيداً من كلفة العملية والغرفة".


القلب لا يعاني وحده


معاناة مصطفى وعائلته لا تقتصر فقط على صحة قلبه، بل تقول الوالدة إنَّه "يعاني أيضاً بطأ في النمو ومشكلة في عينيه، إذ إنَّ الشريان المتصل بين القلب والعينين هو ضيق أيضاً، مما لا يسمح له بفتح عينيه، ولكنَّ طبيب العيون قال لي إنَّ بصره قوي ولكنَّ عضلة العين ضعيفة، وهو لن يجري له عملية في عينيه، منتظراً الجواب والنتيجة من طبيب القلب. كما أنَّ مصطفى بحاجة إلى إجراء فحوصات مستمرة وصور شعاعية وزيارة أطباء متخصصين من طبيب نمو وطبيب عيون وطبيب قلب، ما أثقل كاهلنا. ولكننا نحاول القيام بالمستحيل ليبقى بصحة جيدة".


معاناة تُثقل كاهل العائلة


تخبر والدة مصطفى أنَّها تمكنت من الحصول على بطاقة إعاقة تكفل إجراء عملية لابنها وخضوعه لفحوصات حين كان يبلغ ثمانية أشهر، "لم يكن مصطفى قادراً على التكلم أو القيام بأي حركة. وبعد سنين، تحسَّنت حاله، فبات قادراً على النطق والمشي، ولكن طوال تلك المدَّة كنت أخاف من أن يعلم أحد أن طفلي يعالج جراء حصوله على بطاقة إعاقة، ومن أن يتعرض للتهكم والسخرية من أصدقائه مستقبلاً. عام 2014 توقَّف عمل البطاقة وكان تبرير توقُّف المساعدات بأنَّ مصطفى بات أفضل، وأنَّ الإعاقة لا ترتبط بمرض القلب أو العيون بل تقتصر على فقدان اليدين أو القدمين. ومنذ ذلك الوقت، توقفت أدوية البطاقة وأصبحنا نُجري الفحوصات على حسابنا الخاص. وعلى الرغم من أنَّه تحسن عما كان عليه سابقاً، إلاَّ أنه لا يزال بحاجة إلى اهتمام ورعاية وعناية. لا ينظر إلينا أحد، طرقنا أبواباً عدَّة، ولكن لم يساعدنا أحد، لا المسؤولون ولا الأونروا أو منظمة الغوث لأننا لسنا لاجئين بل مواطنين لبنانيين، لم يبقَ لنا أحد سوى الله. عملية القلب لا أعرف كم ستكلفني ولا الفحوصات ولا الرسوم والصور الشعاعية التي سيجريها، خصوصاً أنَّه يدخل كل شهر إلى المستشفى حيث يتلقى العلاج اللازم. والأهم يبقى في إجرائه عملية القلب التي من المفترض أن يخضع لها في شهر أيلول القادم. ولكن قد ينتظر الطبيب إلى سن العاشرة قبل إجرائها، للتأكد من قدرة جسم مصطفى على تحمُّل العملية الجراحية".



مصطفى بحاجة إلى مساعدة تنشله، إلاَّ أنَّ الأهل يخجلون من طلبها، ولكن تبقى الأيادي البيضاء كفيلة بتأمين العون لطفلٍ ذنبه الوحيد أنَّه ولد في وطنٍ لا تُحترم فيه صحة المواطن.


 


[email protected]


Twitter: @Salwabouchacra

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم