الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

بين بيروت وميكونوس: نيكول وجورج عبرة للجميع

المصدر: "النهار"
بين بيروت وميكونوس: نيكول وجورج عبرة للجميع
بين بيروت وميكونوس: نيكول وجورج عبرة للجميع
A+ A-

"شو ع ميكونوس؟ لا لا بعدنا جايين. هالويك أند بأيانابا، واللي بعدو بسانت توريني". هكذا بات ينظّم الشاب اللبناني أجندته لعطلة الأسبوع. لم تعد الجميزة تغريه، لقد ملّ من مقاهي وملاهي وسط بيروت، أمّا جونية والبترون فقد استنزفتا. إنه يبحث عن متنفس جديد، عن مكان يسهر ويمرح ويقضي فيه عطلة نهاية الأسبوع بسلام، من دون روائح النفايات، من دون قطع طرقات، من دون مشكلات وأزمات سياسيّة، والأهم من دون أن يقع ضحية رصاصة طائشة أو تفلّت "مواطن فوق القانون".


مع ارتفاع الأسعار، ما عاد اللبناني يكترث كثيراً للوضع المعيشي المتدني، فما سينفقه هنا لا يقلّ كثيراً عمّا سيدفعه في الخارج. لا يبحث عن تجارب استثنائيّة غير متوافرة في لبنان، جلّ ما يطلبه السهر والرقص ليلاً والتمتع بأشعة الشمس والبحر نهاراً، وممارسة النشاطات الترفيهيّة المنوّعة.


لماذا الجزر اليونانيّة؟
يسافر جورج إلى الجزر الأوروبيّة المجاورة من فترة إلى أخرى لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، بحسب ما يقول لـ"النهار": "بين فترة وأخرى، أسعى لقضاء بضعة أيّام في قبرص أو ميكونوس أو أيانابا، هناك يمكننا السهر وقضاء أوقات ممتعة مميّزة، صحيح أن مراكز السهر كثيرة في لبنان، ولكنني أبحث عن كسر الروتين. السفر إلى إحدى الجزر اليونانيّة تساوي تكلفته السهر في ملهى ليلي فاخر في لبنان وقضاء نهاية أسبوع في أحد المنتجعات البحريّة أو الجبليّة. هناك أشعر بحريّة وراحة أكبر، فلا أحد يكترث للآخر أو ينظر إليه بريبة إذا قبّل صديقته أو حتى مشى عارياً في إحدى السهرات".


نيكول لديها أسبابها، فهي تحمّست للسفر إلى ميكونوس من كثرة ما سمعت عنها من أصدقائها وتقول: "زرت ميكونوس لأن أصدقائي شجّعوني على ذلك، ولأنها تبعد ساعة ونصف الساعة في الطائرة عن لبنان. لقد زرتها ولكنني صدمت بها، لأنني رأيت ما يشبه بلدي سواء لناحية الأكل أو مراكز السهر أو النشاطات البحريّة. صراحة، أثار اللبناني الذي يقصد هذه الجزر على مدار السنة شفقتي، لأن هذه الوجهات نسخة طبق الأصل عن لبنان؛ بماذا يختلف غروب الشمس في سانتوريني عن غروب الشمس في جبيل؟ وبماذا يختلف الشاطئ في ميكونوس عن الشاطئ في لبنان؟ وبماذا يختلف المهلى الليلي هناك عن الملهى الليلي في بيروت؟ ما يميّز تلك البلاد أنها حضاريّة، والسياحة فيها منظّمة، والطعام أرخص، ولكن ما من شيء يحفّز على زيارتها أكثر من مرّة، فأنا أسافر لأبتعد عن أجواء لبنان فلما أزور بلد يشبهه؟"


تراجع 40 %
تجربتا نيكول وجورج قد تكون عبرة لكثير من اللبنانيين، أسباب بعضهم واضحة، قد تكون مقنعة للبعض ومبالغ بها للبعض الآخر، لكن ما هي الخطّة الاستراتيجيّة التي وضعتها وزارة السياحة اللبنانيّة لتشجيع السياحة الداخليّة؟ وكيف يقيّم الوضع السياحي اليوم في ظلّ الأزمات الأمنيّة والسياسيّة والحياتيّة التي تعصف بلبنان؟


يقول وزير السياحة ميشال فرعون لـ"النهار": "خلال العام الماضي سُجّل انخفاض في السياحة اللبنانيّة بنسبة 40 %، نتيجة الأحداث الأمنيّة والسياسيّة التي تعصف في لبنان، والتي تؤثّر على استقراره وتالياً استقطاب السيّاح إليه. نجحنا في تجاوز هذه المشكلات، فأتت مشكلة النفايات التي هزّت الصورة التي نسوّقها عن لبنان، فأتت نتائج هذا العام متقاربة مع الذي سبقه. لقد نقل الإعلام الخارجي صورة نسفت الكثير مما عملنا عليه لتشجيع السياحة اللبنانيّة داخلياً وخارجياً. اليوم، نتواصل مع المسؤولين المعنيين لإيجاد الحلول بأسرع وقت ممكن، وخلق ديناميّة جديدة للقطاع السياحي عبر إطلاق مشاريع حيويّة وأهمها مشروع السياحة الريفيّة الذي يشمل السياحة الدينيّة والبيئيّة وتحويلها الى ثروة داعمة للاقتصاد الوطني".


جزين والشوف وأهدن في الطليعة
وضعت الوزارة خطّة استراتيجيّة لتشجيع السياحة، وإعادة الثقة إلى لبنان، ومحاولة استقطاب الشباب والسيّاح للبقاء فيه، ويقول فرعون: "إن الدول والمناطق التي يقصدها اللبناني في الخارج لها خصوصيّاتها، فهي تجذب الشباب بما تقدّمه من نشاطات، ولكن ذلك لا يعني خلو لبنان منها، لدينا خيارات كثيرة في لبنان على البحر وفي الجبال، أماكن تجذب اللبناني والسائح طوال فترة السنة. لقد وضعنا خطّة خمسيّة لكلّ المناطق اللبنانيّة، وهناك خرائط وبرامج وتنسيق وحملات تسويق لكلّ منها، نركّز على المعالم الموجودة والنشاطات الجديدة، وبدأنا نحصد نتائجها في أكثر من منطقة، من ضمنها جزين والشوف وأهدن التي تعمل بجديّة على تنظيم نفسها، وتتطوّر سياحياً في شكل لافت".


لقد حدّدت الوزارة 25 منطقة سياحيّة في لبنان لإبراز معالمها وطاقاتها، ومساعدتها على تطوير بناها التحتيّة لاستقطاب الزوّار، وكانت باكورة هذا العمل إطلاق خارطة سياحيّة لأربع مناطق هي تنورين وحدث الجبة وجزين وزحلة وراشيا، كما تستعدّ الوزارة لإطلاق مشروع السياحة الاغترابيّة بدعوة اللبنانيين المنتشرين في العالم إلى زيارة وطنهم الأمّ وتخصيص برامج تحفيزيّة لترسيخ تعلقهم ببلدهم.


الخطّة الخمسيّة: على ما تنصّ؟
تتضمّن هذه الاستراتيجيّة التوجهات الرئيسيّة والإجراءات العملانيّة التي يمكن تنفيذها في السنوات الخمس المقبلة لتحسين تنافسيّة السياحة الريفيّة في لبنان، وتهدف إلى تحديد مجالات التدخل الاستراتيجيّة لتحسين جاذبيّة القطاع وقدرته، عرض الإجراءات الرئيسيّة والجهات المقترحة للقيام بها والروابط على مستوى كافة مكوّنات القطاع، وتعزيز التعاون والعمل المشترك بين أصحاب المصلحة وتشجيع الجهات الفاعلة في مجال السياحة الريفيّة على إرساء فهم كامل ومشترك لها وحيازة ملكيّتها والدعوة إليها.


واستندت عمليّة إعداد هذه الاستراتيجيّة إلى المشاورات مع أكثر من 150 جهة فاعلة في مجال السياحة الريفيّة، علماً أنها عبارة عن "عيش تجربة البلد" عبر مجموعة من الأنشطة السياحيّة ذات التأثير الإيجابي على البيئة المحليّة، والمجتمع المحلي والثقافة المحليّة، فيتعرّف الزائرون إلى أسلوب الحياة الريفيّة الحقيقية، حيث المناظر والطبيعة والزراعة والأطعمة والتراث هي محور الأنشطة، علماً أن أغلبية المشاريع والاستثمارات تكون في العادة على نطاق صغير، وتديرها عائلات تقدّم للضيوف تجربة شخصيّة.


تهدف السياحة الريفيّة إلى تطوير وتحسين التسويق والترويج لزيادة وعي المستهلك وإبراز وجهات السياحة الريفيّة ومنتجاتها وخدماتها محلياً ودولياً، وإعطاء السياحة الريفيّة الطابع المؤسسي على مستوى المجتمعات المحليّة، وتحسين وتطبيق الحماية للإرث البيئي والثقافي والتاريخي والزراعي للمناطق الريفيّة، وتنويع وتحديث وتعزيز وجهات السياحة الريفيّة ومنتجاتها وخدماتها، وتحسين السياسات العامة لقطاع السياحة الريفيّة وتشريعاته وأنظمته، وإنفاذ قوانينه في جميع المجالات الإنتاجيّة، وجمع المعلومات والبيانات وإدارتها لدعم التخطيط السليم، وتطوير ثقافة السياحة الريفيّة لدى الأجيال الشابّة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم