الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

الجولان المعبر الاول لتهريب الآثار العربية ولبنان الممر أعاد مسروقات الى سوريا

المصدر: "النهار"
مي عبود أبي عقل
الجولان المعبر الاول لتهريب الآثار العربية ولبنان الممر أعاد مسروقات الى سوريا
الجولان المعبر الاول لتهريب الآثار العربية ولبنان الممر أعاد مسروقات الى سوريا
A+ A-

يعتبر الشرق الاوسط المنطقة الاقدم والاعرق في العالم، ومن نافل القول كم هي غنية بشواهد التاريخ والحضارات العديدة التي مرت عليها عبر الزمان، وتركت شعوبها آثارا تدل عليها، ما جعلها مخزنا ضخما للقطع الاثرية من مختلف الاحجام والانواع، ومحط انظار التجار والمهربين من كل انحاء العالم. ولحماية الآثار والحفاظ عليها كونها تخص الانسانية جمعاء، وضعت اعمال التهريب تحت خانة اللاشرعية، وصادقت معظم بلدان العالم على الاتفاقات الدولية التي تمنع "الاتجار غير المشروع بالآثار"، ووضعت بروتوكولات تعاون لاسترداد المسروقات واعادتها الى بلد المنشأ حيث مكانها الاساسي والطبيعي.


منذ زمن، تنتشر في المنطقة اعمال تنقيب سرية وغير شرعية، اضافة الى سرقة الآثار والاتجار غير المشروع بها. وما زاد الطين بلة هو هذه الحروب التي تجتاح المنطقة العربية، خصوصا العراق وسوريا، وعدم وجود سلطة رادعة تحمي المواقع الاثرية والمتاحف من النهب والسرقات خلال الحروب. واللافت ظهور بعض القطع الاثرية في مدن وصالات عرض عريقة في لندن وسويسرا ونيويورك وغيرها، مصدرها سوريا والعراق معروضة للبيع، ما يفسر وجود عصابات و"مافيات" منظمة لسرقة الآثار والمتاجرة بها على مستوى دولي. والسؤال الكبير: كيف وصلت هذه القطع من بلدان الشرق الاوسط الى هذه البلدان الموصوفة بأنها تحترم القانون؟ وكيف عبرت حدودها ودخلت الى اراضيها، خصوصا انها قطع كبيرة لا يمكن اخفاؤها؟


وفي حين كانت جحافل الجهل والمخربين تدمر الآثار حيث تدخل، وتحطم التماثيل باعتبارها اشراكا في عبادة الله، مثلما فعلت في أفغانستان ومالي والموصل وغيرها، وجدت في الاتجار بها موردا كبيرا يضاف الى مداخيلها من بيع النفط من الآبار التي تستولي عليها، لا بل تعويضا عن خسائرها جراء القصف الذي تعرضت له مصافي البترول من قوات التحالف الدولي، يوازي ملايين الدولارات. وهذا ما جعل "الاونيسكو" تطلق من بغداد بالذات حملة " لنتحد من اجل التراث"، واعتبرت المديرة العامة ايرينا بوكوفا في حديث سابق لـ"النهار" ان "الاتجار بالآثار قضية امنية، لأنه يوفر التمويل والدعم المادي للجماعات المسلحة والارهابيين"، وطالبت مجلس الامن الدولي "بادخال بند حماية التراث في سياق مهمات القوات الدولية لحفظ السلام حيث تحل".


التهريب في لبنان
اين لبنان من هذا الامر؟ وما هي الاجراءات التي تتخذها الدولة اللبنانية والمؤسسات المعنية؟
تلفت مصادر المديرية العامة للآثار الى أن الاتجار غير المشروع بالممتلكات الاثرية والثقافية مثل اللوحات والايقونات من سوريا والعراق ليس بالأمر الجديد، وكان يحصل قبل الحربين السورية والعراقية، ويتعاطى لبنان معه وفقا للاتفاقات الدولية، لا سيما اتفاق الاونيسكو لعام 1970 التي تحظر الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية، ولكن عمليات التهريب ازدادت مع نشوب الحرب حيث لم يعد هناك من ضوابط.


وأكد المشرف على الحفريات والبحوث الاثرية في مديرية الاثار الدكتور اسعد سيف ان لبنان ضبط كميات كبيرة من القطع المهربة والمسروقة المعدة للتصدير والبيع، كاشفاً عن تعاون في هذا الشأن بين عدد من الاجهزة الامنية والعلمية من مديرية الاثار ومكتب مكافحة السرقات الدولية في قوى الامن الداخلي، والامن العام، والجمارك، والجيش في بعض الحالات. وشرح كيفية مصادرة المسروقات قائلا إنه "عند ضبط اي عملية تهريب آثار، تحال القضية على النيابة العامة المالية التي تتحرك لمصادرة المسروقات، وتحيلها بدورها على المديرية العامة للآثار لاجراء الكشف العلمي عليها. وعند التأكد من ان القطع المضبوطة هي اثرية، توضع في عهدة مديرية الآثار التي تراسل الجهة المعنية في بلد المصدر، مثل "المديرية العامة للآثار والمتاحف" في سوريا التي ترسل لجنة من قبلها لاجراء كشف مشترك، وتحديد مصادر القطع، ووضع لائحة الجرد اللازمة. بعدها يتم التنسيق على المستوى الاداري من اجل اعادة المسروقات الى بلد المصدر عبر وزارة الخارجية والقنوات الرسمية المعتمدة.


ويشير سيف الى" وجود عدد كبير من القطع المزوّرة والمقلّدة وغير الاصلية في السوق اللبنانية. كذلك اعيد عدد كبير من القطع المسروقة المكتشفة في الاعوام السابقة من فسيفساءات وتيجان اعمدة وقطع من الكنائس البيزنطية الاثرية في منطقة حمص وآثار اخرى من افاميا اضافة الى نصب من تدمر، وضعت في مستودعات مديرية الآثار السورية في دمشق. ولا تزال وزارة الثقافة اللبنانية تتابع هذا العمل بالتنسيق مع الاجهزة الامنية والقضاء المختص من اجل الحد من هذه الآفة التي تضرب التراث وتتآكله في هذه البلاد".


هل لبنان ممر او مقر للآثار المهربة؟
يؤكد سيف ان لبنان " ممر اكثر مما هو مقر، وعمليات الضبط التي حصلت شكلت رادعا للمهربين بحيث اصبح تهريب الآثار السورية يتم اليوم عبر الحدود الدولية الاخرى مثل العراق وتركيا والاردن، وخصوصا الجولان المحتل حيث تفيد المعلومات ان كمية كبيرة من الآثار المنهوبة تمر عبر هذه القناة تحديداً نحو البلدان الاوروبية". والتنسيق في مجال مكافحة الاتجار بالآثار قائم بين وزارة الثقافة والاونيسكو من خلال تبادل المعلومات والتعاون، كما ان لبنان عضو في اللجنة العالمية المتخصصة التي انشئت في المنظمة العالمية للمتاحف (ICOM) لمراقبة تطبيق معاهدة الاونيسكو لعام 1970 لحظر الاتجار بالممتلكات الثقافية.


وكان وزير الثقافة ريمون عريجي ناشد المديرة العامة للاونيسكو ايرينا بوكوفا في رسالة وجهها اليها في آذار الفائت "انشاء نظام انذار استباقي ومزيد من اليقظة لدى السلطات الدولية المختصة، بما يتيح تكثيف مراقبة هذا الاتجار ومكافحته". واقترح ان تقوم الاونيسكو "بحملة اعلامية واسعة على المستوى الدولي موجّهة الى العملاء المحتملين من الدول القابلة لاجتذاب هذه التجارة غير المشروعة، بحيث يصار الى توعيتهم على المشاركة ضمنا في التصدي لما يمكن التداول به من ممتلكات مسروقة، وما يسهم في تعزيز تمويل الارهاب والتعصّب".


[email protected]
Twitter: @mayabiakl

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم