الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

أئمة ينتفضون اعتراضاً على إغلاق المساجد... وتونس لا تتراجع

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
أئمة ينتفضون اعتراضاً على إغلاق المساجد... وتونس لا تتراجع
أئمة ينتفضون اعتراضاً على إغلاق المساجد... وتونس لا تتراجع
A+ A-

بعد الهجوم الذى استهدف فندقاً في مدينة سوسة وأودى بحياة 38 سائحاً أجنبيباً وعشرات الجرحى اتُّخذ قرار بإقفال 80 مسجداً ووُضعت البقية الأخرى تحت المجهر. إنها مساجد خارجة عن سيطرة الدولة، تحرّض على العنف، تستسهل القتل في منطقة تجري فيها جثث القتلى أنهاراً وتظهر فيها بين اليوم والآخر جماعات تكفيرية بأفكار خيالية. الدين لديها لتشريع الارهاب تستخدمه وسيلة لتجنيد الشباب، دور العبادة باتت مغارات لبثّ أفكارها البعيدة من الاسلام وهذا لا يقتصر فقط على تونس بل يشمل جميع البلدان العربية.


ليست المرة الأولى التي تتخذ فيها الحكومة التونسية مثل هذا القرار، ففي حزيران من العام الماضي اصدرت قراراً مشابها يطال أماكن عبادة "احتفلت" بمقتل 15 جندياً على يد مسلحين متشددين في جبال الشعانبي. فهذا البلد المعروف بتعدد التيارات الاسلامية المتشددة يخشى من أن يغرق في دوامتها، لذلك بدأ تنفيذ قرار رئيس الحكومة الاخير الذي اتخذه في شهر حزيران الماضي والذي يطال المساجد التي بنيت بطريقة غير قانونية او انها تخضع لسيطرة التيارات المتشددة.


التنفيذ بدأ
القرار الذي بدأ تنفيذه بأبرز مسجدين أثار موجة من الجدل، وعن ذلك شرح الكاتب الصحافي المتخصص في الجماعات الاسلامية الهادي يحمد لـ"النهار" أنه "الى الآن أقفل مسجد التوبة الموجود في مدينة سوسة الذي يسيطر عليه حزب التحرير الاسلامي وذلك على الرغم من كون هذا الحزب معترفاً به قانونياً الا أن هذا المسجد يؤمه رئيس الحزب رضا بلحاج، بطرق غير قانونية لكونه لا يملك ترخيصاً من وزارة الشؤون الدينية لادارته، كما طبق هذا القرار في مدينة مساكن حيث أقفل مسجد كان يسيطر عليه احد اهم رموز التيار السلفي العلمي، وقد وقعت احتجاجات من اتباعه لكن اصرار الحكومة دفعها الى المضي بتطبيق قرارها".


بين الدستور والتدين
مساجد أخرى معنية بهذا القرار في مناطق مختلفة كصفاقس ومدن الشمال الغربي التي توجد فيها الجماعات المتشددة بكثرة مثل مدن القصرين وسيدي بو زيد. كما لم يقتصر القرار على إقفال المساجد بل أعلن عن توجه حكومي لإنذار أحزاب سياسية خالفت الدستور "بما فيها حزب التحرير، وهو حزب يدعو إلى إقامة الخلافة ومعتمد ويحوز على الإشارة القانونية، لكن في مؤتمره الأخير وقعت تجاوزات ورفعت أعلام سود وتم تكوين ملف وسيتابع". مع الاشارة الى ان الدستور التونسي يقرّ في بنده الأول أن الاسلام هو دين الدولة كما يقرّ بحرية المعتقد، لذلك اعتبر البعض قرار الحكومة بإقفال المساجد يخالف الدستور ويحارب التدين. وعن ذلك قال يحمد " يجب ان لا يفهم قرار اغلاق بعض المساجد الخارجة عن السيطرة انه محاربة للتدين الذي يضمنه الدستور التونسي. نعم، الاسلام هو دين الدولة لكن نمط المجتمع مدني جمهوري، وخلفية القرار الحكومي هو محاربة الفكر المتشدد الذي يدعو الى العنف وليس التدين"، وأضاف "التدين سيبقى موجوداً في اطاره الشخصي. لا بل ان في تونس احزاباً لها خلفية دينية كحزب النهضة الذي يشارك في حكومة الرباعي حاتم وحزب التحرير المعترف به، وهناك احزاب ذات طابع سلفي من قبيل حزب الاصالة، لكن كل هذه الاحزاب تمارس عملها في الاطار القانوني ويمارس اعضاؤها حريتهم الدينية".


اعلان حال الطوارئ
وبسبب استمرار التهديدات في البلاد، أعلن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي السبت الماضي حال الطوارئ، كما أعلن أحد مستشاري رئيس الوزراء التونسي إقالة العديد من المسؤولين منهم والي مدينة سوسة، وفي هذا السياق يعلّق يحمد قائلاً "تريد الحكومة من قرار فرض حال الطوارئ التخفيف من حدة الاحتجاجات على إقفال المساجد"، مضيفاً "نحن في مواجهة قوى دينية متطرفة ومحاربة هذه الجماعات تدعو لها جميع الدول العربية لضبط الحالة المسجدية حيث اصبحت هذه المساجد تستعمل لنشر الكراهية والحض على العنف، ونحن نعتقد ان جزءاً من مشكلاتنا الأمنية تتأتى من استعمال هذه المساجد في غير صيغتها الاصلية اي ان تحض على الخير لا السلاح واهدار دم الناس".


"لا للهجمة على المساجد"
أئمة مدينة صفاقس كلّفوا عدداً من المحامين للطعن لدى المحكمة الإدارية، على قرار الحكومة الأخير بحسب ما صرح به رضا الجوادي، إمام وخطيب جامع "اللخمي" وذلك خلال ملتقى دعت له هيئة الجامع، بعنوان: "لا للإرهاب... لا للهجمة على المساجد". وقد أجمع الأئمة المشاركون في الملتقى على "رفضهم القاطع لكل العمليات الإرهابية التي عصفت بالبلاد، مستهدفةً أمنها واستقرارها" معتبرين قرار إقفال 80 مسجداً "متسرعاً لن يساهم في اجتثاث الإرهاب، وربما سيزيد من وطأته"، داعين في الوقت ذاته إلى "اتخاذ تدابير مدروسة وهادفة ورصينة، تحول دون استفحال هذه الظاهرة، بعيداً من تلفيق التهم للأئمة، وممارسة الاضطهاد الديني".


حين يصبح الدين مصدر التكفير، لا تحتاج قرارات اغلاق المساجد الى الكثير من التفكير... انه فحوى القرار التونسي الذي ستثبت الأيام الآتية مدى مساهمته في انتشار الفكر المتطرف. مع العلم واليقين ان المساجد ليست سوى وسيلة واحدة من وسائل وأسباب أخرى تقف خلف زمن التطرف الذي يعصف بالعالم العربي.


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم