السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

ماذا بعد الـ"لا" اليونانية؟

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
ماذا بعد الـ"لا" اليونانية؟
ماذا بعد الـ"لا" اليونانية؟
A+ A-

اليونان على شفير الافلاس بعد ان سقط في هاويته اربع مرات قبل الآن، هذا البلد العاجز عن سداد ديونه قال شعبه كلمته في استفتاء الأحد. "لا" لشروط التقشف القاسية التي يسعى الدائنون الدوليون لفرضها على بلدهم ضمن برنامج إنقاذ مالي جديد. ورغم نتيجة الاستفتاء، تبقى علامات استفهام يتمحور جوهرها حول مصير هذا البلد ومعه الاتحاد الاوروبي.


مرّ اليونان في المحنة ذاتها في الأعوام 1827، 1843، 1893، 1932، فأعلن عجزه عن الإيفاء بالتزامات الديون وبالتالي أشهر افلاسه. واليوم وصل حجم الدين الحكومي اليوناني إلى مئات مليارات الاورو، وتتشابه اسباب هذه الازمة مع المرات السابقة، وهي لجوء هذا البلد الى الدين وعجزه عن السداد، ويعود ذلك بحسب استاذ الاقتصاد وادراة الازمات في جامعة سياتل الاميركية-اثينا الدكتور عبد اللطيف درويش الى امور عدة منها ان "الأعباء المالية للديون اليونانية تعتبر من أقسى الديون شروطاً وأعلاها فائدة، بالاضافة الى تخلف النظام المصرفي، وعجز الدولة عن جمع الضرائب والتسيّب الإداري والفساد وغيرها الكثير".
من جانبه، أعاد استاذ المالية الدولية في المدرسة العليا للتجارة جامعة باريس المنصف شيخ روحه سبب الأزمة الى "تعامل اليونان مع وضعه الاقتصادي بسد الثغرات، وبعد نصيحة البنك الاميركي غولدن ساكس لعدة سنوات كان هذا البلد يخفي المشاكل الحقيقية ويؤجل سداد ديونه ما أدى الى تراكمها حتى وصلت الى مبالغ كبيرة لا يمكنه دفعها، وعندما تصبح الديون بهذا الحد تنتقل المشكلة من البلد المدين إلى البلدان المقرضة التي تخشى من عدم سدادها".


ماذا تعني الـ"لا"؟
يوم الثلاثاء الماضي، أعلنت الحكومة اليونانية انه لا يمكنها سداد دينها الى صندوق النقد الدولي البالغة قيمته 1.5 مليار اورو وقامت بإغلاق المصارف طالبة من المقرضين ان يطرحوا شروطهم، الشروط كانت قاسية حتى جاء الجواب عليها من الشعب اليوناني. درويش اعتبر ان رئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس سعى من خلال استفتاء الأحد "الى الحصول على تفويض من الشعب للتفاوض مع الاتحاد الأوروبي، والى اظهار ان برنامج التقشف الذي امتد لخمس سنوات والاقتراحات الاوروبية التي هي امتداد لحالة التقشف مرفوضة من قبل اليونانيين. ورغم الدعم الغير قانوني والغير الأخلاقي والانحياز الاوروبي والترهيب والتخويف للشعب اليوناني بطرد بلاده من منطقة الاورو واغلاق البنوك اليونانية من قبل البنك المركزي الاوروبي حصل رئيس الوزراء اليوناني على 75 في المئة من الاصوات". واستطرد بأن "الـ "لا" تعني رفض الاقتراحات الاوروبية مع الاستمرار في التفاوض. فالحكومة اليونانية تحرص على البقاء في منطقة الاورو لكن بشروط مختلفة عما يطرحها الاتحاد، تقوم على ضرورة التساوي بين الاطراف، لا ان تحكم دول شمال ودول جنوب تنفذ".
واعتبر شيخ روحه أن " ماحدث الأحد كان منتظراً من طرف أوروبا"، وقال: "ارادت اليونان ان تستعمل الطريقة الاميركية من دون ان يكون لديها القدرة التي تمتلكها اميركا"، مضيفاً: "ليس لدول العالم وخصوصاً اليونان، القدرة نفسها التي تملكها الولايات المتحدة لتقترض من بقية الدول من دون اية تكلفة، ومنها قروض من عدة بلدان عربية والصين من دون نية ارجاعها، فان اليونان ارادت ان تحذو حذوَها بعدم تسديد ديونها".


من مالية الى سياسية
أسئلة كثيرة تطرح بعد استفتاء نهار الأحد، لعل أبرزها حول الحل لتوفير السيولة النقدية للأزمة؟ يرى شيخ روحه ان المشكلة تحوّلت "من مالية الى سياسية وبات السؤال هل بقدرة المجموعة الاوروبية ان تتحول وتتطور لتصبح مجموعة فيدرالية مثل الولايات المتحدة الاميركية بقيادة ألمانية محتشمة، فالحروب اليوم ليست بالسلاح ولا بالصناعة، بل بالابتكار وتكوين الثروة الحقيقية، والمانيا ذاهبة في هذا التوجه على عكس بريطانيا التي تريد تكوين الثروة الافتراضية من خلال بورصات ومبادلات تقوم على قاعدة الربح السريع".


وزير المالية يدفع الثمن
غداة الاستفتاء، قدم وزير المالية اليوناني يانيس فاروفاكيس استقالته التي اعتبرها درويش "مبادرة حسن نية قامت بها اليونان، اذعانا للشروط الاوروبية في التفاوض، وفي المقابل ننتظر ان تقيل ميركل وزير المالية الالماني في المقابل، كونهما الشخصين اللذين كانا يصطدمان في المفاوضات"، في حين قال شيخ روحه ان "الدول الاوروبية وضعت شرط خروج وزير المالية من الحكومة الذي استعمل طرق اساتذة الاقتصاد وليس الوزراء في التعامل مع الازمة وهذا ما لم يعجب الاوروبيون".


كارثة على الجميع
ويعتقد درويش انه "ليس امام الاتحاد الاوروبي سوى التفاوض مع الحكومة اليونانية كونها حصلت على التفويض من الشعب"، لافتاً الى " اجتماع قادة الاحزاب اليونانية، والى القمة الاوروبية المنتظرة لمتابعة الوضع اليوناني واقتراح حزمة انقاذ جديدة". في المقابل، يرى شيخ روحه انه "في حالة فشل المفاوضات وانا ارجح الا تفشل لأن الكارثة لن تقع فقط على اليونان بل على الاتحاد الاوروبي وستكون سابقة لتفكك الاتحاد كأحجار دومينو وانهيار فكرة العملة الموحدة. وفي حالة خروج اليونان ستخسر المانيا وحدها اكثر من مئة مليار وستنهار هذه الفكرة. لكن المعضلة الاوروبية تكمن في ان منح اليونان ما يريد ينعكس على تطلعات دول الجنوب كاسبانيا وايطاليا والبرتغال والتي سيكون لها مطالب مماثلة، لذلك حرص الاوروبيون خلال هذه الفترة على تأديب الدول الاخرى من خلال اليونان لكنهم فشلوا".


"تفجير" أوروبا
ماذا سيحصل اذا تحولت الدول الاوروبية الى مجموعة فيدرالية؟ يجيب شيخ روحه "البديل الثاني ان تذهب اوروبا نحو منطقتين منطقة الاورو القوي في الوسط تضم المانيا والدنمارك والبلدان الاسكندنافية وتخرج منها بريطانيا والبلدان المتوسطية الاوروبية مثل اسبانيا والبرتغال وايطاليا واليونان وحتى فرنسا المرشحة للخروج لانها لا تنتج. وهذا الخيار يعني تفجير اوروبا الى منطقتين".


تقف اليونان على حافة الهاوية فإما أن تقع فيها وتعلن افلاسها أو تصل الى نقاط توافق مع الدول الاوروبية وبنظر درويش "لا اعلان لافلاس اليونان وعلى الاوروبيين ان يعلموا بضرورة وجود حلول جذرية للمشكلة اليونانية، والا يكون التعامل وفق نموذج دول قوية مع دول ضعيفة، ودول شمال ودول جنوب ".


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم