الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

نكاية بالجاحظ

المصدر: النهار
لور غريّب
نكاية بالجاحظ
نكاية بالجاحظ
A+ A-

البارحة كنت استمع الى تراتيل مارونية قديمة. فقررت فجأة ان اختار بعض اللوحات الكبيرة للاشتراك في معرض خارج لبنان. كنت وحدي. بدأت اختار بين الاعمال، واذا بها تهوي ارضا وطال بعضها جبيني. فوقفت خجلة من نفسي. وقلت بصوت منخفض: "يا ست بلقيس كان راح يصير فيكِ متل ما صار بالجاحظ الذي مات تحت ثقل كتبه التي تدحرجت فوق رأسه من المكتبة حتى طمرته وقضت عليه". ثم قلت من جديد: "نكاية فيك يا جاحظ حظّي افضل من حظك".
أتت سليمة.
ولم تمرّ ساعتان حتى شعرت بألمٍ في جبيني. حاولت ان انام. لكن لم استطع أن أغمض عينيّ. فنهضتُ من فراشي وأسرعت إلى المرآة لأنظر ماذا حدث لرأسي وأنا أشعر بأن الألم يزداد. وكم كانت دهشتي كبيرة إذ وجدت كأن رأس بطيخ نبت ونمى في جبيني. واذ بجبيني يتضخم يزرقّ. وبدأت ارتجف، وفكّرت بأن الجاحظ ارسل بطلبي. و"بين الضحك والجدّ" خفت أن أذهب من دون رجعة فيفرح الذين يكرهوني!؟
أكره يوم الاحد. لأن لا احد يبقى من حولك. فطلبت من زوجي ان يرافقني الى المستشفى.


هناك في الطوارئ ضحك العاملون عندما رأوا جبيني، وراح كل واحد يعلّق بطريقته. فقال احدهم: شو صار؟ وقال الثاني: لربّما نزيف إلخ...
انتهت المعاينة وانا ما زلت في غرفة الـ "سكان". فتذكرت ايام أصبتُ بالسرطان وجلسات "الراديو تيرابي" و"الاي.ار.ام" و"الشيميو"... وقلت لنفسي:" ولو السرطان ما قدر علي يا ربّي، هلق كم لوحة انا رسمتها بدّها تقضي عليّ، ويضحك عليّ الشمتانين؟"
هنا بادرني الدكتور شربل بقوله: "السكان" يدلّ على انه لا مشكلة في الرأس. كم يوم وبتنسي الامر".
"كيف انسى الامر و"الدعبولة" عم تكبر واللون الأزرق يُغطّي حاجبي وعيني من جهة اليمين".
ثمّ أضاف: "خلّينا نفحص الضغط قبل ان تذهبي".
"ماذا ضغطك عشرين.هل معك ضغط ؟"


"ممكن.لانك منفعلة طلع ضغتك! ننتظر قليلا ونقيسه من جديد".
فقلت في نفسي: "اه يا جاحظ بعدك لاحقني؟ ناطرني عالكوع؟"
وبقينا في المستشفي لغاية الثامنة مساء. كل ربع ساعة يأخذون الضغط وحضرته يطلع. وضعوا "لزقة" على صدري. املور5. دواء تحت اللسان والضغط متيّس وما بدو ينزل..."
فقال الدكتور شربل ما في طريقة لننزلو. خذي املور5 قبل ان تنامي، وغدا صباحًا تراجعين طبيبك. اتركي اللزقة حتى الغد.لا يبدو عليك ان ضغطك عالٍ، فأنت تضحكين وتشارعين وتمزحين وكل هذا يؤشر بأنك بالف خير.
رفعت يدي واتّجهت إلى خارج المستشفى وصحت بأعلى صوتي: "نكاية فيك يا جاحظ خلصت بريشي!"

[email protected]
Twitter:[email protected]
312 mots


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم