الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

هاجس حمص والحدود الكامنة على جمر في عكار

بيار عطاالله
هاجس حمص والحدود الكامنة على جمر في عكار
هاجس حمص والحدود الكامنة على جمر في عكار
A+ A-

يلف السكون تلك الوديان والتلال الشاسعة في منطقة عكار عند الحدود المشتركة بين لبنان وسوريا. زائر المنطقة للمرة الاولى يحتاج الى دليل يرشده الى المواقع والعلامات الحدودية، لكي يميز بين الاراضي اللبنانية وتلك السورية الممتدة في الافق القريب وعلى مرمى حجر، او رشاش خفيف.


من مركز الجمارك في العبودية، صعودا على الطريق الجديد شرقاً (البولفار) كما يسميه أهالي المنطقة في اتجاه قرى صغيرة منسية، وهادئة لا يسمع فيها إلا أصوات المآذن وقرع الاجراس القريبة والبعيدة. رماح، ومنجز وجنين ونورة والفريديس وشخلار والعوينات وصولاً الى شدرا الجميلة الموزعة على كتفي الوادي المطل على سهل خصب تربته سوداء ويضم قرى زراعية، منها مشتى حمود والبقيعة ومشتى حسن والمقيبلة. أما اللافتات الموزعة عند جوانب الطرق فلا تكفي وحدها دليلاً الى المنطقة المنسية في مجاهل الجمهورية اللبنانية، وحتى الرأي العام. ويحتاج المرء الى التفتيش بعناء عن مواطن ما لسؤاله عن الطريق واسم هذه القرية وتلك وسط البيوت الكثيرة المقفلة الابواب في انتظار ساكنيها. ولولا حواجز الجيش اللبناني وعناصره لكان على زائر المنطقة أن يمضي نهاره ضائعاً بين الطرق الكثيرة والبلدات المتشابهة في البؤس والفقر والحرمان والبيوت المقفلة على احلام أصحابها.


هاجس حمص
ترشد اللافتات عند حدود عكار الى حلبا وطرابلس وحمص والمدينة الاخيرة هي اقرب الى الاهالي من عاصمتهم بيروت. ويروون أنهم كانوا يقصدونها لشراء البضائع، لكنها اليوم اصبحت مصدراً للتهديد وهاجساً يقض مضجع الكثير من الاهالي، في حال وصول "داعش" اليها عبر بوابة تدمر الصحراوية او عبر اي طريق آخر تبتدعه آلة القتل التكفيرية وعندها لن يكون كلام سوى الحرب والقتال والدمار الذي عرفته بعض بيوت عكار بسبب الحرب الاهلية السورية. وتلك الحرب مرشحة للانتقال في لحظة تخلّ الى لبنان، وخصوصاً ان النسيج الاجتماعي في عكار متلون بشدة ويضم خليطاً من العلويين والسنة والمسيحيين، ويقول الاهالي انه يشبه المقلب الاخر من الحدود داخل الاراضي السورية حيث ثمة علويون وسنة ومسيحيون موارنة وأرثوذكس، ويروي الاهالي ان قسماً من السوريين المقيمين عند الضفة الاخرى من النهر الكبير يحمل الجنسية اللبنانية بسبب مرسوم التجنيس الصادر في ظل الاحتلال السوري ونظام الطائف، ويشكل هؤلاء ثقلاً في الانتخابات النيابية والبلدية ويبدلون الكثير من النتائج في الاقلام الانتخابية الصغيرة سواء في وادي خالد أو غيرها من القرى العكارية المنسية إلا من حسابات السياسيين، سواء مع النظام السوري او مع اي نظام يؤمّن مصالحهم الخاصة.


جبهة مؤجلة
في رواية الاهالي ان معركة تل كلخ، كانت الاكبر، إذ كانت المنطقة تهتز على وقع أصوات القذائف المدفعية الثقيلة والدبابات وغارات الطيران، واستمرت الامور سجالاً ورعباً وقصفاً وقنصاً الى حين سيطرة جيش النظام السوري على كل المنطقة شمال الخط الازرق او شمال النهر الكبير، واقتصرت الامور منذ ذلك الحين على عمليات قنص من الجانب السوري وما يشبه عمليات التسلل من الجانب اللبناني، يقوم بها بعض مناصري "المعارضات السورية المسلحة" دون ان يعرف سبب هذه العمليات والهدف من ورائها، سواء أكان للاستطلاع ام لتنفيذ عمليات اغارة وكمائن ضد الجيش السوري ومواليه المنتشرين في مواقع كثيرة على التلال تحوطها السواتر والطرق الترابية التي تصل في ما بينها في توزيع قتالي على ما يبدو للتحكم في مفاصل الحدود.
أما على الجانب اللبناني فلا انتشار أمام العيان سوى لوحدات الجيش التي تقيم لها مراكز كثيرة على غالبية التلال قرب النهر الكبير، او عند التلال المشرفة عليه والواضح ان ثمة جهدا كبيرا يبذله الجيش اللبناني لضبط الامور في تلك الانحاء، سواء من خلال الابراج المحصنة او القوى المؤللة والعدد الكبير من الجنود، وسط ذلك الحشد الهائل من اللاجئين السوريين، بدليل الالاف من الخيم الموزعة على جانبي الطرق في حلبا والكواشرة والعبودية والعبدة سواء عند شاطئ البحر أو بين البساتين والمنازل وغيرها من الانحاء.
كل الامور هناك تشي بتعلق المواطنين ببلادهم ومحبتهم للجيش، لكن ما يجري على الاراضي السورية المقابلة يبدو أكبر من طاقة اللبنانيين ودولتهم على احتماله، والهاجس الاكبر يبقى تسقط اخبار ما يجري في ريف حمص الشرقي وما تحمله وكالات الانباء من اخبار عن التكفيريين.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم