الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

لبنان يخسر 10 ملايين يوم انتاج تراكمي ...واليكم الحل

غسان حاصباني-خبير في الاقتصاد والتكنولوجيا
لبنان يخسر 10 ملايين يوم انتاج تراكمي ...واليكم الحل
لبنان يخسر 10 ملايين يوم انتاج تراكمي ...واليكم الحل
A+ A-

لا تزال السجلات الورقية هي الأكثر استخدامًا في المؤسسات والدوائر الرسمية اللبنانية، مما يجعل كلفة الادارة الرسمية عالية وفعاليتها متدنية. فهذه الاجراءات وضعت منذ عقود ويعود بعضها الى العهد العثماني. المجتمعات تطورت، والتكنولوجيا أحدثت ثورة في تطوير اقتصاد المعرفة، ولكن على ما يبدو أن لبنان ما زال في مصافي الدول التي لم تتمكن من ادخال التكنولوجيا بشكل كافٍ على معاملات الدولة رغم أنه يمكن تقليص الوقت المطلوب لمعالجة المعاملات واتمامها بنسبة 70 الى 80 بالمئة عبر الحكومة الالكترونية. والحكومة الالكترونية هي عملية تبسيط وتسهيل الاجراءات الحكومية عبر استعمال الاتصالات وتقنية المعلومات في اطار الادارة العامة للدولة لا سيما في نقاط الاحتكاك بين الادارة والمواطن، مما يخفف على الدولة كلفة تقديم الخدمات ويحسّن إنتاجية المواطن من خلال تسهيل المعاملات وتقليص أو إلغاء الحاجة للتنقل بين المناطق والمراكز الادارية مساهمة في تحقيق الانماء المتوازن وراحة لكافة افراد المجتمع.


وبالرغم من تقدم المواطن اللبناني في استخدام التكنولوجيا، تبقى الدولة متأخرة في تلقّف التطور المعلوماتي واحتضان التكنولوجيا لتطوير أعمالها وزيادة إنتاجيتها، حيث يمكن استكمال معاملات أكثر وجَنْي عائدات أكبر بكلفة ووقت أقل، مما قد يعزّز مداخيل الدولة بما يقارب 740 مليون دولار أميركي سنوياً.
اضافة الى ذلك، ليس خفياً على أحد أن العديد من الإدارات الرسمية تعاني من مشاكل الفساد اذ صنفت منظمة الشفافية العالمية لبنان في مرتبة 136 من 175 دولة على مؤشر الفساد الذي تقدر تكلفته على المواطن بحوالي 1.6 بالمئة من الناتج المحلي أي ما يعادل 800 مليون دولار أميركي سنويا. ومن فوائد الحكومة الإلكترونية أنها تقلص الاحتكاك بين المواطن والادارة والسماسرة، فتقلّص كلفة الفساد على المواطن والتي هي بمثابة ضريبة اضافية غير شرعية.


أما الوقت الضائع في متابعة المعاملات، فيمكن أيضاً تقليصه بنسبة عالية مما يساهم في زيادة الانتاجية الاقتصادية بما يقارب 1.2 مليار دولار أميركي سنويا على الناتج المحلي. بناء على دراسة للبنك الدولي فان معدل الأيام التي يقضيها المواطن اللبناني في متابعة المعاملات الرسمية يقدر بسبعة في السنة أي ما يعادل 10 ملايين يوم انتاج تراكمي سنويا اذا احتسبنا الأيام الضائعة لكل موظف او عامل منتج في الاقتصاد لبنان.
فاذا أضيفت كل هذه الأرقام، يمكن للدولة أن تسدّ ثغرة كبيرة في العجز من خلال اطلاق الحكومة الإلكترونية. كما يمكن تحسين صورة الدولة أمام المواطن من خلال تحسين أداء القطاع العام وإزالة الحاجة للتعامل مع زحمة السير والانتظار في طوابير الدوائر الرسمية ومتابعة المعاملات والتعامل مع السماسرة وممارسات بعض الموظفين المسيئة لصورة الدولة.


وبالرغم من امكانية طرح خدمات عديدة من دون الحاجة الى الحكومة الإلكترونية، لا بد لوجود قانون حديث ينظم عملية استكمال المعاملات الرسمية التي تتطلب أوراقا ثبوتية وضوابط تتعلق في هوية المستخدم وسرية المعلومات وقانونية المستندات المرسلة عبر الانترنت.


لكن لا يجب أن يقع هذا القانون في مشاكل القوانين التي سبقته وكانت تحتوي على تفاصيل تقنية كثيرة حالت دون اقرارها بسبب النقاشات الطويلة والتطور في التكنولوجيا. اضافة الى ذلك، من الضروري أن يناقش موضوع الحكومة الإلكترونية على قاعدة اقتصادية واجتماعية بعيدا عن السياسة، وبالشراكة بين القوى السياسية والمجتمع المدني. تحت هذا العنوان، بدأت تصل دعوات الى مؤتمر عن الحكومة الإلكترونية وجهها حزب القوات اللبنانية الى عدد كبير من المعنيين بالشأن العام، والتكنولوجيا وجمعيات المجتمع المدني مركزة على المنحى الاقتصادي والاجتماعي، عسى أن تكون هذه المبادرة بداية عمل بناء لإطلاق الحكومة الالكترونية في جو من التعاون بعيدًا عن السياسة لكنه في صميم رسم السياسات لبناء مجتمع المعرفة.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم