السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

قصّة ريبال الذي عاش لحظات الموت وعاد!

المصدر: "النهار"
فيفيان عقيقي
قصّة ريبال الذي عاش لحظات الموت وعاد!
قصّة ريبال الذي عاش لحظات الموت وعاد!
A+ A-

منذ سنة دخل ريبال إلى المستشفى في بحنس في حال موت دماغي، بعد تعرّضه لحادث سير على الـATV في المروج. كان الحادث قوياً وأصيب في رأسه، طار 17 متراً وارتطم في عمود على الطريق. دخل ريبال في غيبوبة. لقد كان الأمل في تحسّنه معدوماً. وبدأت عائلته تشتري الملابس السوداء وتستعدّ لإعلان وفاته بين يومٍ وآخر.


لم يبقَ لها سوى القديسين
عندما أخبرها الطبيب المعالج أن نسبة خروجه حياً من العمليّة لا تتعدّى الـ 2%، لم تتحمّل الوالدة سهام الخبر فأغمي عليها، ولكنها عادت وتمالكت نفسها ولم تتوقف عن الصلاة من أجل صغيرها. تقول لـ"النهار": "لقد أغمي عليّ، لم أتقبّل فكرة ضياع ابني الصغير مني، لكنني تماسكت وصليت، ناديت القديسين لكي يحفظوه ويخرجوه حياً. خرج الطبيب من العمليّة الأولى التي أوقف فيها النزيف ونزع عظام الجمجمة المطحونة بعد ساعات طويلة. لكن ريبال بقي في غيبوبته".


كانت تسهر سهام أمام غرفة العناية الفائقة، تناجي القديس شربل، تسترق النظر من بعيد علّها تلمح ابنها يتحرّك: "لقد كانت مرحلة صعبة، حتى الطبيب فقد الأمل ودعاني لأصلي عسى الله يرأف بحاله وينجيه بأعجوبة، لم أطلب من القديس شربل سوى أن يعيد لي ابني. بعد شهر استيقط ريبال من غيبوبته، بقي عشرة أيّام في المستشفى ثم خرجنا إلى البيت، ثمّ انتظرنا سنة قبل أن نتمكّن من إجراء عملية زرع عظام الجمجمة".


أخيراً سأعود إلى الحياة
خرج ريبال ابن الرابعة والعشرين حياً من المستشفى، ولكن حاله لم تكن طبيعية، خرج من دون جمجمة، مصاباً بشلل نصفي. كان عليه ملازمة البيت حتى تتأمن كل تكاليف ترميم الجمجمة وزراعة عظام لها، ويقول لـ"النهار": "وقعت الحادثة منذ سنة وشهر، دخلت في غيبوبة مدّة شهر، ثم خرجت إلى البيت. مررت بمراحل صعبة، ولكنني بت أجيد إعداد الطعام (يقول ضاحكاً). الحمدالله على نعمه ورحمته، لا أذكر شيئاً من الحادثة ولا كيف وقعت، ولكني عانيت أكثر من سنة من تبعاتها، تألمت كثيراً بعد كلّ عملية وعانيت كثيراً، كانت مرحلة صعبة".


يتابع: "أجريت عمليات عدّة لرأسي، ورجلي ويدي، وهناك عمليّات ما زال عليّ أن أجريها. العمليّة الأخيرة كانت لزراعة عظمة الرأس تكلفتها وحدها 40 ألف دولار أميركي، من دون أن نحسب تكاليف العملية والمستشفى وغيرها. تكفلت وزارة الصحّة بعلاجي، ودفع الوزير الياس بو صعب كل التكاليف الجانبية وفرق الضمان. كان يقول لأمي أن لا تهتمّ لشيء وأن تصلي فقط لأشفى. اليوم حياتي عادت طبيعيّة، لن أضطر لتناول الدواء بعد اليوم، سأتمكّن من متابعة دراستي في مجال التيليكوم، سأعود إلى الحياة مجدّداً".


إنجاز طبي أول من نوعه
ما حصل معه يعتبر إنجازاً طبياً يحصل للمرّة الأولى في الشرق الأوسط وعناية إلهيّة، دخل في حالة موت دماغي، كان الأمل في نجاته معدوماً، أجريت له عمليّة لوقف النزيف وإزإلة عظام الجمجمة المطحونة، ثم عمليّة ثانيّة لترميم الجمجمة وثالثة لزراعة عظمة بديلة، إضافة إلى عمليّات في رجليه ويديه. لم تكن نجاته سهلة.


اهتم الاختصاصي في جراحة الدماغ والأعضاء والعمود الفقري والجراحة التمييليّة والشعاعيّة لشرايين الرأس والرقبة والتشوّهات الخلقيّة، والباحت في مركز البحوث العالمي، وخريج جامعة القديس يوسف في لبنان، الدكتور ديفيد أيوب، بحالة ريبال، تابعه منذ دخوله إلى المستشفى وحتى اليوم ويقول لـ"النهار: "ما قمنا به هو ترميم متواصل ثلاثي الأبعاد لقاعدة وسفح الجمجمة مع ترميم مجهريٍ لشرايين الرأس عند مريضٍ حضر إلى طوارئ المسشفى في حالة موت دماغي سريري وشعاعي ولم يتشجع كثير من الأطباء يومها على القيام بأي عمل جراحي باعتبارهم بحسبِ جداول المعايير الطبيّة أنّه ما من إفادة بإجراء عمل جراحي والمؤشرات السريريّة والشعاعيّة ترجّح التوقّف الدماغي".


ويتابع: "تعرّض الدماغ جرّاء الحادث لحروق بعدما احتكت الخلايا العصبيّة بالإسفلت بطريقة مباشرة نتيجة تحطّم الجمجمة في شكل تام، ما أدى إلى انبعاث الخلايا الدماغيّة إلى الخارج، ناهيك بتعدّد أنواع النزيف الحاد وانتشاره على مستويات مختلفة العمق والخطورة، خانقاً العقد الجذعيّة والجهاز الجذعي النّباتي. ورغم هذا الضرر الجسيم لقد تمّ العمل الجراحيّ على مراحلَ أدّت إلى إنقاذ حياة المريض الذي استعاد تدريجاً حياة شبه طبيعيّة من دون أيّ أثر لضعف أو خلل يذكر في الجهاز العصبي".


ويختم: "إن إتمام هذا العمل بشكل متواصل ومترابط ومتكامل مختتماً بترميم حديث ثلاثي الأبعاد لقاعدة وسفح الجمجمة، يساهم في جعله إنجازاً بعيداً من جوّ الاستعراض الطبي لكون هذا الملفّ قد حثّنا على أخذ المبادرة بإجراء العمل الجراحيّ لأربع حالات أخرى مصابة بموت دماغيّ، وكانت النتيجة مطابقة تماماً مع نتيجة هذا الشاب، إذ تعافى الأربعة تماماً على الرغم من اختلاف أعمارهم التي تراوحت بين مطلع العشرين ومشارف التسعين عاماً".


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم