الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

سنة من دون رئيس...والمجتمع المدني الصامت الأكبر

المصدر: "النهار"
ف. ع.
سنة من دون رئيس...والمجتمع المدني الصامت الأكبر
سنة من دون رئيس...والمجتمع المدني الصامت الأكبر
A+ A-

"اليأس" و"الكرسحة" كلمتان تختصران معاناة المجتمع المدني مع الطقم السياسي الموجود في لبنان الذي يضرب بعرض الحائط الأسس الديموقراطية والدستورية في لبنان. عام مضى على الفراغ في سدة الرئاسة من دون ان يسعى النواب الذين يقاطعون جلسات انتخاب الرئيس لاعادة الحياة الى التراث السياسي الذي دفنوه في التمديد الأول والثاني وأقاموا "صلاة الاربعين" عليه بعدما عطلوا جلسات انتخاب الرئيس. لم يقف الحراك المدني في شكل عام والمسيحي في شكل خاص متفرّجاً امام هذا الواقع، بل قام بحركات متعددة لعلّ ابرزها "حملة البندورة" ضد التمديد، لكنه لم يفلح بسبب الاصطفاف السياسي الموجود، ومجلس النواب "المشلول" من الخارج بأدوات داخلية، وعدم وجود تنظيم لهذه الحركة الشعبية، وأيضاً لفقدانه اي أمل في التغيير بعدما فشلت بكركي والسفارات الاجنبية بتحقيق ذلك اقله في ملف انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية.



يأس شعبي كبير
عميد كلية الاعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية الدكتور جورج صدقة عللّ تراجع الحراك المدني بيأسه من تحقيق اي شيء على صعيد الملفات المهمة ولعلمه انه غير قادر على التغيير بعدما فشلت، مثلاً، بكركي وما تمثله في الضغط لانتخاب رئيس. وقال لـ"النهار: "هناك نظام حاكم في لبنان أقوى من أي تكتل آخر يُمسك بالأمن والاقتصاد والقضاء ومؤسسات الدولة كلها، ومن الصعب خرقه في هذه الحالة". وأضاف:"الشباب اللبناني والنخب تعاني حال يأس كبيرة بسبب الفساد وتفكك الدولة وفقدان الثقة بها، والأمر لا يقتصر فقط على رئاسة الجمهورية، المشكلة في البنية داخل الاحزاب السياسية والطوائف التي لا احد يقدر على كسرها". واعتبر صدقة ان التدخل الخارجي في لبنان سبّب لدى الحراك المدني يأساً كاملاً في القدرة على احراز اي تغيير إذ إن "اللبنانيين يشعرون أن هناك شيئاً فرض عليهم من الخارج، ومن يحاول ان يغيّر يضعوه خارج المعادلة السياسية، كما حصل في ايام الوجود السوري ويحصل اليوم مع الوضع الجديد القائم حالياً، واي محاولة تغيير امام هذا الواقع لا يمكن ان تكون الا "تنفيسة" من دون القدرة على تحقيق تغيير حقيقي".



عدم وجود تنظيم
من جهته، رفض الوزير السابق زياد بارود مقولة الحراك المدني المسيحي، قائلاً:" افضل الحديث عن حراك مدني لبناني لا طائفي، فإما مدني او طائفي، والمجتمع اللبناني ككل مأزوم منذ وقت طويل نتيجة مشاكله الداخلية والديموقراطية والمالية". ويسأل:"هل المطلوب من المجتمع المدني ان يحلّ محلّ المؤسسات الدستورية، بالطبع لا، فالمطلوب هو ان يشكل قوة ضغط في اتجاه انتخاب رئيس، وهذا ما قام به حتى الساعة، لكنها لم تكن كافية وخجولة لأسباب متعددة، أبرزها بنية هذا المجتمع والاحباط الذي اصيب به بسبب عدم قدرته على التغيير".
واعتبر بارود ان "المطلوب من المجتمع المدني أن يكون لديه وعي اكبر للمشكلة الراهنة، لان البعض لا يعتبرها كبيرة، وتالياً هناك حاجة إلى وجود حالة تنظيمية تؤمن قدرة تفاعل أكبر، وخروج المجتمع من الاصطفافات الطائفية والحزبية التي تعطل إمكانات التغيير".
تراجع قدرة المجتمع المدني الذي انتفض عام 2004 ومهّد لـ"ثورة الأرز" في عام 2005، عزاها النائب السابق سمير فرنجية الى الصدمة التي أصابت اللبنانيين بسبب تأخر انتخاب الرئيس، واعتبر في حديث إلى "النهار" أن "اللبنانيين تفاجأوا بتأخر انتخاب الرئيس من جهة، وبتوقف الحوار بين"حزب الله" و"المستقبل" او بطئه من جهة ثانية، واعتبروا ان الاوضاع متجهة نحو الأسوأ". ولم يفقد فرنجية الامل بقدرة الحراك المدني على الاضطلاع بدور مهم في هذه المرحلة وتحديداً بعد كلام الامين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله بالامس عن ضرورة ان تكون الدولة هي الحامية الوحيدة للبنان. وأوضح ان "المجتمع المدني في امكانه ان يؤدي دوراً مهماً في هذه المرحلة الحساسة من خلال حماية لبنان عبر الضغط لانتخاب رئيس ومنع تفاقم الفتنة المذهبية، لكن حراكه يجب أن لا يكون "فشة خلق" انما ان يوسع هدفه وان لا يحصره بمطلب واحد مقطوع الرأس، وهكذا باستطاعته ان يحقق ما فعله في "ثورة الارز" في 2005".



"المجلس مكرسح"
الطبيب النفسي شوقي عازوري اعتبر ان كلمة "اليأس" قد تكون الوصف الانجع لحال المجتمع المدني في لبنان. وقال لـ"النهار" إن "الحراك المدني مصاب بيأس كبير لانه يعلم مسبقاً ان تحركه غير قادر على التأثير في ملف الرئاسة لأن  المجلس النيابي "مكرسح"، فالتحرك في هذه الحال ليس ذا معنى، وخصوصاً ان مؤسسات فاعلة كبكركي والسفارات الاجنبية لم تؤثر في شيء".
واعتبر ان "مشكلة المجتمع المدني تكمن في معرفته بعدم امتلاكه واحداً في المئة من الامل في التغيير، لأن التغيير وتحديداً في ملف الرئاسة خارجي لا داخلي وهذا ما يمنعه من الحراك. وجميعنا في لبنان واقعون في هذه الهوة ولا نعلم كيف نخرج منها لأن القرار ليس في أيدينا بل عند النواب والقوى الخارجية التي ضربت بعرض الحائط التراث السياسي اللبناني". لكن رغم تفشي اليأس في المجتمع اللبناني، لا يستبعد عازوري ان "ينعكس هذا الشيء ايجابياً عليه"، ويضيف:"طول امد حالة اليأس قد ينعكس ايجاباً على الشخص، لأن اليأس يسمح للانسان بالاقتراب من نفسه أكثر، الأمر الذي يدفعه الى أخذ قرارات مصيرية قد تخرجه من ازمته بعد الانهيار الذي يتخبط به، ويدفعه في اتجاه الحلول".

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم