الأربعاء - 24 نيسان 2024

إعلان

شارل رزق باحثاً سياسياً لـ"النهار": زالت دولة لبنان النداءات إلى النواب لانتخاب الرئيس... مُضحِكة!

ايلي الحاج
A+ A-

بعين ثاقبة يتفحص أوضاع لبنان والمنطقة حوله من قرب ومن بعد، يقلّبها مراراً، يقارن بين ماضٍ وحاضر ويخرج باستنتاجات قاطعة، بقواعد تحكم الفوضى الظاهرية المتحكمة في بلادنا.


يقرأ كثيراً ويكتب شارل رزق كباحث سياسي. وقد تكون هذه الصفة ألصق به هذه الأيام من صفة وزير سابق للعدل أو رجل سياسة، عرف جيداً دروبها السرية وكواليسها وتابعها من أيام الرئيس فؤاد شهاب. ينطلق في قراءته للجمهورية اليوم من ثابتة أن رئيسها منذ "اتفاق الطائف" صار معيّناً من رئيس جمهورية سوريا وانتخابه "صُوَرياً فولكلوريا". حاول الرئيس رفيق الحريري الخروج على هذا الواقع الذي كان مفروضاً ورأينا النتيجة. ولطالما تباهى الرئيس السوري بأنه صاحب القرار والأمرة في لبنان. في المقابل لم يبدِ الرؤساء اللبنانيون المُعيّنون خجلاً بتعيينهم على هذا النحو.
تغيّر الوضع اليوم. فَقدَ الرئيس السوري قدرته على تعيين الرئيس اللبناني، لا بل صار هو - الرئيس السوري- تابعاً لإيران ما دام مديناً لحكامها وجيشها و"حرسها الثوري" ببقائه في موقعه. لكن إفلات القرار اللبناني من يد الرئيس السوري لا يعني أنه صار تلقائياً في يد إيران. فهذا القرار توزع بين إيران والسعودية، خصوصاً بعد تنشيط المملكة سياستها الخارجية أخيراً، على ما نرى في اليمن والبحرين وسوريا والعراق، وفي لبنان بطبيعة الحال.
هذا هو الواقع المؤسف. في ضوئه، ألا تبدو مضحكة النداءات التي تُوجّه إلى النواب، تستعجلهم انتخاب رئيس للجمهورية، وهُم آخر مَن يُقرّر؟
بأسى ولكن بحياد يقطع شارل رزق بأن لبنان فقدَ مقومات الدولة. أولى هذه المقومات المفقودة العيش المشترك في ظلال سلطة واحدة تنحصر فيها سلطة توفير الأمن الداخلي والأمن الخارجي. هل هناك أكثر من أن يعلن "حزب الله" حرباً خارج الحدود والحكومة لا تعلم عن ذلك شيئاً، بل تنشغل ببقائها وبقانون سير السيارات و...؟ ثانية هذه المقومات حصر اتخاذ القرارات بأكثرية سياسية برلمانية تشارك فيها كل الطوائف وتنبثق منها الحكومة. ثنائية الموالاة والمعارضة المشتركتين على هذا النمط استمرت في لبنان حتى نهاية الستينات من القرن الماضي. بزوالها زالت الدولة، في رأيه.
كل شيء اليوم يسير في الإتجاه المناقض لوجود الدولة. عندنا جيش خاص، مستقل، وهو أقوى من الجيش الشرعي، الرسمي. يُلاحظ حيال هذا الواقع أن الحكومة تتلهى بإطالة سن تقاعد قائد الجيش – أطال الله في عمره. "هل أذكّر بأن سن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي إيزنكوت هو 54 سنة فقط؟"، ثم إن الكتل السياسية في لبنان لا تنطبق عليها هذه التسمية. "هذه كتل طائفية: سنّية، شيعية، مسيحية. يعني ذلك التنازل عن اعتبار لبنان دولة والإعتراف بأنه مقاطعات أو مستعمرات، إيرانية، سعودية، و... الله أعلم!".
يتابع الباحث - السياسي: لا مستقبل للبنان كدولة إلا بالخروج من البنية السياسية الراهنة والقائمة على ثلاث مقاطعات طائفية، ولكن يستحيل على قوى الداخل التي بنت حضورها أو نفوذها السياسي على تبعية إقليمية أن تتحرر منها. ينطبق ذلك على كل الكتل.
يزيد الصورة سواداً أن المرجعيات الإقليمية غارقة بدورها في الصراع السني - الشيعي المحموم. هذا الشرخ الكبير في المنطقة سوف يعززه الإتفاق النووي الإيراني- الأميركي لأنه يتضمن اعترافاً بأن إيران صارت "دولة العَتبَة النووية"، أي على عتبة إنتاج القنبلة الذرية ساعة تشاء إن لم تكن قد أنتجتها بعد. في المقابل سوف تتصاعد مخاوف السعودية وتدفعها إلى السعي للحصول على سلاح نووي بالتنسيق مع باكستان. وتركيا أيضاً قد تفعل الشيء نفسه.
أتمنى أن أكون مخطئاً، يختم شارل رزق، لكنني أقرأ في الوقائع.


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم