الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

فتَشبَّهوا...

الياس الديري
الياس الديري
A+ A-

المشهور عن أبي مُضر أنه كان يطوف بالناس ناصحاً المتهوِّرين بالعد إلى العشرة، فالعشرين، فالمئة إن تطلّب الأمر قبل الاندفاع إلى المغامرة والمجهول.


وله في هذا الحقل بَيتُ من الشعر صُنِّف في خانة الحِكَم المعلّقة في مواقع ذوي الألباب عصراً بحاله. فيقول في معرض النهي عن التهوّر: فتَشبَّهوا إن لم تكونوا مثلهم، إن التشبُّه بالكرام فلاحُ.
ويقول الكاتب والروائي المصري نجيب محفوظ في إحد عجالاته الأخيرة: إن العرب يندفعون لخوض حروب مرتجلة تدمّر العالم العربي، وتحول دون تطوّره وتحديثه، نيابة عن متربّصين بهم، وإسرائيل في الطليعة...
الدعوة الانفعاليّة لإعادة النظر في قانون الانتخاب، وتعديل بعض نصوص دستور الطائف، و"تطعيم" النظام الديموقراطي البرلماني بإضافات مرتجلة، فسّرها العقلاء والمتبصّرون بأنها محاولة لاستدراج الوضع اللبناني الهشّ إلى "مؤتمر تأسيسي"، لا يختلف في جوهره عن إعلان مسلسل جديد من حروب الآخرين، وحروب الأخوان، والحروب الأهليّة...
قرأت كلاماً منسوباً إلى وزير الداخليّة نهاد المشنوق الذي يزن كلامه وآراءه بدقّة يصف فيه دور الرئيس نبيه برّي، المواكب بعناية متناهية للعناوين والتطوّرات السياسيّة الحساسة في لبنان، أنه على قدر عال من المسؤوليّة والوطنيّة لمنع تورّط لبنان في أزمات المنطقة، والحؤول دون انتقال الحرائق القريبة إلى حضنه.
كلّ مَنْ يعرف رئيس مجلس النواب عن كثب يقول قول الوزير المشنوق، ويثني عليه، وقد يضيف أن وجود نبيه برّي رئيساً للمجلس في هذه المرحلة العربيّة التي لم تعرف المنطقة لها مثيلاً قد ساهم إلى حدّ كبير وبعيد في إبقاء بلد التعدّدية والتناقضات والتشابكات مع الخارج بمنأى عن الجحيم الذي يلتهم الناس قبل الأبنية والأخضر واليابس من حولنا وحوالينا.
من هنا يُنظر أيضاً إلى الجولة الدوليّة التي قام بها الرئيس سعد الحريري، وشملت عواصم الدول الكبرى ذات التأثير الفعّال في الغرب كما في الشرق.
لقد أتاحت هذه الجولة فرصة لحامل هموم لبنان في حلّه وترحاله كي يشرح للرؤساء، وكبار المسؤولين، وجميع المعنيّين بأحداث المنطقة العربيّة، أهميّة مساعدة هذا اللبنان، أو هذا النموذج النادر في "شرق أوسط يكاد يصبح من لون واحد" كما يرى وليد جنبلاط، ودعمه بكل وسائل الحماية والنأي.
وتكراراً نعود هنا إلى قصة دموعٍ أندلسيّة لا تُنسى.
فبعد ضياع غرناطة آخر معالم الأندلس، وجدت الأميرة عائشة الحرة ابنها عبدالله الصغير ينتحب، فقالت له: إبكِ مثل النساء مُلكاً مضاعاً لم تحافظ عليه مثل الرجال. ولكن، هل من دموع في مآقي الذين يدفعون لبنان نحو الضياع؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم