الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

جسر الشغور... الرئاسي!

المصدر: النهار
بقلم زياد بارود
جسر الشغور... الرئاسي!
جسر الشغور... الرئاسي!
A+ A-

بعد أيّامٍ قليلة، "يحتفل" لبنان والعالم بالذكرى السنوية الأولى لعدم انتخاب رئيسٍ على الجمهورية. ومن المتوقّع أن تعمّ الاحتفالات مواقعَ مختلفة (في ما بينها) وإنما متفقة على استنكار الفراغ، تماما كما استنكار "النكبة" و"النكسة" وباقي أشكال التقهقر والتراجع والانهزام. أما أبناء الرعية اللبنانية وبناتها، ففي حيرةٍ من أمرهم. هم لا يدرون ما إذا كان عليهم الاستعداد، منذ الآن، لابتهالات الذكرى السنوية الثانية الآتية، على ذمّة الراوي وبهمة المتروّي، أو ما إذا كان يتعين عليهم أن يجهشوا في البكاء على فخامة الفقيد، موقع الرئاسة، الذي لم يتمّم بعد واجباته الوطنية والذي ينعاه، كل يوم، من يريده شهيد لبننة الاستحقاق بعد الوصاية، أو بلقنة المنطقة بعد الرواية، لا فارق...


في أي حال، ثمة قاتل محترف وقنّاص ماهر يطلق في كل يوم من أيام الشغور رصاصاتٍ إضافية في قلب الموقع. رصاصةٌ من نوع أن "البلد ماشي" مع رئيس للبلاد أو من دونه. ورصاصةٌ من نوع الإيحاء بأن مؤسساتنا الدستورية، مجلساً نيابياً وآخر وزارياً، لا يهزّ استقرارهما الميمون وانسياب أمورهما المعهود شغورٌ في الرئاسة، الموقع الأول في الدولة وفي دستورها. قاتلٌ محترف يتفنّن في سيناريوات المؤتمرات التأسيسية في زمن هدم الهيكل، وكأنّه لم يفهم بعد أن "لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك"، وأن هذه الأحرف الذهبية الحبر والمضمون تضع شرعية السلطة فوق تسلّطها العابر قوةً أو ظرفاً أو صراخاً...


عشية هذه "الاحتفالية" عندنا، المثيرة للسخط والغضب والقرف والانتفاض، هناك، عند جسر الشغور في سوريا النازفة، مفترقٌ يقال إنه مفصلي في الأزمة. وهنا، عند جسر الشغور الرئاسي مفترق هو مفصلي أيضا في الأزمنة اللبنانية المأزومة. جسر شغورنا الرئاسي الممتدّ بين ضفّتي أيار 2014 وأيار 2015، دونه تيّارات جارفة تأخذ معها الأخضر واليابس ولا شاطئ أمان. وعلى مَقلَبَيه، ضحايا كثر من المقبلين إليه. جسر شغورنا الرئاسي مشروع غرق إلاّ إذا...


عندما كانوا "يعبرون الجسر في الصبح خفافا"، كانت أضلع خليل حاوي ومرسيل خليفة تمتدّ لهم "جسراً وطيد، من كهوف الشرق، من مستنقع الشرق إلى شرق جديد". أين أضلع اللبنانيين ممّن وُلّوا الأحكام تمتدّ لعبور جسر شغورنا الرئاسي اللامتناهي؟ أم إن الإحكام (بكسر الهمزة) على لبنان يبدو أسهل من دون رأس؟!


الذكرى الأولى من دون رأسٍ على الدولة تشبه احتفاليات 13 نيسان السنوية المضنية والمحبطة وغير المجدية: الجلاّد جلاّد والضحية ضحية ولا مسؤولية ولا مساءلة ولا اعتبار...
لا للذكرى. نعم للعبرة!


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم