الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

الفرصة الأخيرة

امين قمورية
A+ A-

مؤتمر "جنيف 1" السوري خلص الى وثيقة ظلّت حبرا على ورق، و"جنيف 2" انتهى قبل ان يبدأ، ومقدمات "ورشة حوار جنيف" لا توحي بنتيجة أفضل، اذ يبدو عبثا تغيير العقلية السياسية للسوريين بكل تلاوينهم السياسية والطائفية.


هذه المرة يذهب "الائتلاف" و"هيئة التنسيق" و"لقاء القاهرة" وما لف لفّها من معارضات الى المدينة السويسرية مستقوية بالتقدم الميداني الذي أحرزه ندّها المتطرف "جبهة النصرة" في ادلب وجسر الشغور، وآملة في أن تتدحرج "الانتصارات" نحو اللاذقية ودمشق، فعادت الى نغمة: كل السلطة للمعارضة، والاسد الى البيت او الى المحاكمة.
وفي المقابل، لايزال النظام يعيش في حال انكار للواقع، لا يعير التغيرات الاقليمية المتسارعة التي باتت تصب في غير مصلحته اهمية، ولا يعتبر التطورات الميدانية سوى زوبعة في فنجان لا تلبث ان تخمد. ويراهن كالعادة على عامل الوقت أملاً في ان يعيد عنف الارهاب والتطرف فتح أبواب العواصم الغربية والعربية الموصدة في وجه دمشق. كما يراهن ضمناً على فشل "عاصفة" التحالف العربي في اليمن عل ذلك يقلب الموازين في اتجاه ريحه.
"الائتلاف" و"التنسيق" وما شابههما من معارضة معتدلة، ضباط من دون جنود في الميدان، والارجح ان رهانها على زحف المتطرفين الذين يدينون بالولاء لـ "القاعدة" او الدولة الاسلامية" على معاقل النظام، هو اشبه برهان "المجاهدين" الافغان على المتطرفين الذين مهدوا الطريق لحكم "طالبان" بعد فترة قصيرة من سقوط نظام نجيب الله في كابول. وهذا حتماً ليس في مصلحة "المعتدلين" ولا المعارضة الوطنية ولا في مصلحة سوريا وشعبها والمنطقة برمتها.
وفي المقابل، لم يستطع النظام في ذروة قوته العسكرية وبطشه وفي عز تحلق الحلفاء حوله اثناء المعركة المستمرة منذ اربع سنوات وفي ظل تشرذم خصومه، من الاحتفاظ بنصف مساحة سوريا تحت سلطته، فكيف الحال في ظل احباطاته العسكرية المتلاحقة، ومع توحيد الجهود العسكرية لبعض المعارضات المتشددة، وبعد قيام تحالف عسكري يضم دولاً عدة يناصبه العداء ويتوعده بمصير أسود؟
ولا شك في ان أي انهيار سريع للنظام في ظل عدم وجود بديل وطني وعدم وجود حاضنة اقليمية ودولية سيكون بمثابة الكارثة أيضاً ليس فقط للاقليات التي لم تجد حتى الان أمناً وأماناً في سلوك أي من المعارضين، انما أيضاً لسوريا نفسها ولنسيجها الموحد.
لذا فان التوازن الميداني والسياسي الذي صار واقعاً اليوم، ربما جعل "جنيف" الثالثة فرصة مثالية واخيرة لانقاذ سوريا من الاسوأ... ولكن هل ثمة اقتناع أصيل لدى أي من الاطراف السوريين بقبول الآخر شريكاً؟ والأهم هل يريد الرعاة الخارجيون فعلا خلاصاً لسوريا؟


[email protected]

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم