الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

لماذا ذبح يحيى أمه في برج حمود؟

المصدر: "النهار"
أسرار شبارو
أسرار شبارو
لماذا ذبح يحيى أمه في برج حمود؟
لماذا ذبح يحيى أمه في برج حمود؟
A+ A-

تستلقي على السرير تنتظر عودته، فدخل عليها حاملاً سكيناً، وبدأ طعنها، ذبحها من الوريد إلى الوريد، وحين همّ ابن أخيه لإنقاذها طعنه هو الآخر، لم يكن يدري ما يفعل. وحين استيقظ مما هو فيه، وأدرك ما اقترفه، حاول الانتحار فرمى بنفسه من شرفة منزله في الطبقة الثانية، لم يمت، وقف وبدأ يصرخ "قتلت أمي أنا قتلت أمي، يا ناس استفيقوا انا قتلتها، اقتلوني".
هي لحظة تخلٍّ دفعت يحيى البلشة إلى طعن أمه التي حملته على يديها وأمسكت بيده كي تعلمه السير والكتابة ومواجهة الحياة، من دون أن تتوقع ولو للحظة أن يحمل في هذه اليد سكيناً ويبدأ طعنها، وهي طريحة الفراش لا تقوى على المواجهة.
في كامب طراد في برج حمود، سكن يحيى ووالدته وابن شقيقه، في منزل صغير داخل مبنى من الطراز القديم، عاش الثلاثة في جو من الحب والدفء الكبير، قبل ان يحوّل إعصارُ غضب يحيى المكان الى دماء تسيل في كل مكان.


ما الذي حصل؟
الحاجة فاطمة نعيم، ابنة الثمانين عاماً سلمت الحياة على يد ابنها، سبع عشرة طعنة من حبيب ورفيق وابن كان هو الحافظ الأمين لها، يطعمها ويغسلها ويسهر على راحتها، كونها عاجزة عن الحركة منذ اكثر من عامين، لكن ما الذي حصل ودفعه إلى ارتكاب هذه الجريمة، سؤال كبير يطرحه جميع من عرفه.
"النهار" قصدت الحي الشعبي الذي ترعرعت فيه عائلة آل بلشة، شبه هدوء يعمّ المكان الذي تتلاصق أبنيته الى درجة التلاحم، تماماً كالجيران الذين يبدون تلاحمهم وتعاطفهم مع بعضهم ومع ابن جيرانهم، فحتى لو ارتكب جريمة هم يبحثون عن اعذار له. صوت الآيات القرآنية يدل قاصده الى منزل يحيى حيث العزاء، بعض من نساء ورجال يجلسون في غرفة الجلوس. شقيقه علي رفض الحديث قبل ان تُبيّن نتائج التحقيق الدوافع وراء الجريمة مؤكداً ان "يحيى كان خارج المنزل في تلك الليلة، عاد راكضاً وهو يصرخ "ساعدوني هناك مجموعة من الشباب تلاحقني، تريد قتلي، ليرتكب بعدها جريمته". وأضاف: "كان حنوناً على والدته وهو من ربى ابن شقيقه، يجب معرفة ما حصل معه في الخارج لانه السبب وراء ما اقترفه داخل المنزل".


يحيا لأجلها
سكان الحي مصدومون، كيف يمكن تصديق أن يقدم يحيى على طعن من سهر على راحتها كما سهرت هي على راحته وهو طفلاً حيث قالت إحدى الجارات لـ"النهار": " ما حصل لا يمكن أحداً أن يستوعبه، فحب يحيى لوالدته كبير وكذلك لابن أخيه، فهو من ربى الصغير واهتم بالحاجّة، حتى إنه بقي أعزب كي يخصص وقته لها، لم يفارقها ثانية، كان يرفض ان يطعمها او يهتم بها غيره"، وأضافت "اعتقد ان احتساءه الكحول افقده عقله للحظات، ارتكب جريمته وحين عاد الى وعيه، تأثر جداً وها هو اليوم في المستشفى يصرخ طالباً أن يلحق بوالدته، فهو يحيا من أجلها واليوم فقد سبب وجوده في هذه الحياة".



ليس حقداً
أشقاء يحيى ( ثلاثة شبان وفتاة متزوجة، تقيم في السعودية) بحسب أحد اقاربه "متأكدون أن ما قام به شقيقهم ليس حقداً وعن وعي بل لحظة تخلٍّ، وبقدر حرقتهم على والدتهم هم محروقون على أخيهم، وينتظرون مرور أسبوع على وفاتها كي يواجهوه، لمعرفة دوافع جريمته".
في محل صنع الأحذية حيث يعمل، تحدث زملاؤه عنه بكل خير "شاب محترم لا يضايق أحداً، فهو في حاله، كنا نعمل سوية قبل ارتكابه الجريمة فجر يوم السبت الماضي، كان عادياً ولا شيء يوحي بأن كانت لديه نيات عدوانية". جاره أبو جورج وصفه بأنه "رجل مرتب، محترم، لا يتدخل في شؤون أحد، ليس جباناً وليس شخصاً يحب المشاكل، فعلاً إلى الآن لا أصدق ما حصل".


خيانة سيفها!
غادرت الحاجة فاطمة (ابنة الجنوب) الحي الفقير، الحي الذي ربت فيه أولادها، وأحبها جيرانها فهي" الوالدة المؤمنة التي لم تؤذِ يوماً أحداً، والتي كرست وقتها لترى أولادها يشبّون أمامها، رجالاً يقفون الى جانبها حين تغدرها الحياة، فكان يحيى سيفها الذي واجهت فيه خيانة الزمن لها حين أقعدها في فراشها، لكن هذا السيف كان أمضى من الجميع عليها، فقد كانت طعناته قاتلة".


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم