الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

تعليق - إيّاك ان تبتلّ بالماء

سناء الجاك
A+ A-

الجنرال ميشال عون غارق في همّه هذه الأيام. هو خائف لأن الاشارات والتحولات تدل على أنه سيطلع من الموسم بلا رئاسة جمهورية ولا تعيين الصهر رقم 2 قائداً للجيش.
فعلاً همّه كبير، لذا يسعى إلى مقابلة شخصية مع الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله حتى يبحث وإياه في ايجاد مخرج لملفّ التمديد للقادة الأمنيين وليس ليطلب منه وبكل رجاء أن يتدخل ويحقق له مبتغاه. وذلك بعد فقدان التلويح باستقالة وزرائه من الحكومة فاعليته، كما أن نقل معركة الصهر رقم 2 بتفاعلاتها الى البرلمان دونها محاذير بدأت تتجلى مع تسريبات عن توتر خفي في علاقة عون برئيس مجلس النواب نبيه بري الحامل غضبه هذه الأيام على الجميع.
ولأنها اذا لم تكبر لن تصغر، وعلى أساس أن اللقاء بين عون ونصر الله سيكون للبحث وليس للشكوى والتظلم والطلب من جانب عون، عسى أن يرقّ قلب نصر الله ويحسم الأمور لصالح حليفه، وتحديداً لحفظ ماء وجه هذا الحليف الذي لا يستطيع أن يُمِرّ التمديد ويقبل بخسارة فرصة تعيين العميد شامل روكز على رأس المؤسسة العسكرية خوفاً من البهدلة والشماتة، ما يعني تلقائياً أن انتخابه رئيساً ليس وارداً عند الحزب الذي يسمح أو لا يسمح للجنرال بتحقيق أيٍّ من اهدافه.
على رغم التلويح العوني بأن عدم تلبية مطالب الجنرال يعني قلب طاولة مجلس الوزراء أو غير ذلك من الخيارات التصعيدية لأنه لا يحتمل خسارة قيادة الجيش ورئاسة الجمهورية في وقت واحد، الا أن الواقعية تفرض حسابات أخرى يتبناها "حزب الله" انطلاقاً من مصلحته التي تفرض بقاء هذه الحكومة، تماماً كما تفرض مواصلة حواره مع "تيار المستقبل" على رغم حفلات الكباش على الخلفية اليمنية في ما بينهما، ما أثار استياء عون وحفزه على طلب اللقاء مع نصر الله لحسم الامور اذا تمت تلبية الطلب، ومن ثم اذا استطاع خلال "البحث الندّي" الى هدفه سبيلاً.
لم يهمس أحد للجنرال أن الوقت غير ملائم لطلباته، وتحديداً مع طغيان "عاصفة الحزم" على إعادة الأمل في اليمن، ومع تصاعد حدة القتال الداخلي بين الأطراف اليمنيين، ما يضع إيران ومن خلفها "حزب الله" أمام مسؤوليات عسكرية لا يستهان بها، على رغم ادعاء مساعد العمليات في قيادة أركان القوات المسلحة الإيرانية العميد علي شادماني بأن "إيران تدعم الحوثيين بالاستشارات العسكرية والمساعدات المعنوية والإرشادات فقط لا غير".
ألم يخبره أحد أن مصير إيران في اليمن وتحقيق الانتصار لها أهم بكثير من جميع اللبنانيين لدى "حزب الله"، وليس فقط من الصهر رقم 2 وطموحه؟! عدا ذلك، ألم يتابع أخبار إعلام الممانعة الذي تحدث عن تعامل "إسرائيل باهتمام بالغ وشديد، مع أنباء استهدافها موقعاً عسكرياً سورياً في القلمون قبل أيام، رغم اقتصار المقاربة الرسمية على وزير الأمن، موشيه يعلون، الذي لمّح الى مسؤولية تل أبيب، من دون إقرار صريح بها"؟! ألم يستوعب دقة المرحلة، على رغم تسفيه إعلام الممانعة وتسخيفه للغارة الاسرائيلية، مستعيناً بعبارة "تعليقات قال ملأت الإعلام العبري في اليومين الماضيين، وجاءت في معظمها مشككة بجدوى استراتيجية توجيه ضربات جوية لسلاح "حزب الله" في سوريا"، انطلاقاً من "أنه حتى لو صحت التقارير المنشورة في الخارج عن هجوم إسرائيلي ناجح ضد شحنة صواريخ تابعة لـ"حزب الله" في سوريا، إلا أن المسألة لا تتعدى كونها نقطة في بحر السلاح الموجود لدى الحزب".
واذا كانت غارة اسرائيلية جديدة على مواقع للحزب في القلمون نقطة في بحر السلاح، فكيف بمطالب الجنرال التي يمكن قياسها بما هو أقل بكثير من النقطة في خضمّ المرحلة الراهنة التي يعيشها الحزب؟! ألم يتعظ الجنرال ويفهم أنه منخرط في محور لا يُؤمن جانبه، وأن في أمثولتي رستم غزالي وميشال سماحة درساً لمن يريد أن يفهم أن التخلص من الحليف أسهل بكثير من تصفية الخصم. الدليل امتناع الممانعة عن الادلاء بدلوها في النهاية المأسوية لهذين اللذين باعا نفسيهما لشياطين المحور.
فعلاً همّه كبير الجنرال، ولا سيما أن معاركه هذه الأيام ليست مع خصومه السياسيين وإنما مع حلفائه، الذي ألقوا به في بحر هوى الرئاسة ومطالب العائلة لإحداث التوازن بين الصهرين، وحيداً مكبلاً ومكتوفاً، ثم صرخوا به: إياك إياك أن تبتلّ بالماء.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم