الخميس - 18 نيسان 2024

إعلان

"أبو بكر البغدادي" وكيم كارداشيان في معركة البقاء؟!

شربل أبي منصور
"أبو بكر البغدادي" وكيم كارداشيان في معركة البقاء؟!
"أبو بكر البغدادي" وكيم كارداشيان في معركة البقاء؟!
A+ A-


"أبو بكر البغدادي" وكيم كارداشيان في نِزالٍ تاريخي. معركة البقاء. الاثنان سيفعلان المستحيل للفوز. البغدادي، وبقُدرةِ ساحر، أنشأ تنظيماً، أطلقَ لحيته، ونصّب نفسه خليفة ولكنّ أرض خلافته لم تُرسم حدودها بعد. كيم نفخت شفتيها، وحصّنت خاصرتها بمؤخّرة صلبة تتكسّر على صخورها أمواج الغزاة والحسّاد، أمّا الجهة الامامية فقد جُهّزت بمنظومتين دفاعيتين من نوع "القبّة الحديد" لاعتراض صواريخ الاعداء واستمالة الحلفاء، والداخل تحميه القوى المحلية الشعبية من أبناء البلد.


"أبو بكر البغدادي" بدا في حيرةٍ من أمره، كيف يهزم هكذا امرأة، وهو، لو لم يشدّ على نفسه للحظةٍ لكان قدّم لها الطاعة. تمالكَ الخليفة المزعوم نفسه، لبِس عباءته، وضع في معصمه ساعته، وأعدّ خطبته لإلقائها أمام مريديه، لكنّ ضحكات هازئة وأصواتاً مستهجنة تعالت في المكان، فعاد خائباً يقرأ خطبة الحجاج بن يوسف متحسِّراً على حظّه العاثر. طبعاً هذا لم يمنع من وجود مبايعين له قاربوا الخمسين ألفاً، يتأرجحون بين حاضرٍ نبذَهم وغابر زمان لن يعود، بين يابسة اضطهدتهم وبحر لفظَهم خارجه، فهاموا في صحراء اللامكان فأعياهم العطش واستبدّت الغشاوة بأبصارهم، فتبدى لهم السراب واحة. في هذه الاثناء، وعلى رغم أن كيم كارداشيان تنام على حريرٍ خدمةً لمشروعها التوسعي، غير أن الاستعدادات كانت تجري على قدمٍ وساق، فلا مجال للتلكؤ أو التراخي في هذا العالم الافتراضي، وخصوصاً في مواقع التواصل. فالحرب ضد الوقت، إذ إن خليفاتها يتحيّنّ الفرصة لإزاحتها عن العرش. لكنّ كيم سرعان ما تجري استفتاء حول شعبيتها (طبعاً لا نقصد هنا كيم جونغ أون زعيم كوريا الشمالية الأوحد!)، فتلتقط لها "سيلفي" وهي توجّه قبلة إلى معجبيها بشفتيها "الداعشيتين"، اللتين فاقت حصيلة ضحاياهما "البراميل المتفجرة" واستقطبا متابعين أكثر من فيديوات "داعش" الدموية، وتنزّل صورتها في حسابها الشخصي بموقع "تويتر" لتكرّ سبحة التغريدات بسرعة فاقت قدرة الموقع على استيعابها، وكلها عبّرت عن وفاء متابعيها وانبهارهم بشفتيها، حتى إن كثيرات من متابعاتها هرعن إلى عيادات التجميل في سبيل استنساخ هاتين الشفتين، علهما تنشلانهن من واقعهن الميؤوس والبائس وتفتحان لهن أبواب الشهرة، أو أقلّه "التلقط" بعريس وخصوصاً مع تزايد نسبة العنوسة (في لبنان نحو 70%). وإن لم يحدث هذا واقعاً، فافتراضياً، سينعكس ازدياداً في عدد المتابعين والمتلصِّصين لصفحاتهن في مواقع التواصل، مما قد يسدّ بعضاً من الفراغ العاطفي والنفسي وثقة متهالكة. لكنّ كيم لم تكتفِ بل أرادت إثارة البلبلة وشدّ عصب محبيها، فنشرت صورها عارية في مجلة paper وتحديداً "مؤخرتها" لتكون صورة الغلاف، فكان أن أحدثت عاصفة أين منها "عاصفة الحزم"، حتى إن مجلس الامن التأم في جلسة طارئة استثنائية لدرس تداعيات هذه الصور مقلّلاً من شأن النووي الإيراني .


طالَت مخلّفات عاصفة كيم محيطَ البغدادي ووصلت أصداؤها مسامعه في مخبئه، فدخل حسابها الشخصي بموقع "تويتر" فوجد أن عدد متابعيها ومبايعيها نحو 32 مليوناً، فيما عدد مبايعيه يتضاءل نتيجة الغارات والمعارك. وما زاد من خيبته أنها تقوم بذلك من التقاط الصور وإجراء المقابلات وتصوير المسلسلات وعرض الأزياء فتنهال عليها الأموال والشهرة ويزداد مبايعوها وحياتها نعيم، فيما هو يعيش مختبئاً، يتآكله الغبار والخوف، يستجدي الاموال ويفقد مبايعيه، وحياته جحيم. عندئذٍ لعنَ حظّه ألف مرّة وكره مَن غرّروا به وساقوه إلى طريق الضلال هذا، فقرّر حلقَ ذقنه وارتداء "توكسيدو" وفتح حساب له في "تويتر" باسم جورج (نظراً إلى إعجابه بجورج كلوني) وشراء منزل له في مانهاتن ولعب الغولف. وربما قد يصادف كيم في إحدى الحفلات فيبدي تقديره لها.


صفقَ الباب بقوّة، فاستفقْتُ من نومي مرتعباً. تباً، إنه الهواء اللعين. عليّ أن أصلح هذا الباب المهترئ وأضع له قفلاً جديداً. أغلقتُ شاشة "كمبيوتري" وحملتُ نفسي إلى غرفتي لأهنأ بدفء فراشي. غداً عليّ أن أنهض باكراً إلى العمل.

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم