الجمعة - 19 نيسان 2024

إعلان

أوروبا عاجزة امام مأساة المتوسط وتوقعات بارتفاع غير مسبوق للاجئين

المصدر: "النهار"
موسى عاصي
أوروبا عاجزة امام مأساة المتوسط وتوقعات بارتفاع غير مسبوق للاجئين
أوروبا عاجزة امام مأساة المتوسط وتوقعات بارتفاع غير مسبوق للاجئين
A+ A-

لن تكون مهمة زعماء الاتحاد الاوروبي في قمتهم الطارئة التي ستعقد غدا في بروكسيل لمناقشة قضية اللاجئين غير الشرعيين عبر المتوسط سهلة . وتقف الدول الاوروبية امام واحدة من أخطر الأزمات التي تهدد طبيعة وجودها عاجزة تماما عن استنباط الحلول لوقف تدفق اللاجئين. فهي محاصرة من جهة باصرار مئات الآلاف الذين يتحدون الموت يومياً في سبيل الوصول الى بر الأمان، وانتقادات لم تعد خافتة من رأي عام أوروبي ومنظمات اغاثة دولية تطالب الاتحاد باتخاذ خطوات "أكثر انسانية" ووقف التعاطي مع "مأساة المتوسط" من زاوية أمنية هدفها فقط الحفاظ على الحدود الاوروبية .


ومن الجهة الثانية، يتربص بقادة اوروبا الخوف من ارتفاع اعداد المتدفقين، المرتفع اصلاً، في حال شعر هؤلاء بمرونة واتباع الاوروبيين سياسة أكثر انسانية قاعدتها التدخل لانقاذ اللاجئين غير الشرعيين وليس لابعادهم عن الحدود.
وتتعقد المهمة الاوروبية مع ارتفاع أعداد الذين قضوا غرقا حتى اليوم الى 1727 (56 شخص قضوا في الفترة عينها من العام الماضي)، واستنادا الى هذه المقارنة ووفقاً لعملية حسابية للناطق باسم منظمة الهجرة التابعة للأمم المتحدة جويل ملمان ، فإن العدد قد يصل في حال استمرار الامور على هذا المنوال الى 90 الف قتيل حتى نهاية العام الجاري، مع توقعات بوصول اعداد طالبي اللجوء، ودوماً استنادا الى القاعدة عينها، الى أكثر من نصف مليون شخص.


أولويات أوروبا


وفي خطوة أظهرت مسبقاً سياق القمة الاوروبية غدا، اعلن في لوكسمبور عن بيان تضمن 10 نقاط لمواجهة الهجرة غير الشرعية، عبر اتخاذ مجموعة تدابير تهدف الى تعزيز العمليات المشتركة في البحر الأبيض المتوسط استنادا الى برنامج "تريتون"، والعمل من أجل توسيع منطقة العمليات البحرية لمواجهة و"تدمير السفن المستخدمة من المهربين"، والعمل على نشر فرق في إيطاليا واليونان لمعالجة مشتركة لطلبات اللجوء، مع الاشارة الى امكان استقبال اعداد قليلة من هؤلاء عبر "نقل حالات الطوارئ وتقديم عدد من الأماكن إلى الأشخاص المحتاجين إلى الحماية".
وكانت اوروبا، وتحت شعار عدم الايحاء للاجئين بالتساهل، قد تخلت في خريف العام الماضي عن برنامج "ماريناستروم" الذي كان قد تولى مهمتين، الاولى، مواجهة المهربين الذين يقومون بنقل اللاجئين، والثانية انقاذ من هم في حال الخطر بعد غرق مراكبهم، واستبدلته ببرنامج "تريتون" الذي تم حصر أعماله بمراجعة اعمال التهريب، ومنع اللاجئين من الاقتراب الى الحدود الاوروبية . لكن هذا البرنامج أخفق أمام اصرار اللاجئين على عبور المتوسط . ووقع العبء الأكبر على ايطاليا التي استقبلت العام الماضي 170 الف لاجئ من أصل 210 آلاف، وفي الدرجة الثانية تأتي اليونان ومن بعدهما قبرص ومالطا.
وتنتقد المنظمات الدولية اجراءات اوروبا وتطالبها بتغيير اولوياتها باتجاه استراتيجية تقوم على اساس انقاذ البشر أولاً، ولا ترى في السياسة الحالية أي جدوى في دفع طالبي اللجوء الى العدول عن مساعيهم "لا سيما وأن هؤلاء يفرون من دول مستوى الخطر فيها كبير جدا ويعتقدون أن في المخاطرة عبر المتوسط فرصة للهرب من جحيم حروب بلادهم".
واذ رحبت المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين بالخطة الاوروبية واعتبرتها "بداية جيدة" ، وجهت الى القمة الاوروبية غداً دعوة من أجل "تركيز النقاش على حماية الناس" . وشدد فولكر تورك مساعد المفوض السامي للامم المتحدة لشؤون اللاجئين في مؤتمر صحافي في جنيف "على ضرورة التأكد من أن عنصر اللجوء وعنصر حماية الناس يحظيان بالأولوية ضمن هذه الإجراءات".
ودعا "القيادة السياسية الأوروبية إلى تقديم رد مناسب مبني على المعايير الأوروبية الأساسية وحقوق الانسان والكرامة الانسانية والمسؤولية والتضامن فيما يبنها ومع العالم " .
وفي انتظار حل لهذه الأزمة الانسانية، اقترح رئيس لجنة الأمم المتحدة لحقوق العمال المهاجرين فرنسيسكو كاريون مِنا ، التعاطي مع هذا الملف من خلال سياسة أوروبية مختلفة تستند الى أولوية الحق في الحياة والصحة للبشر، سواء كانوا مهاجرين أو طالبي لجوء . وهذه الاولوية يجب أن تكون محمية من المسؤولين عن هذه البحار، وتوزيع المهاجرين على دول اوروبية حيث توجد فرص حقيقية للعمل، والعمل على الحد من قدرة المهربين على مواصلة اعمالهم "التي تتحول في كثير من الأحيان إلى العنف والاستغلال والموت".


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم